"أتمنى أن أموت وتظل الصورة الذهنية لي أنني الفنان الذي يضحك الجمهور، ويرعبني أن أسمع أنني لا أجد مالاً أصرف على نفسي فأضطر لأن أقلل من مستواي، ويقول الجمهور (مش لاقي اللي يشغله)، ومن الصعب على الفنان أن يكون مجرد شكل بعدما تعامل معه الجمهور على أنه يمتلك موهبة حقيقية".... آخر كلمات الفنان محمود القلعاوي؛ الذي رحل عن عالمنا اليوم 10 ديسمبر، عن عمر ناهز 79 عامًا، عقب رحلة فنية مليئة بالمواقف الكوميدية والمشاهد الارتجالية على خشبة المسرح. ومن المقرر تشييع جثمانه بعد ظهر غد الثلاثاء من مسجد عمر بن عبد العزيز بجوار نادى هليوبليس.
ولم يقبل محمود القلعاوي، أن يتواجد على الساحة الفنية لمجرد الظهور على الشاشة، وكانت آخر أدواره عام 2005، معللًا ذلك قائلًا: "قررت الابتعاد لأنني لا أجد عملاً يحترم قيمة كبار السن، أرفض الظهور كديكور في دور لا أهمية له سوى الوجود، فما معنى أن أقدم أعمالاً تقلل من شأني في عيون جمهوري". وينتمي محمود القلعاوي، الذي ولد في 12 نوفمبر 1939، لعائلة فنية، وهو ابن الفنان عبد الحليم القلعاوي وشقيق الفنانة إحسان القلعاوي، وحصل على ليسانس الحقوق عام 1964، وعمل في بداية حياته موظفًا للشئون القانونية. بداية غير متوقعة قرر محمود القلعاوي، أن يطبق المثل القائل "ابن الوز عوام" على نفسه، وقرر أن يقتحم عالم الفن لكن ما لم يكن متوقعًا أن يدخله من عالم الغناء، ومن باب الطفولة. كان أول ظهور للقلعاوي، خلال مسلسل أطفال بعنوان "شجرة الحواديت"، وعمل خلاله مغنيًا، وكشف خلال لقائه في برنامج "صاحبة السعادة" مع الفنانة إسعاد يونس أنه تقاضى 12 جنيهًا في الحلقة. سينما وتليفزيون.. وع المسرح "الجوكر" بـ"لعنة امرأة" ثبت محمود القلعاوي، قدمه في عالم السينما بجوار الفنان الراحل فريد شوقي والراحلة ناهد شريف، لتتوالى بعدها الأفلام التي شارك بها، منها: "العذراء والشعر الأبيض"، "ريا وسكينة"، "لا من شاف ولا من دري"، "عليش دخل الجيش"، "علي سبايسي"، "قمر الليل"، "هدي"، "معالي الوزير"، "برج المراهقين"، و"صباح الخير يا سيناء". وعلى الشاشة الصغيرة، أطل بجانب الفنان محمد صبحي في "رحلة المليون" ليدخل كل البيوت المصرية والعربية. خطفت وقفة المسرح ومواجهة الجمهور قلب وعقل القلعاوي، ولذلك كان للمسرح النصيب الأكبر من أعماله الفنية. ورغم أنه قدم عدة عروض مسرحية مثل "عبده يتحدى رامبو"، "واحد لمون والتاني مجنون"، "أولاد دراكولا"، "أنا ومراتي ومونيكا"، إلا أن مسرحية "الجوكر" -كانت وش السعد عليه- مثلما أشار محمود القلعاوي في حوارات سابقة له. ومع أن مسرحية "الجوكر" عرضت في بعد ظهوره في السينما بثمان سنوات أي عام 1979، إلا أنه يعتبرها نقلته الحقيقة ليتعرف الجمهور على موهبته.
وعن أجره بالمسرحية، قال القلعاوي في "صاحبة السعادة": "وصل أجري في أول سنة عمل فيها 400 جنيه وتم رفع الأجر في السنة التالية ليصل إلى 600 جنيه، ولكن عندما طُلب منا أن نسجل لعرضها في التليفزيون مع مكافأة قيمة فوجئت بأن هذه المكافأة هي مبلغ 40 جنيهًا".
القلعاوي والشمعدان
أبى القلعاوي، أن يدخل عالم الشهرة، دون أن يجرب كل شئ، ولذلك كان له تجربة إعلانية عام 1990، لبسكويت "الشمعدان"، ولم يكرر التجربة مرة أخرى، لأن الجمهور تذكر الإعلان أكثر من أعماله. سبب اعتزاله كانت آخر مشاركات محمود القلعاوي في عالم الفن بفيلم "علي سبايسي" عام 2005، وبعدها قرر الاعتزال، لافتًا إلى أن المسرح الذي كان سببًا في شهرته وانتشاره لم يعد كما كان.