بفكرة مستوحاة من قصص إخبارية تناقلتها وسائل الإعلام عن بعض الأسر التي فقدت الوظائف بسبب الركود الاقتصادي قبل 5 سنوات، واتجهت هذه الأسر للعيش في فنادق رخصية، خرج فيلم "مشروع فلوريدا" للنور، ليحصد الكثير من الجوائز من بينها الأوسكار.
تدور قصة الفيلم الأمريكي "مشروع فلوريدا" إنتاج عام 2017، للمخرج شون بيكر، الذي عرضته لجنة السينما بمؤسسة عبدالحميد شومان، حول حياة أناس يعيشون الفقر والحياة الصعبة ماديًا. لكن المخرج ركز على زاوية مختلفة، ونقل الحياة الفقيرة بمشاكلها من منظور الأطفال، بعيدًا عن البكائية واستدراج المشاعر الحزينة للمشاهد.
تسيطر روح المغامرة على أجواء الفيلم، وتركز قصة "مشروع فلوريدا" على مجموعة من الصغار من بينهم الطفلة "موني" وصديقها "سكوتي" وطفلة أخرى تعيش في بيت جدتها، هؤلاء الأطفال الثلاثة المشاكسون يورطون أنفسهم في مشاكل ومغامرات كثيرة مثيرة من أجل الاستمتاع بوقتهم في العطلة الصيفية دون توقف أو استسلام للظروف المحيطة البائسة.
لا يحمل الفيلم أي عقد درامية كبيرة، إذ اتسم ومنذ البداية بالبساطة المتجانسة مع بساطة المشاهد والفكر الذي يقدمه الفيلم. "الفقر" هو الأزمة الوحيدة التي ظهرت في الفيلم وكيف يتعايش سكان الفندق معه ويتغلبون عليه، إذ استطاعت الطفلة "موني" التعلم من والدتها آليات تحايل ونصب على زوار الفندق والفنادق المجاورة في الجهة المجاورة التي تعتبر غنية جداً، وكانت تساعد والدتها في بيع العطور والتحايل على الزوار لكسب المال من أجل التغلب على الفقر والعيش ودفع أجرة الغرفة التي تعيش فيها "موني" ووالدتها. واستطاع المخرج "شين بيكر" الاستغناء عن الحبكة القوية في الفيلم بالتمثيل العفوي وخصوصًا من قبل الأطفال الذين حملوا لنا الفيلم ونقلوا لنا من خلال أحاسيسهم ومشاعرهم قسوة الحياة والفقر التي يعيشون.
الأم "هالي" هي والدة الطفلة "موني" التي ظهرت لنا في الفيلم بصورتين، الصورة الأولى هي الفتاة التي تنقلت بين مجموعة من الإعمال الوضيعة، وكانت تعمل في بعض الأحيان بائعة عطور متجولة، وهذا العمل ممنوع في المنطقة التي كانت تعيش فيها، ومرات كانت تعمل راقصة، ومرات تسرق وتنصب على زوار الفنادق. والمفارقة الجميلة في الإخراج أن المخرج استطاع أن يوصل لنا أنها تعمل عاهرة دون أن يصور لنا مشاهدها وهي تبيع الجنس.
أما الصورة الثانية: التي ظهرت لنا فيها في الفيلم، فهي صورة الأم القوية التي كانت تعمل كل ما سبق ذكره لتأمين حياة كريمة لابنتها "موني"، وهذا التناقض في شخصيتها كان له تأثير على حياة ابنتها "موني" إذ أكسبها عمرا أكبر من عمرها وظهرت لنا "موني" أكثر نضج من والدتها أحيانا. واستطاع المخرج أن يستعطف قلوب المشاهدين في كل مشهد خطر كانت تقدم "موني" عليه، لتكون نهاية الفيلم المفتوحة التي ختم بها المخرج الفيلم على مشهد للطفلة "موني" بعد وصول الشرطة الأسرية لأخذها للعيش عند عائلة أخرى بسبب الممارسات الأخلاقية السيئة التي كانت تقوم بها الأم"هالي". أما الممثل"وليم دافو"، الذي حصل على أوسكار أفضل ممثل مساعد، لعب شخصية "بوبي" حارس الفندق الذي كان يشعر بكل مآسي الفقر التي يعيشها سكان الفندق ورغم كل الخراب الذي كان يحدثه الأطفال، إلا انه كان يعيش دور "الأب" في خوفه عليهم وحمايتهم من كل الغرباء وتوجيههم إلى الطريق الصحيح في التعايش من وضعهم السيئ.
وحصل الفيلم على جائزة الأوسكار لسنة 2018 عن التمثيل المساعد، للمثل "وليم دافو" الذي لعب شخصية "بوبي" كما حصل الفيلم على العديد من الجوائز في مهرجانات مختلفة.
وتعرض لجنة السينما بمؤسسة شومان، فيلم "الوداع يا بافانا"، إنتاج مشترك جنوب أفريقيا/ ألمانيا، وذلك يوم الثلاثاء القادم 18 سبتمبر 2018.