يبدو أن ظاهرة الطائرات الحارقة التي يطلقها شباب المقاومة الفلسطينية على قوات الاحتلال الإسرائيلي كسرت قواعد المعركة مع المحتل الأمر الذي دفعه للتهديد باستخدام آلياته العسكرية لإنهائها حتى لو وصلت للحرب.
وكانت القناة العبرية العاشرة قالت إن حكومة بنيامين نتنياهو حددت اليوم الجمعة آخر موعد لوضع حد للطائرات الورقية والبالونات الحارقة التي يطلقها الشبان على حدود غزة.
وزعمت القناة أن القيادة السياسية بعثت برسالة للجيش، مفادها: "إذا لم يتم إيقاف الطائرات المشتعلة، فلن يكون هناك خيار سوى الشروع في عملية عسكرية بغزة".
سلاح جديد
و"الطائرات الورقية الحارقة" اسم سلاح فلسطيني جديد برز منذ الـ30 من مارس الماضي، وهو يُشعل عقول قادة الاحتلال وجيوب مستوطنيه بنيرانها المشتعلة حتى اللحظة والتي باتت تتصدر عناوين الصحف والمواقع العبرية بعد أن كانت قبل أكثر من 100 يوم محل سُخرية واستهزاء من قِبل قادة "إسرائيل"؛ لبدائيتها وصغرها.
وحوّل الشبان الطائرات الورقية إلى أداة مقاومة تستنفر الاحتلال بعد ربط علبة معدنية داخلها قطعة قماش مغمّسة بالسولار في ذيل الطائرة، ثم إشعالها بالنار وتوجيهها بالخيوط إلى أراضٍ زراعية قريبة من مواقع عسكرية إسرائيلية.
ونجح هؤلاء خلال الأسابيع الماضية، في إحراق مئات الدونمات المزروعة بالقمح للمستوطنين في مستوطنات غلاف غزة بواسطة تلك الطائرات، رداً على "مجازر" قوات الاحتلال بحق متظاهري مسيرة العودة السلميين.
اعتصامات سلمية
ومنذ 30 مارس الماض، يواصل الفلسطينيون في غزة اعتصامهم السلمي على الحدود الشرقية للقطاع، وذلك ضمن فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار.
وتشترط "إسرائيل" وقف استهدافها غزة مقابل وقف إطلاق تلك الطائرات الورقية الحارقة التي تسببت في خسائر مادية كبيرة لدى الاحتلال.
وتستهدف طائرات الاحتلال المناطق التي يوجد بها مطلقو الطائرات الورقية والبالونات المشتعلة، على الرغم من التوصل لتفاهمات وقف إطلاق نار بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال بوساطة مصرية، السبت الماضي.
فزع إسرائيلي
ولم تنجح التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية في وقف هذه الطائرات التي تسببت في إحراق آلاف الدونمات من الحقول والغابات جنوبي الأراضي المحتلة عام 1948 خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وتحدثت مصادر فلسطينية، حسب وسائل إعلام محلية، عن أن حركة "حماس" تتجه لخفض تدريجي للطائرات الورقية الحارقة التي تخرج من قطاع غزة تجاه الأراضي المحيطة بالقطاع.
وقالت المصادر بحسب صحيفة "القدس" المحلية: إن "قيادة الحركة اجتمعت خلال الساعات الأخيرة في غزة، واتخذت قراراً بهذا الصدد، منعاً لجرّ غزة إلى حرب في الوقت الحالي، في ظلّ الظروف الصعبة التي يعانيها المواطنون في القطاع".
تضيقيات على غزة
وبحسب الصحيفة، فإن الحركة درست هذا الخيار بعد اتصالات مع عدة أطراف منها مصر، التي أشارت إلى ضرورة التوقف عن إطلاق الطائرات الورقية الحارقة؛ منعاً لإعطاء إسرائيل المبرر لشن هجوم عسكري كبير، وبينت أن الطائرات ربما تتوقف الأسبوع المقبل بشكل نهائي.
واتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءات عقابية اقتصادية جديدة ضد قطاع غزة المحاصر، بعد أشهر من إطلاق طائرات ورقية حارقة من القطاع باتجاه "إسرائيل"، وإحداثها خسائر باهظة في الحقول الزراعية.
الإجراءات الجديدة التي اتخذها الاحتلال إثر ذلك، شملت تقنين دخول عدد كبير من البضائع إلى غزة من خلال معبر كرم أبو سالم التجاري (الوحيد الذي يربط القطاع بإسرائيل)، بالإضافة إلى إلغاء قرار توسيع الشريط البحري للصيادين.
وتعتبر الخطوات الإسرائيلية الجديدة على غزة بديلاً عن دخول "إسرائيل" في مواجهة عسكرية مباشرة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
جريمة ضد الإنسانية
واعتبرت "حماس" هذه الإجراءات جريمة جديدة ضد الإنسانية. وقالت في بيان على موقعها الإلكتروني: "إن الصمت الإقليمي والدولي على جريمة الحصار الخانق المفروض على غزة منذ أكثر من اثني عشر عاماً شجَّع العدو الإسرائيلي على التمادي في إجراءاته الإجرامية المخالفة لحقوق الإنسان والقوانين الدولية".
ودعت المجتمع الدولي للتحرك الفوري "لمنع هذه الجريمة وتداعياتها الخطيرة، ومغادرة الموقف السلبي الصامت، والعمل على إنهاء حصار غزة ووقف جرائم الاحتلال وانتهاكاته بحق غزة وسكانها".
وتدير حركة "حماس" غزة منذ 15 يونيو 2007، عقب فوز "حماس" بالانتخابات في القطاع، لتفرض بعد ذلك قوات الاحتلال حصاراً مشدداً أسفر عن أوضاع اقتصادية وإنسانية صعبة جداً.
الضغط على المقاومة
بدوره قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس إن الاحتلال لن يقدم على حرب واسعة مع قطاع غزة، لكنه فقط سيستمر بالقصف الجوي والمدفعي وذلك للضغط على حماس قدر المستطاع لتحسين ظروف تفاوضه حول مستقبل قطاع غزة.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الاحتلال يدرك أن دخول قطاع غزة لن يكون نزهة وسيدفع ثمن كبير لذلك لن يقدم على حرب مفتوحة مع قطاع غزة.
عضو المجلس الوطنى الفلسطينى غازى فخرى، قال إن الشباب الفلسطيني أثبت أن المقاومة لا تحتاج إلى سلاح عسكري أو مناكفات سياسية مع باقي الفصائل الفلسطينية المتناحرة، بل أعطى الجميع درسا في فن المقاومة .
معاناة للفسلطينيين
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن جميع الفصائل الفلسطينية أصبحت تبحث فقط عن مصالحها الذاتية والفئوية، وتجيد إشغال الشعب الفلسطيني بوعود لا تطبق على أرض الواقع بخصوص المصالحة والرجوع للقضية من جديد.
وأوضح أن هذه الفترة من المقاومة خطيرة وهامة وتحتاج إلى نفس طويل دون استراحة لأن الرهان سيكون على صاحب أطول نفس، وهؤلاء الشباب أثبتوا أنهم الأقوى بعزيمتهم وإرادتهم حتى الآن.
وأشار إلى أن تهديدات الاحتلال بخصوص الطائرات الحارقة ربما تفتح حقا مواجهات عسكرية ستزيد من معاناة الشعب الفلسطيني في غزة المحاصرة لكنها لن تمنع الشباب من إطلاق تلك الطائرات.
استمرار إطلاق الطائرات
الناشط الفلسطيني عماد أبو يزن قال إن مقاومة الشباب الفلسطيني مستمرة وإطلاق الطائرات الحارقة لن يتوقف، مؤكداً أن كل شاب هو مشروع شهيد من أجل تحرير كامل فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن فكرة الطائرات الحارقة إلهية كتعويض لمعاناة الشعب الفلسطيني طيلة هذه السنوات الطويلة ما بين خلافات بين الفصائل وحصار وتجويع وقتل من قوات الاحتلال.
وأوضح أن اليوم سيكون إطلاق البالونات والطائرات الحارقة أكثر من أي وم آخر وهذا تحديا لحكومة نتنياهو التي تتوعد من يطلق الطائرات مؤكدا على استمرارية الطائرات الحارقة .