"التفتت إليه في فضول ، هل تراه ميّز ملامحها بين الجماهير؟ وهل يكون قد وقف على الاستنتاج نفسه؟ هل قرأ كلاهما مفردات اللغة نفسها، أم يتوهّم أحدهما أو كلاهما أنّه قد حاز الفهم؟.. وضع فراس كفّه على صدره وتنهّد ثم قال: الثّورة، يجب أن تبدأ ها هنا".. كلمات خطتها الكاتبة التونسية خولة حمدي في أحدث روايتها "أين المفر"، الصادرة عن دار كيان للنشر والتوزيع.
واختارت "خولة" الإبقاء على عنوان "أين المفر" وهو عمل روائي سابق لها، لم يتسن له بلوغ مرحلة النضج، و رغم ذلك تمّت قرصنته ونشره دون موافقتها، فأعادت نشره موضحة، "أن الهدف من إعادة كتابة الرواية هو القضاء على النسخة المزورة. العنوان المختلف سيسمح للمزور بالاستمرار، بينما العنوان ذاته سيجعل النسخة المزورة - الأولى - تختفى تدريجيا، وتحل محلها النسخة الجديدة، بعد أن يقع تزويرها بطبيعة الحال".
قالت "خولة" في تصريح خاص لـ"مصر العربية" إن رواية "أين المفر" عن الأحوال في تونس ما بعد الثورة، تتابع مجموعة من الشخصيات، فيهم من خدمتهم الثورة ومن كانت الثورة وبالا عليهم.
وأوضحت "خولة" أنها بدأت مشوار كتابة الرواية في سنّ السابعة عشر، مع رواية "الغرفة الزرقاء" التي حملت فيما بعد عنوان "أين المفر"، ونشرتها في البداية على المنتديات سنة 2006، ثم أصبحت نسخة مزورة تحمل "اسمي"، وقد غزت بسطات الكتب وصدّرت لبلدان عربية عدة، وأصبحت تطلب بالاسم من كبرى المكتبات.
وأشارت "خولة" إلى أن هذا ما دفعها لتقديم العمل، ولكن بصورة مختلفة تماما عن النسخة السابقة، حتى تسقط النسخة المزورة تمامًا.
عن نجاحتها المتتالية حيث أن الثلاث روايات السابقة لـ "أين المفر" لا تزال إلى الساعة تتصدر قوائم أعلى المبيعات في مصر، قالت خولة : الحمد لله حمًدا كثيًرا، بصراحة لم يكن النجاح متوقعًا في البداية، إذ كنت اتساءل دائمًا ما الذي يجعل اسمًا مجهولًا لكاتب مغمور ينجح في النشر في بلد غير بلده، ومن العمل الأول ليس من الممكن التنبؤ بذلك على الإطلاق، وبعد نجاح "في قلبي أنثى عبرية"، من الطبيعي أن نتطلع إلى نجاح باقي الأعمال.
وعن هدفها الذي تسعى له من الكتابة تحدثت "خولة" قائلة :هدفي من الكتابة هو فتح نوافذ جديدة في عقل القارئ العربي، وترسيخ الوعي بقضايا الأمة من خلال معالجة روائية، إن قراءة الكتب الجادة في مسائل بعينها قد تثير ملل القارئ الشاب وتحد من استفادته، لكن الرواية سهلة الاستيعاب بالغة الأثر، وآثارها تبقى في النفس وتترسب في الأعماق وتشكل الشخصية والوعي دون شعور من الفرد.
وأضافت "خولة" : أنا أعمل على مشروعي أدبي جديد بعد أن أنهيت روايتي الأخيرة، وهو عبارة عن رواية مستوحاة من قصة حقيقية، بدأت فيها قبل صدور رواية "أن تبقى" وانقطعت عنها لاصدار "أين المفر"، لأن موضوعها صعب ويحتاج وقت وتركيز.
ومن أجواء رواية "اين المفر" نقرأ:-
لو أنّ لها أن ترسم صورة مبسّطة عن حياتها، منذ وعت بها، لقالت إنّها سلسلة من الصّدمات. كلّ صدمة ترسم لها مسارا مغايرا وتبعث في وجودها معاني كانت في غفلة عنها. كان عليها أن تفتّش عن الصّدمة التّالية لتجد طريقها. كانت تمشي متلفّتة منتبهة لأبسط الأحداث، تبحث عن بوادر الصّدمة فيها.. وتتساءل: هل تصلح هذه بذرة لزوبعة تهزّ أركان حياتها الرّتيبة؟ وكلّما هيّئ لها أنّ الصّدمة آتية، تشبّثت بها وقالت ها هي ذي! لكنّها سرعان ما تشيح عنها حين تجدها عقيما من دوافع التّغيير. مَثلها في ذلك كمثل صيّاد يصطاد السّمكات ثمّ يلقي بها في البحر، يترقّب سمكة أكبر. حتّى وقفت ذات يوم وقالت: هذه صدمتي، هذه أكبر!
يذكر أن الكاتبة التونسية خولة حمدي درست الهندسة، وتعمل أستاذة جامعية في تقنية المعلومات بجامعة الملك سعود بالرياض، وهي حاصلة على دكتوراه فى بحوث العمليات "أحد فروع الرياضيات التطبيقية" من جامعة التكنولوجيا بمدينة تروا بفرنسا سنة 2011، صدر لها روايتها الأولى عام 2012 تحت عنوان "فى قلبى أنثى عبرية" والتى لاقت نجاحاً كبيراً فى العالم العربى، ومازالت تتصدر قائمة الأعلى مبيعًا حتى الآن، كما صدر لها رواية تحت عنوان "غربة الياسمين"، وكانت آخر روايتها "أن تبقى".