"فيودور دوستويفسكي" فيلسوف وروائي روسي، تناولت أعماله الجانب النفسي والوجودي للنفس البشرية، وصنف كأحد أكثر عُلماء النفس تأثيرًا في عالم الأدب، وذاع صيته عالميًا، وتترجم رواياته حتى الآن لجميع لغات العالم.
وصدر حديثًا عن المركز الثقافي العربي، نسخة مترجمة من رواية "حلم العم" للمؤلف دوستويفسكي، ترجمة: الجيلالي مويري.
كتبَ دوستويفسكي رواية "حلم العم" في منفاه بسيبيريا ما بين عامَي 1856 و1858 بعد أن خرج من معتقل أومسك، الذي عاش بين جدرانه على امتداد أربع سنوات تجربة اعتقال مريرة ومضنية. نُشرت هذه الرواية لأول مرة في روسيا سنة 1859، وبدت أقرب إلى الكوميديا منها إلى التراجيديا لأن دوستويفسكي، على الأرجح، آثَر الابتعاد قليلاً عن كتاباته التراجيدية بعد كل ما عرفه من ويلات في المعتقل. في مدينة "مورداسوف" الصغيرة حيث الفضائح والدسائس منتشرة، تحاول "ماريا ألكسندروفنا موسكاليوفا"، المرأة المتسلطة، الجشعة، والماكرة بشتى الوسائل أن تزوِّج ابنتها زينا بالأمير "ك" الهَرِم، آملة أن يموت في أقرب الآجال كي تصبح ابنتها أرملة غنية. لكن زينا تحب شاباً فقيراً يطمح إلى أن يصير شاعراً كبيراً، فهل ستعمل زينا بنصيحة أمها وتتزوج الأمير "ك" أم ستستمع إلى نداء قلبها وتبقى مخلصة لحبيبها؟. في خضم هذه المخطّطات ينتشر خبر زواج زينا بالأمير "ك"، فيَبث الحسد والغيرة في قلوب الطامعين، ويدفع بهم إلى التآمر وتوظيف كل الوسائل الدنيئة لإحباط مشروع الزواج هذا، كاشفاً لنا النفاق الكامن في أعماق هذه العيّنة من المجتمع الروسي آنذاك. كما ركزت القصة على مكر الإناث وبراعتهن في حياكة المؤامرات لبعضهن دون التوقف عن تبادل الابتسامات. يمنحنا دوستويفسكي من خلال المواقف المسلّية الزاخرة بالسخرية عملاً روائيًا متميزًا ويُلقي الضوء، في الوقت نفسه، على ما تختزنه النفس البشرية من أسرار دفينة، مبرهنًا لنا من جديد أنه واحد من أكبر الروائيين الذين سبروا أغوار النفس البشرية ونَفَذوا إلى أعماق طبيعة الإنسان.
جسد دوستويفسكي، في أعماله الصراع النفسي الذي عانى منه المجتمع الروسي خلال حُقبة مضطربة سياسيًا واجتماعيًا في القرن التاسع عشر، واشتهر بروايتيه "الجريمة والعقاب Crime and Punishment" و"الإخوة كارامازوف The Brothers Karamazov".