في الدول العربية.. البارود يسرق فرحة عيد الفطر

جانب من قصف الاحتلال قطاع غزة

لم يغب "البارود" عن البلدان العربية، حتى في عيد فطرهم، فالرصاص والانقسام والحرب باتت عنوانا ليوميات المواطن العربي، خصوصا في سوريا واليمن وليبيا والعراق..

 

فرغم طقوس وشعائر عيد الفطر الموحدة لدى المسلمون، إلا أن فرحة العيد تختلف من بلد ومن مكان لآخر، حرب ضارية في حديدة اليمن، وجوع في صنعاء، وفرحة بطعم الدم في سوريا، وقتال في درنة وجنوب ليبيا، واحتجاجات في الأردن، وحزن وفقر في بلاد اللجوء السوري..

 

قديما كان للعرب طقوسهم الخاصة التي كانت تميزهم عن باقي الدول الإسلامية في أعيادهم، لكن ومع انتشار الفقر والقتال والانقسام السياسي بات للعرب طقوس جديدة، تكتسي غالبيتها باللون الأحمر "الدماء"، فلا يكاد تمر مناسبة أو عيد إلا وتتصدر الأحداث العربية عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية، بين قتيل وجريح وتفجير وحريق..

 

الدول العربية في عيد الفطر هذا العام تشهد واقعا أليما، بسبب استمرار الحروب والقتال والصراعات السياسية..

 

ففي سوريا، غيب البارود وروائحه الكريهة طعم فرحة العيد، فالشعب السوري بعد 8 سنوات من الحرب، فقد خلالها أهم حقوقه واحتفالاته بفرحة العيد، لم يعد له سوى المقابر لزيارة ذويه..

 

أيضا، اللاجئون السوريون في بلاد الجوار يعانون، فمن الموت إلى الموت، عبارة رسمتها معاناة اللاجئين السوريين قرابة 8 سنوات قصف وقتل ودمار ودماء لم يعد لها ثمن، مشردون مزقهم الحصار واغتالتهم الأمراض، وباتوا مطاردون في كل مكان.

 

لاجئون سوريون في لبنان

 

فبعد سنوات من الحرب والدماء، وهربا من رصاص بشار الأسد، ونيران المعارضة، لجأ آلاف السوريين إلى دول عربية وغربية مجاورة بحثا عن عيشة آمنة، وحياة مطمئنة، لكن بعض الدول أبت أن تحقق أحلامهم، فوجدوا أنفسهم مرحلين قسرا أو عالقين قهرا أو مطرودون و مهانون، فلم يشفع لهم جراحهم، أو دموع أطفالهم، أو نحيب نسائهم وشيوخهم، فباتوا عرضة للإهانات اليومية.

 

غالبية الأسر السورية اللاجئة، فرت إلى تركيا والأردن ولبنان ومصر، وبعض البلدان العربية والغربية، لكن القدر أراد أن يعاني هؤلاء اللاجئين، فتزامنا مع احتفالات المسلمون بعيد الفطر المبارك، تعاني آلاف الأسر السورية اللاجئة في غالبية مناطق لجوئهم

 

أم دعاء، سيدة سورية تعيش في مصر، أبت ذكر اسمها كاملا واكتفت بذكر، أم دعاء، بدأت حديثها لـ"مصر العربية" قائلة: الأوضاع هنا صعبة للغاية، لا نعرف طعم فرحة العيد بسبب اللجوء في بلاد الجوار، العيد عنا في سوريا كان له طعم جميل، والآن حرمنا منه.

 

وأوضحت السيدة التي كانت جالسة أمام أحد المساجد: الشعب المصري من أفضل الشعوب، أكرمنا ووقف بجانبنا، لكن هناك أيضا من يشعرنا بالاضطهاد، وهناك من يعاملنا على أننا مواطنون من الدرجة الثالثة بلا أي حقوق، حتى المجتمع الدولي لم يعد يذكر أزمتنا.

 

وتابعت: لدي 3 أطفال، أكبرهم لديه 9 سنوات، وزوجي متوفى، وأسكن في أحد المدن بالجيزة، أعول أولادي في ظل ظروف قاسية، وأعتمد يوميا على التبرعات التي أتلقاها من المصلين الخارجين من المساجد، والحمد لله ما زلنا على قيد الحياة.

 

وأنهت اللاجئة السورية كلامها: المساعدات المقدمة لنا قليلة جداً ولا تذكر، كما أنها باتت موسمية"، لم يعد لدينا سوى جمع التبرعات.

 

جانب من الحرب في حديدة اليمن

 

وفي اليمن، هلت أيام عيد الفطر المبارك، بنفحات الفرح الممزوجة بالألم والمعاناة من الحرب التي لم تأتي إلا بالقتل والدمار ورائحة البارود التي منعت ملايين من الشعب اليمني من التنفس.

 

ويستقبل اليمنيون عيد الفطر دون توقف للحرب، دماء لم تتوقف في تعز، وأخرى في عدن، وثالثة تنزف في الحديدة، وتداعيات إنسانية خطيرة، وقتال بين جماعة الحوثيين وقوات التحالف العربي بقيادة السعودية..

 

وتتصدر الحديدة هذه الأيام صدارة المشهد العسكري والسياسي والخارجي، مع تصاعد المواجهات العسكرية بها، فأطراف الحرب في حالة سباق مع الزمن للظفر بجولة مهمة قبل استئناف المشاورات المتوقفة منذ أواخر 2016.

 

وبعد أيام من الصدام والمواجهات العسكرية بين قوات تابعة للتحالف العربي وجماعة الحوثيين وحصار الحديدة الواقعة غربي اليمن، بات المجهول مصير آلاف الأسر اليمنية في الحديدة.

 

أحد أهالي اليمن، ويدعى هيثم الشيبي قال، إن الحصار البري والجوي المفروض من قوات التحالف سبب رئيسي في عدم استيراد احتياجات الشعب اليمني لمواسم العام سواء رمضان أو الأعياد وتقتصر السلع الموجودة على المنتجات المحلية بشكل متواضع.

 

وأضاف لـ"مصر العربية" أن الحرب أنهكت جميع الأسر اليمنية ولا توجد أي مدخرات على الإطلاق لأسباب عديدة أهمها البطالة وعدم توفر أعمال للكثير من الشباب والمسؤولين عن أسر.

 

وأوضح أن الكثير من الأسر تعتمد على الملابس القديمة الخاصة أو التي ربما تكون حصلت عليها من بعض الجمعيات الإغاثية بعد غسلها وكيها من أجل إدخال البهجة والفرحة على الأطفال.

 

وأشار إلى أن الكثير من اليمنيين يتجهون إلى المقابر لأنهم يعتبرون أن عيدهم هناك بجوار من فقدوهم من ذويهم، مؤكداً أن الشعب اليمني يمر بأكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث.

حرب في ليبيا

 

وفي ليبيا، الأمر لم يختلف كثيرا، فالحرب في درنة والجنوب الليبي لم يتوقفا، مما غيب فرحة العيد..

 

العمليات العسكرية لم تتوقف في درنة الليبية منذ قرابة 40 يومًا، وسط حديث عن مئات القتلى وآلاف الجرحى.

 

وتحاصر قوات خليفة حفتر منذ عدة أشهر مدينة درنة الساحلية التي يقطنها ما يقرب من 150 ألف نسمة وتعتبر معقلا هاما للجماعات المتشددة في شرق ليبيا.

 

في المقابل، لا تزال الاشتباكات مستمرة في الجنوب الليبي، لم يتوقف فيه القتال، ليعود معه الحديث عن وجود قوات وعناصر أجنبية تقاتل من أجل السيطرة على أهم النقاط الاستراتيجية ومنافذ التهريب..

 

القتال والصراع المسلح في هذه المنطقة لا ينحصر بين الليبيين فقط، وإنما تداخلت فيه الفصائل الإفريقية المعارضة وتشابكت فيه خريطة التحالفات، فتحوّل إلى حلبة حروب أهلية واقتتال قبلي معقد.

 

التوترات الأمنية في الجنوب والتي ازدادت مؤخرا أثارت مخاوف الليبيين من فقدان السيطرة على تلك المنطقة لصالح عصابات التهريب الأفريقية والتي ارتبط اسمها بعمليات تهريب المهاجرين إلى أوروبا عبر ليبيا.

 

وفي الأردن، فعيد الفطر هناك، غابت عنه أجواء الفرحة والبسمة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، والتي وضعت الشارع الأردني في مأزق اقتصادي كبير.

 

ويعاني الأردن أزمة اقتصادية أججها في السنوات الأخيرة تدفق اللاجئين من سوريا وانقطاع إمدادات الغاز المصري وإغلاق حدوده مع سوريا والعراق بعد سيطرة تنظيم "داعش" على مناطق واسعة هناك.

 

ووفقا للأمم المتحدة، فهناك نحو 630 ألف لاجئ سوري مسجلين في الأردن، بينما تقول عمان إنها تستضيف نحو 1,4 مليون لاجئ منذ اندلاع النزاع في سوريا في مارس 2011، وتؤكد أن فاتورة استضافة اللاجئين قد تجاوزت العشرة مليارات دولار.

 

وفي العراق، اندلعت أزمة سياسية على خلفية حرق مجهولين صناديق الانتخابات العراقية، تزامنا مع دعوات من بعض الساسة لإعادة الانتخابات.

 

أيضا، تأتي أزمة جفاف نهر دجلة، كواحدة من الأزمات التي تؤرق الشارع العراقي، بعدما جف النهر فعليًا في بعض المناطق، ليبخر مع فرحة عيد الفطر في بلد مزقه الصراعات والانقسامات السياسية والطائفية.

قصف الاحتلال لقطاع غزة

 

وفي فلسطين، فالواقع أشد ألمًا، دولة محتلة منذ 70 عاما، يغتصب الاحتلال أرضها، وفي هذه الأيام ومع مسيرات العودة في قطاع غزة، استشهد المئات من الفلسطينيين.

 

ولم يقف العدوان الصهيوني إلى هذا الحد، بل أصر على قصف الفلسطينيين، في أول أيام عيد الفطر، حيث قصفت طائرات إسرائيلية بدون طيّار، في الساعات الأخيرة، تجمّعاً للنشطاء الفلسطينيين على حدود غزة، واستهدفت كذلك أرضاً فارغة وسط القطاع، دون وقوع إصابات.

مقالات متعلقة