فاضت لوحاته بالمشاعر، وبألوان الباستيل نبضت لوحاته بالحياة، مسيرة إبداعية امتدت اكثر من 70 عامًا كان البطل الرئيسي بها الفرشاة التي رسمت وعبر عن كل ما هو أصيل وحيوي وطبيعي من التراث المصري. وبالرغم من أن اللوحة الآن معتمة برحيل رائد فن الباستيل الفنان محمد صبري، الذي وافته المنية، اليوم، إلا أن أعماله المنتشرة في بقاع الأرض وبمعارض عالمية عديدة، دليل على بقاء فنه ولوحاته، ليتأملها الأجيال التالية وتخلد تاريخ مصر بريشته وتعبيرته البسيطة الواقعية. في 21 ديسمبر 1917، علت صرخاته، ليلعن الفنان محمد صبري، عن مجيئه لهذه الدنيا ليترك بصمته الإبداعية بها، ومنذ نعومة أظافره برزت موهبته، ليتوجها بالدراسة، وتخرج في المدرسة العليا للفنون التطبيقية، قسم تصوير، عام 1937. لم يكن غريبًا أن يحصل على جائزة مع ظهور لوحاته للنور، في عام 1943، أقام أول معرض خاص للوحاته في صالون "جولدنبرج" بالقاهرة، وحصل على الجائزة الأولى في التصوير بالمهرجان الأدبي الفني الذي أقامته وزارة المعارف العمومية عام 1948. ليس من السهل على أي فنان التعامل مع خامة ألوان الباستيل، لأنها خامة صعبة ذات كثافة عالية، وتحتاج إلى تمرس كبير في استخدامها، إلا أن الفنان محمد صبري، برع في تطويعها لرسم لوحاته وإضفاء عليها طابع يتسم بالبساطة والواقعية والحيوية، ليطلق عليه زملاؤه وتلامذته لقب "رائد فن الباستيل في مصر". مست لوحات "محمد صبري" الحياة في مصر وإسبانيا والمغرب، وعالجت لوحاته موضوعات البيئة والآثار الفرعونية والطبيعة، وأبدع لوحاته لتبدو حقيقية للناظر، وخاصة: "النيل في أسوان، منازل الريف، كُتاب القرية، جزيرة الدهب، معركة بورسعيد، ومجموعة لوحات عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر". تقتني الكثير من المتاحف والمؤسسات الرسمية أعماله ومنها: "المتحف القومي للفن الحديث بالقاهرة، متحف الفنون الجميلة في فالنسيا الإسبانية، متحف سان فرناندو بمدريد، متحف الفن المعاصر في غرناطة، وزارة الخارجية المصرية، والبنك الأهلي المصري". وتعرض لوحة "العبور 6 أكتوبر" المعروضة بقصر عابدين، ونُشرت لوحاته وتاريخ حياته في الموسوعة الأسبانية، والموسوعة القومية للشخصيات المصرية البارزة. توج مشوار الفنان التشكيلي محمد صبري، بالعديد من الجوائز من داخل مصر وخارجها، حيث نال وسام الاستحقاق من درجة فارس من الحكومة الإسبانية عام1961، وسام الملكة إيزابيل من ملك إسبانيا عام 1988، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من مصر عام 1997.
ونعت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، الفنان التشكيلي المصري الرائد محمد صبري، الذي غيبه الموت عن عمر تجاوز المائة عام.
وقالت وزير الثقافة، إن الفنان الراحل يمثل علامة بارزة فى الحركة التشكيلية في مصر والوطن العربي وأحد روادها وأول متخصص في فنون التصوير بألوان الباستايل، مشيرة إلى أن أعماله تشكل جزءًا من تاريخ الأمة وكنوز الإبداع المصري.