الشاعر أحمد سويلم: كنت ضابطا بسلاح الوقود في «73».. وهذه ذكريات الحرب

الشاعر أحمد سويلم

 

 بزيه العسكري الذي حمل كل معاني الفخر والانتصار والحرية وقف النقيب أحمد سويلم علي جبهة القتال في حرب العبور 1973 مع زملائه المقاتلين، بعد أن استردوا الأرض، وغمرهم شعور من ضاع منه عمره واسترده بقوة عزيمته وانتمائه.

 

شارك الشاعر المخضرم أحمد سويلم في حرب 73 والذي تمر ذكراها الـ45 تلك الأيام، واستعاد ذكرياته في تلك الأيام التي لا تنسى بالنسبة له، في حديثه مع موقع "مصر العربية".

 

روى "سويلم" أنه كان ضابطا بسلاح الوقود، ومسئول عن تموين المعدات الحرببة بالوقود شرق وغرب الاسماعيلية طوال فترة القتال، حيث كان يمد مواسير الوقود فوق القناة فيضربها العدو، فيتمكن الجنود المصريين من الإسراع بإصلاحها حتي لا يحدث عجز في التموين.

 

وعن تأثير وانعكاس تجربة الحرب على أعماله الأدبية قال "سويلم": هناك مبدأ صوفي يقول : من ذاق عرف ومن لم يذق لم يعرف، لقد كانت الحرب تجربة مفيدة جدا لي أضيفت إلى تجارب أخري كثيرة، وانعكست عل ابداعاتي حيث كتبت عدة قصائد مستلهمة من هذه التجربة وفيها الحماسة والانتماء والوطنية والحس القومي والرغبة الصادقة في هزيمة العدو حتي لو نلت الشهادة، وعبرت عن ذلك كله في حينه.

 

وتابع "سويلم":  لكن تأثير التجربة تجلي بعد ذلك في أعمال كثيرة يدركها القارئ حين يقرأ أشعاري، ليجد معاني العزيمة والتحدي،الإرادة والإصرار، من أجل الوصول إلى الهدف، وكلها دروس مستفادة من هذه التجربة التي عشتها من عام 1968 إلى عام 1974.

 

" شعور من ضاع منه عمره واسترده بقوة عريمته وانتمائه" بهذه العبارة وصف "سويلم" مشاعره لحظة النصر التي تجلت بعد استرداد الأرض، بعد أن عاش فى جبهة القتال فرحة اللقاء واستعادة أرضنا الحبيبة بعد غربة دامت ست سنوات.

 

وعن أسباب ندرة الأعمال الأدبية التي تتحدث عن حرب أكتوبر أرجع "سويلم" الأمر إلى أنه هناك فجوة بين المبدعين والواقع، ربما تسبب في تلك الفجوة الإعلام الذي صدر للناس أن ما حدث في أكتوبر لم يحدث في التاريخ، وأننا استطعنا في ست ساعات أن نستعيد أرضنا، والواقع أننا استعدنا أميلا قليلة ثم توقف القتال  وحدثت الثغرة ومحادثاث الكيلو 101، ثم معاهدة السلام في كامب ديفيد ختي استعدنا سيناء.

 

وأضاف "سويلم" قائلًا : هذه الأحداث أحدثت لدي الناس شكوك في كل شيء في ذلك الوقت، حيث جعلت المبدع يفكر ألف مرة ماذا يكتب، والحقيقة أننا لو ركزنا علي حرب الاستنزاف وأيام العبور الأولي لوجدونا بطولات كثيرة وغنية، تستحق الكتابة عنها، وتقديمها للقارئ،  لكنه الغبار المثار دائما حول أي انتصار أصاب المبدعين بالحيرة، حتى أننا لا نجد فيلما متميزا لهذه البطولات.

 

ومن أشعاره التي يعتز بها "سويلم"، والتي كتبها من قلب هذه الفرحة،  بعد أن عاش فى جبهة القتال فرحة اللقاء واستعادة الأرض نقرأ القصيدة التالية:

ربما يحملنى التاريخ ذكرى

وحكايات بطولة ..

ربما تحكى رمال الأرض يوما

عن تباريحى ..

عن الموت الذى أصبح يقظان

معافى ..

ربما تحفر أطفالى عن حرفى

فلا يصمت عن خفق الحنين

- ها أنا عدت اليك

ها أنا أزحف ياسيناء بالشوق

الذى أشبعنى ست سنين

وجرى مجرى دمى ست سنين

أعبر البحر على مركبتى

لست أخاف القحط والعرى

والام الصقيع ..

فعدوى صار صيدى

صار أسماكى ..سؤالى .. وجوابى

ألمى .. أسرعت امحوه

أداوى جرحى النازف مذ ست

سنين ..

- ها أنا عدت اليك

أسقط التل الجليدى أفك

السحر عنه ..

واذيب الصخر فى كفى

ألقى قبضة الرمل بوجه

الغاصبين ..

هذه أرضى مذ أصبح للانسان أرض

هذه دار أبى .. جدى ..

مذ أن كان للانسان دار

هذه قصةأجيال على الصخرة تروى

منذ أن اصبح للانسان ذكرى

هذه تسبيحة المؤمن

انجيل المسيحى

عصا موسى ..

وصايا الحب والايمان

لم تعبث بها أيدى العفاء

- هذه ارضى .. ولاحق لكم ياأدعياء

وهى لى وعدى الالهى .. انا

لا وعدكم .. ياأدعياء

هى لى بعض ترابى ..

قبلتى الأولى ..

لقاء الأرض والحب بأحلام السماء

بالذى قدست طول الدهر

أدعوك به .. عدت اليك

حاملا شوق المحبين .. طوافى

بسمة الفجر على الوجه الحزين

- ربما يحملنى التاريخ ذكرى

وحكايات بطولة ..

ربما تذكرنى الأجيال ..

أخلصت .. وأحببت

فكان الشوق زحفا وفداء

ليس للحزن مكان فى القلوب

ليس للشمس مكان للغروب ..

 

وتجدر الإشارة إلى أن أحمد سويلم، من مواليد بيلا، بمحافظة كفر الشيخ، عام 1942، وهو شاعر مصري، حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 2016، يعمل مديراً للنشر في دار المعارف وأستاذاً غير متفرغ لمادة أدب الأطفال في كلية التربية بجامعة حلوان. عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة ومجلس إدارة اتحاد الكتاب واتحاد الأدباء ونقابة الصحفيين.

 

 ومن أشهر أعمال "سويلم" ديوان "الطريق والقلب الحائر، الهجرة من الجهات الأربع، البحث عن الدائرة المجهولة ، الليل وذاكرة الأوراق، الزمان العصي"، ومسرحية " أخناتون، شهريار، عنترة، الفارس"، وكتاب "شعرنا القديم: رؤية عصرية، المرأة في شعر البياتي، أطفالنا في عيون الشعراء".

مقالات متعلقة