منذ إعلان تكريم المخرج الفرنسي الشهير "كلود ليلوش"، بات الوسط الثقافي والفني على صفيح ساخن، ليس لشيء يعيب مسيرة هذا المخرج الفنية، لكن بسبب مواقفه السياسية مع دولة الاحتلال "اسرائيل". وبين الاستنكار والاستهجان، خرجت العديد من التنديدات والبيانات برفض هذا التكريم جملًا وتفصيلًا باعتباره شكل من أشكال التطبيع. وهذا الأمر لم يلق القبول من رئيس مهرجان القاهرة السينمائي السيناريست والمنتج "محمد حفظي"، وطالب من المهاجمين والغاضبين من التكريم إثبات موقف "كلود ليلوش" من دعم دولة الاحتلال، ولفت إلى أن تصريحات المخرج الفرنسي أثناء زيارته لـ"إسرائيل" كانت من سبيل المجاملة مثله مثل أي فنان يزور بلدًا يكرم فيها. إلا أن الموضوع ازداد سوءًا، عقب تجهيز إدارة مهرجان القاهرة السينمائي بيانًا، في حالة التأكد من موقف "كلود" السياسي، إلا أنه سرب عبر وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية، وفي الحال نفى مهرجان القاهرة، إصداره هذا البيان. لكن في الجهة المقابلة، كان المخرج الفرنسي "كلود ليلوش" يترقب في صمت المشهد الغاضب من تكريمه في مصر، وهذا ما أكده "محمد حفظي" رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ٤٠ أن المخرج الفرنسي. وقال محمد حفظي، خلال لقائه ببرنامج مساء DMC الذي يقدمه الإعلامي أسامه كمال، عبر قناة DMC، إن "كلود ليلوش" أخبرهم بأنه على علم بالأخبار التي يتم تداولها حول تكريمه، ولذلك فضل أن يتنازل عن تكريمه في المهرجان، حقنًا لمشاعر الغاضبين. وأبدى رئيس مهرجان القاهرة، استياءه، لأنه بالرغم من عدم إعلان المهرجان عن أي موقف رسمي تجاه التكريم، إلا أنه تم تسريب بيان، كان من المقرر إصداره في حالة عدم التواصل مع "ليلوش"، لكن نشر ذلك البيان جعل المهرجان يظهر بأنه مهرجان "مُسيس" بعكس ما هو عليه بالفعل. *وهذا البيان الذي أصدره مهرجان القاهرة السينمائي وتم تسريبه:
على مدار الأيام الماضية قامت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وأعضاء اللجنة الاستشارية العليا للمهرجان بالمتابعة عن كثب وعلى مدار الساعة لكل ما حركه السينمائيون والمثقفون على وسائل التواصل الاجتماعي، بخصوص ما أعلنه المهرجان بشأن تكريم المخرج الفرنسي كلود ليلوش بجائزة فاتن حمامة التقديرية عن مجمل أعماله. وكان المهرجان قد أخذ قرار التكريم بناء على مسيرة المخرج الفنية المؤثرة التي امتدت لما يزيد عن نصف قرن قدم خلالها ما يزيد عن 60 فيلمًا روائيًا وتسجيليًا وقصيرًا يعتبر بعضها من علامات السينما العالمية. ولما كان المهرجان ملتزمًا بدوره الإنساني قبل الفني والسياسي، ومؤمنًا بمسيرة طويلة كان موقف المهرجان واضحًا خلالها تجاه دعم القضية الفلسطينية والشعوب العربية بشكلٍ عام، فإن اللجنة الاستشارية قامت بعقد اجتماع عاجل يوم الأربعاء 17 أكتوبر لبحث المواد المنشورة والتي تُلحق بليلوش اتهامات بالصهيونية. ولما كانت المواد المتوفرة لحين عقد الاجتماع مجرد حوار أجراه خلال استلام تكريم في إحدى الجامعات الإسرائيلية يحمل عبارات ودودة تجاه مستضيفيه، أطلق المهرجان دعوة عامة لجموع المثقفين لتزويدنا بما يُثبت انتهاج ليلوش لموقف سياسي معلن معاد للقضية الفلسطينية. نتيجة للدعوة، تلقى المهرجان فورًا العديد من المواد المهمة، وعلى رأسها ما يتعلق بزيارة قام بها المخرج لاسرائيل عام 1990 لأسباب غير فنية، هذه الزيارة لم تكن معروفة أو مثارة قبل عقد الاجتماع، وتختلف كثيرًا في سياقها وأغراضها عن أي زيارة فنية أو ثقافية اعتاد أغلب الفنانين العالميين القيام بها لدولة اسرائيل. وبناءً عليه، ونظرًا لما يبثه الأمر من شك حيال استحقاق ليلوش لتكريم مرتبط بالقيم الراسخة لمهرجان القاهرة السينمائي، وبالرغم من تقديرنا له على المستوي الفني واعترافنا بقيمته كمبدع، إلا أننا رأينا أن من الأفضل إلغاء تكريمه بجائزة تحمل اسم فاتن حمامة نظرًا لمواقفه السياسية. ويود المهرجان أن يشكر جموع الفنانين والمثقفين المصريين، الذين كانوا ولا يزالوا شريكًا أساسيًا في أي قرار أو حراك يتخذه المهرجان. ويؤكد المهرجان على التزامه بدوره الفني والثقافي والسياسي، وقبل ذلك الإنساني، في دعم القضايا الوطنية والانحياز لأصحاب الحق في كل مكان بالعالم.