"غيري على السلوان قادر.. وسواي في العشاق غادر.. لي في الغرام سريرة.. والله أعلم بالسرائر.. حلو الحديث وإنها.. لحلاوة شقت مرائر.. لا تنكروا خفقان قلبي.. والحبيب لديَ حاضر".
أبيات شعرية لابن الفارض، من قصيدة "غيري على السلوان قادر" والتي ألقاها الدكتور حسين الأعظمي، في حفل توقيع كتابه "أفكار غناسيقية"، في منتدى عبد الحميد شومان الثقافي. وشارك في حفل توقيع ومناقشة الكتاب، الدكتور مجيد السامرائي، وأدار الأمسية الدكتور محمد غوانمة. قال حسين الأعظمي، إن الكتاب يشتمل على مجموعة بحوث ودراسات قدمت في مؤتمرات الموسيقى العربية بدار الأوبرا المصرية، وأوضح خلاله أن المقام العراقي يختلف عن الأغنية الحديثة التي تعكس ثقافة الفرد في المجتمع؛ بسبب أنها لا تتعدى أن تكون تجارب فردية، وفي وقت زمني محدد، بعكس التراث الذي يعكس ثقافة المجتمع كله، على مدى التاريخ".
وألقى الضوء في كتابه، على الناحية الإبداعية في غناء المقام العراقي خلال 75 عامًا المحددة بين المؤتمر الأول للموسيقى العربية في القاهرة العام 1932 حتى العام 2007؛ التي كان رائدها ومثيرها الأول محمد القبانجي.
وأشار إلى أن القرون الماضية، شهدت ولادة جديدة للموسيقى العراقية عمومًا والمقام العراقي خصوصًا، من خلال ظهور الكثير من الانجازات التكنولوجية وتطورها السريع، التي ما انفكت تزداد تطورًا سريعًا جدًا بمرور الزمن".
واعتبر في هذا السياق، أن أهم انجازات تطور المقام العراقي ظهور جهاز التسجيل الصوتي الذي أمسى انعطافة مهمة في مسار الحياة البشرية على مدى تاريخها.
ويرى الأعظمي، أن الإبداع المقامي كان قبل القرن العشرين، إبداعاً يكاد يكون محلياً؛ حيث كان التفاعل الدرامي منصبًا بين المقامات وتفصيلاتها، في الحذف والإضافة والتغيير والتقديم والتأخير بدينامكية هيكلية.
وعن الطريقة "القندرجية" في غناء المقامات، قال الأعظمي "علينا أن نعي ونفهم مدلولات هذه الطريقة، والبحث عن الجوانب المتوقدة فيها، لننطلق منها انطلاقة جديدة، مع نفس الوعي والتفهم للطريقة "القبانجية"، المستفيدة من سابقيها، ومستفيدة من تجارب الشعوب؛ لبناء أصالة جديدة مستقاة من أصالتنا وهويتنا الحقيقية".
وعن الكتاب، أوضح الأعظمي، أن كثير من الشعراء الذين اختار إحدى قصائدهم وزين بها الكتاب، وكثير من اللوحات التشكيلية الجميلة التي وضعها في بداية ونهاية كل فصل من فصول الكتاب لفنانين عراقيين وغير عراقيين".
ومن جهته، قال الدكتور مجيد السامرائي، إن الكتاب يحتوي على أجزاء مهمة من حياة المؤلف، وهو يؤرخ لتاريخ منذ أن كان "الأعظمي" بطلاً في المصارعة الحرة والرومانية، لينتقل بعدها إلى اعتناق المقامات، بعد أن عاف حلبات القتال".
وأضاف: "عنده لكل مقام لون، وعطر ومذاق، يحن إلى جمعة بغداد في شارع المتنبي، هناك حيث صال وجال ونال". وأوضح أن المؤلف قام بجمع كل شيء حول أعمدة الغناء المقامي الكبار أمثال "القبانجي، القندرجي، حسن خيوكة، يوسف عمر، عبد الرحمن العزاوي، ثم سيدة المقام الأولى مائدة نزهة".
ويرى أن للمقام أصول تبدأ بـ"التحرير، القطع، والأوصال – الجلسة ثم الميانة، وأخيرًا التسليم"، مشيراً هنا، إلى أن المقام "مؤلفة غنائية لها قواعد محدودة لانتقال المغني من نغم إلى آخر ليكون الارتجال الغنائي نصيب فيه".
وأعتبر أن الأعظمي يناضل بين الطريقتين "القندرجية والقبانجية"، لكنه، في هذا المقام، يخالف العلم والمنهج، وهو يميل للقبانجي. وفي كلمته، أشار محمد غوانمة، إلى أن الأعظمي، فنان قدم أبحاثًا كثيرة حول المقامات العربية والعراقية خاصة، وأبدع في نحت كلمات كتابه الجديد "أفكار غناسيقية" وركز فيه على الموسيقى والغناء".
واختتم حفل التوقيع، بغناء حسين الأعظمي، قصيدة "مالنا" للمتنبي، وقام بعدها بتوقيع عدد من نسخ كتابه للحضور.
و"مؤسسة شومان"؛ مؤسسة لا تهدف إلى تحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار المجتمعي.