"نعم؛ إنه الفلسطينيّ؛ باقٍ، رغماً عن أعداء الحياة" هكذا بدأ حفل توقيع ومناقشة رواية "للقضبان رواية أيضًا" للكاتب الفلسطيني حسين حلمي شاكر، الذي أقيم برابطة الكتاب الأردنيين.
وناقش الرواية التي تنتمي إلى أدب السجون والمعتقلات، وتروي معاناة المعتقلين في السجون، كل من د. عماد الضمور، والكاتب جعفر العقيلي. وأكدا أن أدب السجون، يعد جزءًا لا يتجزأ من الأدب العالمي، وأدب إنساني عميق يكتسب خصوصيته من مصداقية أحداثه التي تسلّط الضوء على معاناة إنسانية فردية أو جماعية.
وأن رواية "للقضبان رواية أيضًا" صرخة عنيفة في وجه المحتل وصوتًا قويًا ينشد الحرية، وجاءت من وحي تجربة الكاتب حسين حلمي؛ الذي عاش تجربة الاعتقال، في سجون الاحتلال الإسرائيلي. ويقول الناقد د. عماد الضمور، إن الكاتب الذي عاش المعاناة وشهد قسوة المحتل، دفع بخطابه السردي الى مزيد من التأزيم الفني والبوح الذاتي للشخصية المعتقلة، ليلوذ بعد ذلك المتلقي إلى فضاء الرواية الخصب، وهو فضاء الحرية، ومرارة المعاناة.
وأوضح د.الضمور، أن الكاتب برع في التوثيق السردي وسجل فترة مهمة من فترات النضال الوطني الفلسطيني، فضلا عن فضحه لجرائم المحتل وزيف حججه.
وبيّن أن رواية "للقضبان رواية أيضًا" تبق ذات قيمة فنية عالية وإنسانية نضالية ولدت في عتمة السجون وخلف القضبان لتعكس رغبة الشعب الفلسطيني في التحرر.
أما الكاتب جعفر العقيلي، عرض لتفاصيل جمالية وفكرية في الرواية، وأكد أن نصّ الكاتب يتميز بصدق التجربة التي ترتبط على نحوٍ ما بما اختبره الكاتب نفسه، لذا جاء السرد سلساً وعفوياً وبسيط التركيب. وتابع: "ومالت الصور إلى الإيحائية والرمز، بمعنى أن التركيز الأكبر كان على الأفكار لكشف الممارسات اللاإنسانية للكيان الصهيوني، الذي يتبنى سياسات الترهيب والحصار والتفريغ الثقافي، وفي سبيل ذلك يزجّ بعشرات المثقفين والمفكرين والأحرار في سجونه ومعتقلاته، أو يفرض عليهم الإقامة الجبرية". وأشار إلى أن العمل يمكن وصفه بأنه نَصّ أفكار ومواقف أكثر منه نَصّ أحداث، حيث يحاول "حسين حلمي شاكر" أن يدوّن ما اختبره واختزنه من تجارب في حياته الفلسطينية السيزيفية ومقاومته الاحتلال بلا هوادة، مؤكداً بثقة المنتصر في النهاية: "أنا الفلسطينيّ باقٍ هنا رغماً عنكم". نعم؛ إنه الفلسطينيّ؛ باقٍ، رغماً عن أعداء الحياة. وقرأ الكاتب حسين حلمي شاكر، مقطعًا من روايته، جاء فيه: "لم أتمكن من دراسة الاتفاقية التي ما زالت في أروقة المسؤولين وفي أدراجهم، ولم أُكلف نفسي عناءَ أن أبحث في غير العناوين، ولم أقم أيضاً بوضع أغصان الزيتون على سيارات الاحتلال العسكرية، ولم أبتسم إلا لعودة البعض إلى الوطن...
التقيت بعدد منهم في باحات المعتقل القريب الذي قرّرنا زيارته دون اتفاق، لربما في محاولة للبحث عن أثر لنا في التاريخ، أو لكي نجد أنفسنا، ولربما أيضاً في محاولات لفهم قُدراتنا على التحمُّل وتقدير الذات، ولغايات كثيرة قد نجهلها حتى اللحظة، تفاجأت بأحد العائدين، ولم يكن من المعتقلين، يبحث عن رفيق له في مخطوطات على الحائط... سألته كيف ذلك؟ أجاب بأنه يبحث عن إشارة اتفق حولها مع رفيقه الذي اعتقل أثناء قيامهم بمهمة عمل وطنية، ولم يَسمع عنه شيئاً، فجاء يبحث عن السّر في الجدران.... وقال آخر إنه جاء لمعرفة مكان وفاة والده، وكان بين الحضور صبية تبحث عن طفولتها في أحلام والدها الذي كان خلالها في المعتقل، ولم يستطع تقبيلها، بكَتْ بمرارة وهي تقرأ اسمها وابتسامة أبيها ورسم لقلبه في إحدى زوايا المعتقل... وقالت: ها قد وجدت طفولتي، إنها هنا في قلب والدي، وعلى حائط أنصع من أوراق دوائر النفوس وأرشيف كل الحكومات، عرفت فيما بعد بأنها الطفلة التي صرخ عليها أحد السجّانين وصفعه والدها قبل أن يُطلق عليه النار ويستشهد... التفت أبحث عن أمي فوجدتها تتحدث مع إحدى السيدات، سألتها بعد خروجنا، قالت بأنها أرجأت زيارة قبر زوجها واستبدلته هذه المرة بالمكان الذي دُفن فيه قبل أن يموت".