قبل أيام في أحد دواوين مدينة فرشوط، شمالي قنا، تحديدًا بمنطقة الأسعاف، كانت تجلس مع النسوة، ببساطتها وبشاشة وجهها وملامحها الصعيدية، تشاركهم التجهيزات التي تجري على قدم وساق لإتمام مراسم زفاف إحدى قريباتها، بعد أن حضرت من القاهرة، لا تستطيع أن تميز تلك الشابة الثلاثينية من بين قريناتها.
شيماء عبدالواحد أبو زيد عبدالظاهر النحاس، أو شيماء أبو زيد، كما أشتهرت في الأوساط العلمية، أول أمراة تحصل على الدكتوراه في مجال الفيزياء النووية، دكتوراه مزودجة بين جامعتي عين شمس والجامعة الحرة ببروكسل تحت عنوان “البحث عن الاقترانات متعادلة الشحنة الكهربية في تغيير نكهة كوارك القمة بواسطة تجربة الملف اللولبي الميوني المدمج المقام على المصادم الهدروني الكبير”، وضمن 6 على مستوى العالم من بين الجنسين، “أبو زيد” من مدينة فرشوط، لأب يعمل تاجر، و7 أخوة، ترتيبها الـ6 من بينهم.
انتقلت شيماء مع والدها أحد تجار مدينة فرشوط وأخواتها، للإقامة بالقاهرة في عمر صغير، لتلتحق بعدها بسنوات قليلة بالمرحلة الثانوية، حالمة بالحصول على مجموع يؤهلها لكلية الطب التي تمنت الالتحاق بها، ولكن لم توفق، لتلتحق بكلية العلوم بجامعة عين شمس.
حب الفضول والاستكشاف كان يغذي روح شيماء في صغرها، إذ كان منهجها اتقان كل ما تفعله، والنجاح يلاحق طيفها الصغير، حيث أخذت على عاتقها حب هذا المجال الذي لقت به إشباع لشغفها، لتتخرج بتفوق وتعين معيدة بنفس الجامعة.
وقبل مرور 6 أشهر على تعيينها وصلت أبحاثها إلى وجود علاج لأورام سرطان الأطفال، لتنهال عليها العروض للسفر والدراسة بالخارج من عدة دول من بينها إيران، ولكنها كانت ترفض رغبة في إفادة بلدها، حتى رشحتها جامعة عين شمس لمنحة دراسية بالجامعة الحرة ببروكسيل في بلجيكا.
لتسافر أبو زيد محملة بكل أصولها الصعيدية العريقة، وأمنياتها بالعودة لوطنها وأفادته بعلمها، الفتاة الشابة رغم سنها الصغير، استطاعت أن تجبر الغرب على احترام مبادئها وعاداتها وتقاليدها.
تحلم شيماء بتغيير هذا الواقع ورفع الحواجز، وترى أن السبيل الوحيد والصحيح هو الاهتمام بالعلم والبحث العلمي.