يناقش مجلس النواب، الأحد، برنامج حكومة المهندس مصطفى مدبولي، وسط ملاحظات بعض اللجان بالبرلمان، وموافقة اللجنة المختصة بالرد على برنامج الحكومة على منحها الثقة، ورفض نواب آخرين للبرنامج واعتباره سيؤدي إلى مزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وكانت اللجنة المختصة بالردّ على برنامج الحكومة أعلنت، أمس الجمعة، موافقتها على برنامج عملها مع التوصية بمنحها الثقة سواء فيما يتعلق بتشكيلها أو فيما يختص ببرنامجها المعروض على المجلس.
وفي المقابل أبدى نائبين من تكتل 25-30 من أعضاء اللجنة المختصة بالرد على برنامج الحكومة، رفضهم لمنحها الثقة، وهم :"ضياء الدين داود، إيهاب منصور"، معتبرين أنه استمرار لنفس نهج حكومة "شريف إسماعيل"، التي تسببت في زيادة معاناة الفقراء وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
ويتركز برنامج حكومة المهندس مصطفى مدبولي الذي جاء خلفا للمهندس شريف إسماعيل، على 5 محاور أساسية وهي:" بناء الإنسان المصرى، محور حماية الأمن القومى وسياسية مصر الخارجية، محور التنمية الاقتصادية ورفع كفاءة الأداء الحكومى، النهوض بمستويات التشغيل، تحسين مستوى معيشة المواطن المصرى".
كما يتضمن البرنامج سبل مواجهة الزيادة السكانية، وتطوير المدن القائمة وإنشاء 14 مدينة جديدة متكاملة، فضلا عن التوسع في برامج الحماية الاجتماعية، وتوفير مظلة تأمينية للمصريين في الخارج، وتطوير منظومة الخدمات التموينية.
وفي بداية تعليقه على موقف تكتل 25-30 من برنامج الحكومة قال النائب هيثم الحريري، عضو التكتل، إنهم منذ 3 سنوات وهو يطالبون الأغلبية بالمجلس واللجنة العامة والدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، بإذاعة جلسات البرلمان على الهواء، ولاسيما تلك التي سيناقش فيها برنامج الحكومة.
وأضاف الحريري لـ"مصر العربية" أنه من حق المصريين أن يعرفوا رأي نوابهم في الحكومة، من منهم يقول إنها سياسة خاطئة وعليه يتحمل مسؤوليته أمام الشعب بأنه ربما يكون موقفه خطأ وأنه وقف في مواجهة برنامج جيد، ومن يقول إنه برنامج جيد وعليه أيضا أن يتحمل مسؤوليته بأنه وافق عليه وتحمل الشعب عواقبه، لذلك من حق الناس إذاعة الجلسات على الهواء، وأن يكون التصويت للنواب إلكترونيا.
وعن موقف عبد العال من هذا الطالب قال الحريري إن رئيس المجلس يتحدث دائما أنه جلسات البرلمانيات في العالم لا تكون على الهواء، مستطردا :"ولكن هذا الكلام عار تماما عن الصحة، نحن رأينا البرلمان العربي حين عقد مؤتمرا في مصر كانت الجلسة مذاعة على الهواء، وقبل الثورة كانت تُذاع الجلسات على الهواء أيضا، وحتى في بداية البرلمان الحالي، إذاعة الجلسات ليست بدعة، ولكن منع إذاعة الجلسات هذه الضلالة الحقيقية".
وكان الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، قرر وقف بث جلسات المجلس على الهواء مباشرة، بعد أيام قليلة من بداية انعقاد المجلس في يناير 2016، وذلك بعد أن شهدت إحدى الجلسات حالة من الهرج والمرج والمناوشات بين النواب، لذا صوت أغلبية الأعضاء على قرار وقف البث حفاظا على ما وصفوه بـ"هيبة البرلمان".
وتنص المادة 20 من دستور 2014 على :"جلسات مجلس النواب علنية. ويجوز انعقاد المجلس في جلسة سرية، بناء على طلب رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الوزراء، أو رئيس المجلس، أو 20 من أعضائه على الأقل، ثم يقرر المجلس بأغلبية أعضائه ما إذا كانت المناقشة في الموضوع المطروح أمامه تجرى في جلسة علنية أو سرية".
وفيما يتعلق بموقف تكتل 25-30 من برنامج الحكومة قال الحريري إنهم سبق وأصدروا بيانا سابقا بعد مناقشة الموازنة العامة للدولة، وطالبوا بتنظيم مؤتمر اقتصادي وطني، لافتا إلى أن هذا ليس بدعة، ولكن سبق وأن عقد الرئيس الأسبق حسني مبارك مثل هذا المؤتمر في بداية عهده في عام 1981، واستعان بكل النخب الاقتصادية في مصر لوضع روشتة اقتصادية للخروج من الأزمة.
وأضاف الحريري :"صحيح أن هذه الروشتة تم وضعها في الأدراج حينها، ولكن على الأقل أكد أمام المصريين أنه يضع روشتة مصرية خالصة وليس بشروط مملاة من صندوق النقد الدولي"، متابعا :"لذلك نرى أنه مجرد مناقشة برنامج حكومة مدبولي بوضعه الحالي فلن يقدم شيء لمصر، بل نحن على يقين أنه سيكون مسؤول عن تردي الأوضاع الاقتصادية بشكل أكثر سوء".
وأردف :"فكرة مناقشة بيان الحكومة الجديدة بعدما أعلن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراءالجديد أنها ستكون على نفس نهج شريف إسماعيل، فنحن نفعل مثلما فعل الفنان محمود عبد العزيز في فيلم الكيت كات، اثنين "عمي" يمسكان يد بعضهم ويعبروا الطريق، فنحن والحكومة نمسك برنامجا نتصور أنه فيه إنقاذ للوضع الاقتصادي وفي الحقيقة أن الاستمرار فيه سيؤدي إلى مزيد من الخسائر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية".
واستطرد:"وبالتالي إذا كان هناك أي مسؤول داخل مؤسسة الدولة الرسمية سواء السلطة التنفيذية أو التشريعية لديهم إرادة حقيقية في مراجعة الوضع الحالي فلن يقبل بإقرار هذا البرنامج لأنه سيؤدي إلى مزيد من الخسائر".
ورأى أنه هذا البرنامج سيؤدي إلى مزيد من تردي الأوضاع الاقتصادية، فبعد أن كانت الديون 25% وصلت إلى 38%، ورأينا كيف انخفضت قيمة الجنيه وانخفضت معه مدخرات المصريين، وبالتالي القيمة الشرائية لمرتبات المصريين انخفضت للنصف، وتحمل الفقراء مزيدا من الأعباء الاقتصادية".
وواصل حديثه:"المتضرر الحقيقي من الإصلاح الاقتصادي هم الفقراء، لأن الأغنياء لديهم وفرة مالية توفر لهم حياة كريمة، أما من يتقاضى راتب ألف أو ألفين جنيه فكيف يعيش بهم، فهذا البرنامج يؤدي إلى مزيد من الفساد".
كما رأى أنه البرنامج لا يحقق أيضا أي اهتمام بالإنسان المصري وأنه حديث ليس له أي أثر على الأرض، موضحا أن قرار رئيس الجمهورية للموازنة 18-19 يؤكد أنه ليس هناك اهتمام حقيقي بالإنسان لا في مجال الصحة ولا التعليم ولا الزراعة ولا الصناعة، وهم الأربع أعمدة الأساسية التي يمكن أن تحقق أي نهضة في أي وطن.
وكان تكتل 25-30 أصدر بيانا صحفيا، في 17 يونيو الماضي، قال فيه إن الإصرار على ما يسمى بـ"خطة الإصلاح الاقتصادي" طبقا لشروط صندوق النقد الدولي يهوي بالوطن في منحدر خطير، نتيجة تلك القرارات الاقتصادية المعادية لفكرة العدالة الاجتماعية وهذا ما يؤكده الواقع المؤلم و معاناة الشعب المصري و سحق الطبقات الفقيرة و المتوسطة.
وأشار التكتل في بيانه إلى أنه هناك حالة من الغضب الشعبي المكتوم نتيجة قرارات زيادة أسعار المترو ومياه الشرب والكهرباء والوقود والضرائب والرسوم، قد يبدو للبعض أن الشعب صامت وراضي، ولكن هذا الصمت نتيجة الخوف على مستقبل واستقرار الوطن وكذلك القبضة الأمنية التى نعاني منها.
ونوه التكتل إلى أن المصريين تحملوا الكثير ودائما يضعون الوطن فى المقدمة، ولكن هذا لا يجب أبدا أن يكون مبررا لفرض مزيد من السياسات الاقتصادية التى تحمل الفقراء والطبقات المتوسطة وحدهم الضريبة الكبري.
وأعلن التكتل رفضه لبرنامج الحكومة الاقتصادي، كما رفع عدة مطالب منها :"إلغاء قرار رفع أسعار المحروقات، رفض الحكومة الجديدة التي تنفذ نفس سياسات الحكومة السابقة و خطها الاقتصادي، عقد موتمر وطني اقتصادي يضم كافة القوى السياسية لوضع خطة اقتصادية وسياسية بديلة خلال شهرين".