رائحة «البارود» تهب على «أغصان الأرز».. طبول الحرب تقرع بين لبنان و«إسرائيل»

حرب بين لبنان وإسرائيل

من جديد تعالت أصوات طبول الحرب وباتت تقرع بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، على خلفية تهديدات للأخيرة بشن عمليات عسكرية ضد مواقع قيل إنها مخازن صواريخ لحزب الله اللبناني..

 

الشارع اللبناني بات يشعر بقرب عدوان إسرائيلي جديد على أراضيه، ربما يكون عنوان الأيام المقبلة، وهو ما أكده ساسة لبنان، واصفين تصريحات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بالأمم المتحدة بأنها تبرير لعدوان آخر على لبنان.

 

حزب الله  

الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي ولبنان سيخسر فيها الطرفان، إسرائيل تعد أحد أهم القوى العسكرية في المنطقة، ويمكنها خوض أي حرب مع أي دولة في أي وقت، لكنها أيضا لا تعرف إمكانات لبنان الآن، ويقصد هنا تحديدا حزب الله..

حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني

 

فالحزب وبعد حربين، واحدة مع "إسرائيل" وأخرى في سوريا، بات لاعباً إقليمياً متشدداً، ولديه أيضاً نفوذ سياسي وترسانة عسكرية كبيرة تتمثّل بامتلاكه نحو 150 ألف صاروخ، بالإضافة إلى معدات عسكرية أخرى، وموقفه على الساحة السياسية في لبنان أقوى من أي وقت مضى.

 

ومن ثم فإن محاولة تحجيم هذا الحزب ستكون مكلفة، صحيح أنه تعرّض لخسائر كبيرة في سوريا وفقد أعداداً كبيرة من مقاتليه في تلك المعارك، ولكن ما زال يمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة والمقاتلين.

 

الصراع في سوريا  

على الجانب الآخر، توقعت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن تشن "إسرائيل" حرباً على لبنان، خاصةً مع تراجع حدّة الصراع في سوريا، ومع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وادعائه وجود مواقع قرب مطار بيروت يستخدمها حزب الله لتخزين صواريخ.

 

وتناولت الصحيفة، المخاوف اللبنانية من بدء "إسرائيل" الحرب، وهو ما دفع وزير خارجيتها، جبران باسيل، لتنظيم جولة تضم عشرات السفراء والدبلوماسيين الأجانب، لتفقّد الأماكن التي تحدث عنها نتنياهو.

 

وشملت الجولة الدبلوماسية التي كان على رأسها باسيل، ملعباً لكرة القدم يملكه نادي "العهد" اللبناني، ومخزناً وملعب جولف مجاوراً لمطار بيروت، وجميعها ذكرها نتنياهو خلال خطابه في الأمم المتحدة.

جبران باسيل وزير خارجية لبنان

 

وقال باسيل: إن "الجولة تأتي رداً على مزاعم إسرائيل حول وجود مواقع لتخزين الصواريخ في هذه الأماكن".

 

وأضاف: "ليس من مهمتنا إثبات مكان تخزين الصواريخ، حزب الله يعترف بأن لديه صواريخ موجَّهة بدقة، لكنَّ هذا لا يعني أنه يخزّنها في محيط مطار بيروت".

 

مطار بيروت  

وكان نتنياهو عرض وهو على منبر الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، خريطة أقمار اصطناعية توضح وجود ثلاثة مواقع بالقرب من مطار بيروت الدولي تابعة لحزب الله، زاعماً أنها تضم صواريخ متطورة يمكن استخدامها في استهداف "إسرائيل".

بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال

 

صحيفة "واشنطن بوست" رأت أن الجولة اللبنانية التي نُظّمت للدبلوماسيين تريد بيروت بها أن تثبت للعالم عدم دقة ما ادّعاه نتنياهو، لكنها عكست مخاوف لبنان الحقيقية من أن يكون هو المستهدَف بعد تراجع حدة الصراع السوري، الذي شارك فيه حزب الله اللبناني المدعوم إيرانياً، حيث أسهم هذا الصراع في تقوية حزب الله أكثر من أي وقت مضى.

 

وتقول "الواشنطن بوست" إن المواقع الثلاثة توجد بحي الأوزاعي ذي الغالبية الشيعية والذي يعيش جزء كبير من سكانه على ما يقدمه لهم حزب الله من دعم، وتمتلئ الشوارع بصور شباب من المنطقة قُتلوا في أثناء مشاركة الحزب في الحرب السورية.

 

ولم تكن الجولة حاسمة في تفنيد مزاعم نتنياهو، حسب ما نقلته "واشنطن بوست" عن دبلوماسيين شاركوا فيها وامتنعوا عن ذكر أسمائهم.

 

صواريخ حزب الله  

وأكد الدبلوماسيون أن الجولة استبعدت أحد المواقع التي ذكرها رئيس الوزراء الإسرائيلي. علاوة على ذلك، فإن الخريطة التي استعرضها نتنياهو لم يتضح منها أنها تشير إلى تلك المواقع التي تمت فيها الجولة أمس.

 

من جانبه، قلل مكتب نتنياهو من نتائج الجولة، بالقول إن الصواريخ رُفعت قبيل وصول الدبلوماسيين الأجانب، كما تمت إزالة أي آثار لتلك الصواريخ.

 

وقال المكتب في بيان: "تم أخذ السفراء إلى ملعب كرة القدم، لكنهم لم يسمحوا لهم بزيارة مصنع إنتاج الصواريخ الموجود تحت الأرض والذي يقع بجواره (الملعب) مباشرة. علينا أن نسأل السفراء لماذا احتاج الأمر لثلاثة أيام لتنظيم هذه الجولة؟ لقد حرص حزب الله على تنظيف المنطقة".

 

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن ترسانة حزب الله من الأسلحة تبلغ أكثر من 100 ألف صاروخ، وهو رقم لا يبدو أن الحزب ينكره.

 

وتعهدت "إسرائيل"، مراراً، بمنع حزب الله من الحصول على مثل هذه الصواريخ، التي لديها القدرة على إلحاق إصابات واسعة النطاق داخل أراضيها، وإعادة تقويم توازن القوى، بعدما أدَّت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى مقتل العديد من اللبنانيين خلال الحروب الماضية، كما أن معظم الغارات التي شنتها داخل سوريا كانت تستهدف منع عمليات نقل الأسلحة الإيرانية إلى لبنان.

الخبير العسكري السوري إبراهيم الطقش، أكد قرب مواجهة بين إيران وحزب الله من جانب، وإسرائيل من الجانب الآخر، لكن المواجهة لن تكون مباشرة كما كانت عام 2006، فكلا القوتين لا تريدان الصدام المباشر.

 

وأوضح الخبير العسكري في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" أن الأمر سيقتصر بين إسرائيل وإيران على الاتهامات والنعرات، وقد يصل التصعيد بينهما لحد التصريحات فقط، قائلا: هذه المرة لن تسمح أمريكا لصدام بينهما كما حدث بين الطرفين حين دخلا في مواجهة مباشرة في فبراير الماضي، في تطور غير مسبوق لدى الجانبين.

 

وتابع: الحرب بين إيران وإسرائيل ستقف لدى صناع القرار الدولي (أمريكا وروسيا وتركيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) هذه القوة إن أرادت المواجهة ستسمح بها، لكنها إن أرادت إبقاء الأمر أيضا سيكون ذلك.

 

زخم عسكري  

الباحث في الشؤون الاستراتيجية وإدارة الازمات والكوارث عمر الشرعبي قال: "نريد أن نعطي لكل قوة حجمها الحقيقي وبالتالي حزب الله أصبح قوة لا يستهان بها".

 

ويضيف في حوارٍ سابق مع "مصر العربية"، ينشر لاحقًا، أنّ ارتباط الحزب الإقليمي بسوريا ولبنان وإيران يعطيه زخم عسكري وسياسي منقطع النظير، متابعًا: "لا ننسى أنّ روسيا الاتحادية تقف بقوة في موضوع سوريا إجمالًا، ومن سعى لتقويض التمدد الروسي عبر قواعدها العسكرية في سوريا أخطأ خطئًا كبيرًا، وذلك في عدم حساب الأبعاد الاقليمية والدولية".

 

ويوضح الباحث الاستراتيجي: "هناك مصالح تجبر بعض الدول العظمى على التدخل المباشر، وهذا ماحدث فعلًا في الأزمة السورية حيث تدخلت بشكل مباشر وبقوة عسكرية متكاملة وأصبحت روسيا لها قواعد عسكرية أكثر ولمدد زمنية طويلة لعقود عبر اتفاقيات وقعت مع النظام السوري".

 

ويرى الشرعبي أنّ امتلاك حزب الله لسلاح كصورايخ متطورة كما أعلن حسن نصر الله يعتبر تهديدًا مباشرًا للاحتلال بشكل عام.

 

لكنّه يوضح: "كل طرف يعرف حجمه الحقيقي في القوة العسكرية فلا أعتقد أنّ حزب اللهسوف يغامر بخوض حرب مباشرة ضد إسرائيل إلا إذا تلقى الحزب ضربات موجعة من إسرائيل ومستمرة، وبالتالي سوف يكون في موقع البقاء أو اللا بقاء".

مواجهة عسكرية  

وفي تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" قال طارق سكرية، عميد ركن متقاعد بالجيش اللبناني، إن التوتر الدائر بين إيران وإسرائيل بسبب ملفات عدة؛ أهمها الخلاف النفطي على بلوك 9، والجدار العازل، وسلاح حزب الله.

 

وأضاف أن إسرائيل تخشى صواريخ حزب الله، حال نشب حرب جديدة بين الاحتلال ولبنان، خصوصًا وأن الجيش الوطني اللبناني لم يعد قادرًا على أي مواجهة عسكرية محتملة.

 

واستبعد سكرية نشوب حرب بين لبنان وإسرائيل في الوقت الراهن، بسبب أمريكا المزود الأول للجيش اللبناني بالسلاح والعتاد، والداعم الأساسي له سياسيا مع فرنسا، متوقعًا بعد التوترات التي قد تصل إلى تبادل قصف محدود بين جيش الاحتلال وحزب الله.

 

وشنت "إسرائيل" حربين على لبنان خلال العقود الأربعة الماضية، واحتلت قواتها جنوبي لبنان 22 عاماً حتى عام 2000، عندما أُجبرت على الانسحاب تحت ضغط هجمات حزب الله، قبل أن تندلع المواجهة الكبرى في عام 2006 والتي لم تكن حاسمة، حيث أثبت الحزب بعدها أنه لاعب سياسي وعسكري رئيسي في لبنان.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات متعلقة