عن "سلسلة الإبداع العربي" التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويرأس تحريرها الشاعر سمير درويش، صدر الديوان الأول للشاعر العربي الأهوازي حمزة كوتي، بعنوان "في البدء كان الجسر". يضم الديوان مائة نصٍ من "قصيدة النثر"، كاشفة عن خبرة فنية ولغوية اكتسبها الشاعر عبر رحلة مع القراءة والتأمل والترجمة التي يمارسها مراوحة بين اللغة العربية والفارسية، حيث ترجم إلى الفارسية أعمال شعراء منهم محمود درويش وأدونيس ونوري الجراح وغيرهم من الشعراء العرب، كما ترجم من الفارسية إلى العربية للعديد من الشعراء الإيرانيين.
اتسمت نصوص الديوان بالقصر والتكثيف، كما أن النزعة الإنسانية واضحة فيه وتتناول ما يعانيه الفرد من تشكك في الوجود وجدوى أفكاره، ليشيع جو من الحزن العميق الشفيف الذي يدعمه تراكم النصوص. وتتنوع ضروب الخيال وتوليد الدلالات من نص لآخر، ويقصي العدمية عن اليأس الدافع بصاحبه إلى التشبث بفعل الإبداع في معناه الواسع، مما يثرى الديوان بروافد تراثية وأخرى من ثقافات عالمية.
تنم نصوص حمزة كوتي عن موهبة تمكنت من إدغام العناصر السابقة في جسد النصوص، فلم تأتِ مقحمة عليها، كم جنبت الشاعر الأهوازي مأزق التكرار أو إعادة الإنتاج رغم العدد الكبير للقصائد.
حمزة كوتي، شاعر عربي من الأهواز، مواليد عام 1983، يعيش الشعر قراءة وكتابة وترجمة من وإلى اللغة الفارسية. ويعد "في البدء كان الجسر" باكورة إنتاجه في إبداع "قصيدة النثر" مبشرًا بأعمال قادمة من شأنها إثراء هذا الفن الذي خضع عبر تاريخه القصير نسبيًّا لأزمات الإنكار والاتهام من الرافضين له، كما تعرض لأزمات النمطية والتسطيح والاستسهال وسوء الفهم من كثيرين يعلنون انتسابهم إليه. يذكر أن، الأهواز هم عرب إيران، كما أن "الأهواز" عاصمة ومركز محافظة خوزستان، وتقع جنوب غرب إيران، ويخترق المدينة نهر كارون، وهي ترتفع عن سطح البحر 20 مترًا. وبحسب إحصاء عام 2006 بلغ عدد سكان مدينة الأهواز 1,841،145 نسمة، وهي بذلك أكبر مدينة في خوزستان.
يعود تاريخ الأهواز إلى عصور سحيقة. تجد ذكر الأهواز في التاريخ العربي الإسلامي بشكل كبير كما في كتاب البداية والنهاية وتاريخ الطبري وآثار البلاد وأخبار العباد لزكريا بن محمد بن محمود القزويني. وجاء في لسان العرب:
«الأهواز هي سبع كور بين البصرة وبلاد فارس، لكل واحدة منها اسم، وجمعها الأهواز أيضًا».
ذكرها شعراء العرب وتحدثوا عن سكانها العرب، فهذا جرير يقول:
"سيروا بني العم فالأهواز منزلكم.. ونهر ثيرى فلم تعرفكم العرب".