"أنصنا" تلك المدينة الفرعونية الجميلة التي تقع في قلب (صعيد مصر)، خرج منها أمهر سحرة لفرعون، ثم اتخذت منها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة مارية القبطية منزلًا متواضعًا.
بحسب بعض المصادر الذين أكدوا لمصر العربية أن المدينة كانت ومازالت القرية العتيقة حديث القرون الأولى حتى طالها يد الإهمال، متمثلة في الآثار التي لا تُبالي بتدهور حال المنطقة، ولصوص يعبثون بآثار لو وُجدت في دولة أخرى لأبهرت العالم بحضارة المصريين- على حد قولهم-.
وزار مراسل "مصر العربية"، المدينة الأثرية، الواقعة في الصحراء الغربية بمركز ملوي جنوب محافظة المنيا، ورصد الحال التي آلت إليه بعد تعرضها لحالات النهب والسرقة والإهمال، حتى تحولت إلى تلال، وبقايا معالم أثرية، بعد أن كانت آثارها أشبه بالمدينة تُحيطها سور كبير، هدمه "اللصوص".
وقال مصدر بآثار المنيا، إن "أنصنا" مُقامة على مساحة 173 فدانًا، منذ عصر رمسيس الثاني، وتُسمى بالشيخ عبادة، ويوجد بها بقايا معبد له، ومقياس صغير يقاس فيه ماء النيل وبعضه باقٍ إلى الآن، ومعالم أثرية كبيرة ترجع لجميع العصور (الفرعونية، والرومانية، والقبطية، والإسلامية).
وأضاف أنّ المؤرخ المصري إبراهيم بن دقماق القاهري أكد في كتابه "الانتصار لواسطة عقد الأمصار" أن "أنصنا" كانت تتميز بالتواجد الكبير للسحرة، حتى كان فرعون يستعين ببعضهم، وخاصة يوم لقاء النبي موسى "عليه السلام"، ويُقال أن لها نفق تحت الأرض يربطها مع قرية الأشمونين ويمر تحت نهر النيل بطول حوالي 7 كم.
وتابع: "أن القرية كانت مقرًا لـ"الامبراطور لادريانوس" في العصر الروماني، ووقتها سُميت بـ"مدينة الشهداء"، لقتل "الإمبراطور" معتنقي الدين المسيحي حتى سُمى بعصر الاستشهاد وكان ذلك عام 284 ميلادية، مضيفًا أنّ المنطقة خاضعة لتفتيش الآثار المصرية، والإسلامية، والقبطية، ومليئة بالكنائس ومن أشهرها "كنيسة النيل" وبها الحجر الذي تم تعذيب القديس العظيم ماري جرجس به ويحتفل كل عام الأقباط بالمنطقة به.
وقال عدد من أهالي القرية ومنهم شعبان رمضان، وإبراهيم صابر،: "بعد اندلاع ثورة 25 يناير، هاجم اللصوص المنطقة، وسرقوا ونهبوا كل محتوياتها، وهدموا المباني الأثرية، مُستغلين في ذلك حالة الانفلات الأمني التي كانت تعيشها البلاد، بالإضافة إلى القوة التأمينية المتواضعة التي كانت مُخصصة لحماية المنطقة، والتي كانت لا تزيد عن 5 خفراء.
وأشار الحاج سعد عبدالله أحد أهالي القرية، إلي أن التعديات لم تقف عند حد سرقة القطع الأثرية "القبطية، والإسلامية" فحسب، بل أنها طالت منزل السيدة مارية القبطية، زوجة "الرسول محمد" صلى الله عليه وسلم، وتحويل ساحته إلى مقابر، وهدم العديد من "الأعمدة، والتيجان الأثرية"، وتحويلها إلى حفر قام بها بعض تجار الآثار خلال التنقيب عن القطع الأثرية أسفل المنزل.
وأضاف سكان "أنصنا"، أنّ المنزل كان عبارة عن أربع غرف، وبها قباب وكان يوجد بها كتابات قبطية، وظل هذا المنزل حتى بعد دخول العرب مصر، ورُفعت الجزية عن أهالي "أنصنا" ثم تحول إلى غرفة واحدة، موضحين أنّه كان مزارًا ومقصدًا سياحياً للمحبين، إلا أنه وبعد أن طالته يد الإهمال، وتحوله إلى غرفة واحدة بها بوابة حديدية، اقتصرت زيارته على أهالي القرية من أجل التبرك.