تنتظر حكومة المهندس مصطفى مدبولي، غدا الأحد، رد البرلمان على البرنامج الذي استعرضته أمام النواب، يوم 3 يوليو الجاري، والذي يتوقف عليه منحها الثقة من عدمه.
وكان البرلمان قرر تشكيل لجنة مختصة بالرد على برنامج "مدبولي"، والتي أعلنت موافقتها على منح حكومته الثقة، بعد مناقشة المحاور التي ارتكز عليها، في حين أبدى بعض النواب عدة ملاحظات على البرنامج، وطالبوا الحكومة بوضع جدول زمني لتنفيذه.
أبرز ملامح البرنامج
ويتركز برنامج الحكومة، الذي جاء وفقا للاستحقاقات الدستورية ورؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، على العديد من المحاور الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، وحماية الأمن القومي المصري، والاهتمام بالسياسة الخارجية، وتعزيز المواطنة ومواجهة الهجرة غير النظامية.
ويتضمن برنامج الحكومة 5 محاور أساسية وهي:" بناء الإنسان المصرى، محور حماية الأمن القومى وسياسية مصر الخارجية، محور التنمية الاقتصادية ورفع كفاءة الأداء الحكومى، النهوض بمستويات التشغيل، تحسين مستوى معيشة المواطن المصرى".
كما يتضمن البرنامج سبل مواجهة الزيادة السكانية، وتطوير المدن القائمة وإنشاء 14 مدينة جديدة متكاملة، فضلا عن التوسع في برامج الحماية الاجتماعية، وتوفير مظلة تأمينية للمصريين في الخارج، وتطوير منظومة الخدمات التموينية.
ورأى نواب أن برنامج الحكومة اهتم بالمواطن المصري والقيادة السياسية، وسيعمل على تحسين الاقتصاد المصري ودعم الطبقات الفقيرة التي تضررت خلال الفترة الماضية، وفي المقابل رأى آخرون أن هذا البرنامج سؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي وتردي الأوضاع السياسية والاجتماعية.
وجاءت حكومة مصطفى مدبولي خلفا لحكومة المهندس شريف إسماعيل، وذلك بعد حلف الرئيس عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية للولاية الثانية، وذلك تطبيقا لنصوص الدستور التي توجب تشكيل حكومة جديدة بعد تولي رئيس الجمهورية منصبه أو تجديده لولاية ثانية، مع إمكانية إبقاءه على الحكومة القائمة.
موافقة رغم الملاحظات
ومن جانبه قال سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، إن اللجنة المختصة بالرد على برنامج الحكومة، وافقت على برنامج عملها مع التوصية بمنحها الثقة سواء فيما يتعلق بتشكيلها أو فيما يختص ببرنامجها المعروض على المجلس والمزمع مناقشته الـحد القادم بالرغم من وجود بعض الملاحظات على البرنامج من النواب.
وأوضح وهدان، في بيان صحفي، أن برنامج حكومة مدبولي ركز على العديد من المحاور الرئاسية التي تهم المواطن المصري والقيادة السياسية وهي الاهتمام بالإنسان المصري سواء من ناحية التعلم والصحة وبناء مناطق صناعية وتوفير فرص عمل وخفص عجز الموازنة، وزيادة النمو وتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل.
وأشار وكيل النواب إلى أن هناك عمل متواصل من الحكومة والنواب من أجل إصدار تشريعات تخدم المواطن المصري وتعبر به إلى بر الأمان بعد الإصلاحات الاقتصادية التي حدث الفترة الماضية.
الحريري: البرنامج يزيد التدهور
وفي المقابل أوضح النائب هيثم الحريري، عضو تكتل 25-30، أنه لم يكن هناك إجماع داخل اللجنة المختصة بالرد على برنامج الحكومة على منح الثقة لحكومة "مدبولي"، وأن هناك 4 نواب رفضوا هذا البرنامج نائبين من التكتل وهم "إيهاب منصور وضيا ءالدين داود"، ونائبين من خارج التكتل وهم " سيد عبد العال، ومحمد بدراوي".
وقال الحريري، في تصريح لـ"مصر العربية" إن برنامج حكومة "مدبولي" يختلف عن حكومة "شريف إسماعيل" والذي كان أول حكومة تعرض برنامجها على البرلمان في عام 2016، لذا ربما وافقت الأغلبية العظمى من النواب على منحه الثقة لأن لديهم أمل في أن تحقق هذه الحكومة شيئا للمصريين.
وأضاف الحريري:"ولكن الـ 38 نائبا الذين رفضوا منح الثقة لحكومة شريف إسماعيل كان وجهة نظرهم أن برنامجها لن يحقق شيئا بل سيزيد الوضع سوء، والحقيقة أن العامين ونصف الماضيين أثبتوا أن هذه كانت وجهة النظر الأصوب".
وتابع :"فكرة مناقشة بيان الحكومة الجديدة بعدما أعلن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الجديد أنها ستكون على نفس نهج شريف إسماعيل، فنحن نفعل مثلما فعل الفنان محمود عبد العزيز في فيلم الكيت كات، اثنين "عمي" يمسكان يد بعضهم ويعبروا الطريق، فنحن والحكومة نمسك برنامجا نتصور أنه فيه إنقاذ للوضع الاقتصادي وفي الحقيقة أن الاستمرار فيه سيؤدي إلى مزيد من الخسائر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية".
واستطرد الحريري :"وبالتالي إذا كان هناك أي مسؤول داخل مؤسسة الدولة الرسمية سواء السلطة التنفيذية أو التشريعية لديهم إرادة حقيقية في مراجعة الوضع الحالي فلن يقبل بإقرار هذا البرنامج لأنه سيؤدي إلى مزيد من الخسائر".
ورأى أنه هذا البرنامج لن يقدم أي شيء لمصر، مضيفا :"نحن نناقش برنامجا على يقين أنه مسؤول عن تردي الأوضاع الاقتصادية، فبعد أن كانت الديون 25% وصلت إلى 38%، ورأينا كيف انخفضت قيمة الجنيه وانخفضت معه مدخرات المصريين، وبالتالي القيمة الشرائية لمرتبات المصريين انخفضت للنصف، وتحمل الفقراء مزيدا من الأعباء الاقتصادية".
وأردف الحريري :"المتضرر الحقيقي من الإصلاح الاقتصادي هم الفقراء، لأن الأغنياء لديهم وفرة مالية توفر لهم حياة كريمة، أما من يتقاضى راتب ألف أو ألفين جنيه فكيف يعيش بهم، فهذا البرنامج يؤدي إلى مزيد من الفساد".
كما رأى أنه البرنامج لا يحقق أيضا أي اهتمام بالإنسان المصري وأنه حديث ليس له أي أثر على الأرض، موضحا أن قرار رئيس الجمهورية للموازنة 18-19 يؤكد أنه ليس هناك اهتمام حقيقي بالإنسان لا في مجال الصحة ولا التعليم ولا الزراعة ولا الصناعة، وهم الأربع أعمدة الأساسية التي يمكن أن تحقق أي نهضة في أي وطن.
ملاحظات اللجان
إلى جانب ذلك هناك أيضا عدة ملاحظات أعدتها بعض اللجان بالبرلمان، بعد أن استعرض مدبولي برنامجه أمام النواب، وناقشته كل لجنة بالبرلمان البرنامج على حدة، ومن أبرز اللجان التي أصدرت ملاحظاتها هي :"النقل، والصناعة، والمحليات".
وفيما يتعلق بملاحظات لجنة وزارة النقل بالبرلمان رأت أن برنامج الحكومة على الرغم من تضمنه الإشارة إلى تطوير النقل – جملة وتفصيلا – في أربعة أهداف استراتيجية من أصل خمسة أهداف وردت فيه، إلا أنه لم يبين توقيتات محددة للانتهاء من المشروعات الواردة به، واكتفى بسرد لتلك المشروعات العملاقة، دون حتى تحديد أولويات تنفيذها، وفق ما هو متاح من مصادر للتمويل.
ووفقا لما عرضته اللجنة برئاسة هشام عبد الواحد، رئيس لجنة النقل والمواصلات، في حضور وزير النقل هشام عرفات، حسبما نقلت المواقع الإخبارية، تمثلت ثاني الملاحظات في عدم تحديد برنامج الحكومة الأثر المترتب على كل مشروع، لمعرفة مدى أهميته وانعاكسه على حياة المواطنين.
وجاءت الملاحظة الثالثة في اهتمام الحكومة بالتنمية والتعمير في حين لا يوجد في برنامجها ما يتضمن ما يفيد الاهتمام بالطرق والمحاور العريضة، وتمثلت الملاحظة الرابعة في أن برنامج الحكومة لم يتضمن أية إشارة إلى تغيير في فكر الحكومة نحو ضرورة إيجاد وسائل تمويلية جديدة بخلاف فرض الرسوم وزيادة سعر التذكرة للحفاظ على استمرار الخدمة وتطويرها.
وكانت الملاحظة الأخيرة للجنة النقل هي أن بيان الحكومة لم يأت فيه ما يشير إلى خطتها نحو إنشاء مشروعات لطرق ومحاور برية تربط بين مصر والدول المجاورة، عربيا وإفريقيا، مثل محور الملك عبد الله والطريق البري الذي يربط بين مصر وتشاد عبر ليبيا والسودان، ما يدعم دور مصر سياسيا واقتصاديًا.
كما أصدرت لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان عددا من الملاحظات على برنامج الحكومة، منها أن عدم إدارج بعض الموضوعات التي كانت ضمن برنامج الحكومة السابقة ولم تنفذ ولم يتضمنها البرنامج المقدم من الحكومة، والتي من شأنها تحسين الأداء بشكل عام والعمل على دفع عجلة التنمية والتوازن الاقتصادي في الوحدات المحلية.
واشتملت ملاحظات "المحليات" على عدم تضمن البرنامج تحديد مصدر التمويل الخاص بتنفيذ رؤية الحكومة والبرلمان للتطوير المؤسسي لمنظومة جمع القمامة والمخلفات بأنواعها وإعادة تدويرهاوالتخلص منها، كما لم يتضمن إطاراً زمنياً محدداً لتطوير تلك المنظومة، وكذلك لم يوضح البرنامج كيفية تمويل بعض المشروعات التنموية والخدمية التي ستقوم بإقامتها بالمحافظات.
ولفتت الملاحظات إلى أن برنامج الحكومة لم يتضمن فلسفة واضحة المعالم لرؤية وخطة الحكومة لوضع سياسة قومية تحدد دور وحدات الإدارة المحلية وفاعلية الأجهزة المحلية في ممارسة اختصاصاتها لتصبح مؤسسات تخدم أغراض التنمية، كما لم يوضح المعالم الرئيسية لفلسفة ومجهودات الحكومة في دفع الجماهير للمشاركة في صنع واتخاذ القرارات.
وأعدت لجنة الصناعة بالبرلمان عدة ملاحظات على برنامج الحكومة، منها غياب أبرز التحديات التي تواجه قطاع الصناعة وحلول مشكلاته، وعدم تحديد أهم القطاعات التي سيجري التعاون عليها للحصول على أعلى قيمة مضافة.
وأشارت ملاحظات "الصناعة" إلى أن البرنامج لم يتطرق لزيادة القدرة التنافسية للصناعات الثقيلة المصرية ومن ثم عجز الميزان التجاري،ولم يشر لبناء القدرات الوطنية والتعامل مع مستجدات العصر في ظل حديث العالم عن الثورة الصناعية الرابعة.
وانتقدت اللجنة عدم تطرق برنامج الحكومة لرؤية واضحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وخلو البرنامج من ربط التعليم بالتوظيف وملائمة الخريجين لسوق العمل.
نائب سابق: برنامج تقليدي
في سياق متصل رأى البرلماني السابق محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أن برنامج الحكومة لا يعدو كونه عبارات إنشائية وتقليدية لا تحمل فى طياتها آليات لتنفيذ على أرض الواقع، وخاصة سبل مكافحة الفقر والتوسع فى برامج الحماية الإجتماعية وسبل تحسين مستوى دخل المواطن المصرى، وترشيد الإنفاق الحكومى والبحث عن مصادر إيرادات جديدة وليس الاعتماد على الضرائب وحدها.
وأشار السادات، في تصريحات صحفية، إلى أن بيان وبرنامج الحكومة لم يتطرقوا إلى الموقف من حالة الطوارئ والعدالة الانتقالية وسياسة الاقتراض وتداعياتها، ناهيك عن أن المنح والقروض تعرض على البرلمان بعد موافقة الحكومة وبعد المضي في إجراءات الحصول عليها.
واستطرد أنه لم يتم الإشارة إلى سبل تعزيز الحقوق والحريات وتحقيق التنمية في سيناء في ظل ما تشهده من إرهاب، داعيا إلى ضرورة استحداث نهج جديد يوجب على الحكومة الحالية والحكومات المستقبلية تقديم بيان ختامى حين تنتهى مدتها، لمعرفة ما تم الالتزام به من تعهدات.