بعد مرور عام على هزيمة داعش.. أوجاع العراق لا تنتهي

معاناة النازحين في العراق

على الرغم من مرور عام على إعلان السلطات العراقية هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في المناطق التي كان مسيطر عليها، إلا أن الشعب العراقي مازال يعاني على جميع المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

 

واحتفل  العراق بمرور عام كامل على هزيمة تنظيم (داعش) الإرهابي، والتي أعلنها رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، في ديسمبر من العام الماضي، بعد تحرير آخر معقل للإرهابيين غربي البلاد، بعد 3 أعوام من نشأة التنظيم في عام 2014.

 

وأعلنت الحكومة العراقية ديسمبر من كل عام عيدًا وطنيًا للعراق، وزينت نقاط التفتيش في العاصمة، "بغداد"، بأعلام عراقية وبالونات، بينما عزفت قوات أمن موسيقى وطنية في الشوارع.

 

آلام ومعاناة

 

وتخفي مظاهر الاحتفال آلاما ومعاناة كثيرة لدى الشعب العراقي الذي مازال يعاني من الفقر وانعدام البنتية التحية التي دمرت خلال المعارك ضد داعش ولم تبدأ الحكومة إعادة الإعمار حتى الآن.

 

وبالإضافة لما سبق مازال الفساد يسيطر على جميع المؤسسات الحكومية فضلاً عن وجود  فساد سياسي بين الأحزاب التي تعمل من خلال طائفية مزقت الوحدة الوطنية العراقية.

 

أيضاً تنظيم داعش رغم هزيمته بدأ تغيير جدله والظهور بأشكال مختلفة إذ أعاد (داعش) تنظيم صفوفه في مناطق بعيدة عن تلك المأهولة بالسكان، سواء في "سوريا" أو "العراق"، على طول نهري "دجلة" و"الفرات"، بحسب موقع (لا إنترانس خينتي) الإخباري الإسباني.

 

بذور الشر لا تزال مزروعة

 

ورغم أن الاحتفالات بالنصر تعطي النظام العراقي الحالي فرصة جيدة؛ إلا أنه لا يجب إغفال أن بذور الشر لا تزال مزروعة، ويبدو أنها مستعدة لأن تنبض بالحياة من جديدة لتشن هجمات عنيفة ضد كل ما هو إنساني.

 

المقدم جليل الربيعي، قائد عمليات بغداد، قال في تصريحات صحفية إن قواته أحبطت 14 محاولة تفجير منذ نوفمبر الماضي، مؤكداً أن حسن التنسيق وتبادل المعلومات بين الوكالات الأمنية في العاصمة أسهم في إحباط تلك الهجمات.

 

وكانت الكثير من الأخبار والتقارير خرجت لتؤكد على وفاة زعيم تنظيم داعش، "أبوبكر البغدادي"، لكن مصادر أخرى أشارت إلى أنه لا يزال على قيد الحياة، لكن لا شك أنه لديه القدرة على محو آثاره ببراعة لدرجة أنه استطاع إقناع العام بوفاته دون العثور على الجثة حتى الآن، وكانت أول وآخر مرة يظهر فيها أمام الجمهور عندما أعلن نشأة تنظيم "الدولة الإسلامية" من مسجد "النوري الكبير".

 

هزيمة داعش

 

"دولة" البغدادي كانت مترامية الأطراف، تشمل ثلث مساحة العراق ومناطق شاسعة في سوريا، وكان تنظيمه يطمع في التهام بقية دول المنطقة الواحدة تلو الأخرى، بعد أن اجتاح مناطق عراقية، صيف 2014.

 

ما إن استوعب الجيش العراقي صدمة الاجتياح ولملم شتاته، حتى بدأ في العام نفسه حملات مضادة لاستعادة أراضيه، بمساعدة "الحشد الشعبي" (فصائل شيعية مسلحة) و"البيشمركة" (قوات إقليم الشمال)، وبتغطية جوية من التحالف الدولي، المكون من نحو 60 دولة تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.

 

كانت المعارك أشبه بحرب عالمية، لكنها تركزت في بقعة جغرافية واحدة، ويوماً بعد آخر تقدمت القوات العراقية على تنظيم الدولة، حتى أعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في 9 ديسمبر 2017، تحقيق النصر واستعادة كافة الأراضي.

 

انتصار الفساد

 

أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال الأمريكية"، أن الحالة المزاجية للعراقيين أكثر تشاؤماً، بعد عام كامل على هزيمة تنظيم "داعش"، رغم فتح السلطات للمنطقة الخضراء وسط بغداد التي تضم بعثات وسفارات دبلوماسية.

 

واستندت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها، إلى استطلاع رأي أجراه المعهد الديمقراطي الوطني، أظهر أن العراقيين لا يزال لديهم شعور بوجود الفساد، وغياب للوظائف، وازدياد البطالة، ونقص في الخدمات، على الرغم من تحسن الوضع الأمني،  ومرور عام على هزيمة "داعش".

 

وتوصلت الصحيفة إلى أن المسؤولين العراقيين يحاولون استخدام النصر على تنظيم "داعش" لاستعادة الوحدة الوطنية التي مزقتها الخلافات الطائفية.

 

إحباط عام

 

وتؤكد أن التفاؤل الحذر بالمستقبل كان مصحوباً بالإحباط لدى معظم العراقيين، حيث خسر حيدر العبادي، رئيس الوزراء السابق، منصبه رغم أنه من قاد الحرب على تنظيم "داعش"، وذلك بسبب تردي الخدمات الذي رافقته احتجاجات واسعة في عدة مدن عراقية.

 

المحلل السياسي العراقي أحمد الملاح، يرى أن خطر التنظيم انتهى من الناحية العسكرية والقدرة على السيطرة على المدن والظهور العلني، لكن مايزال التنظيم يمتلك خلايا نائمة قادرة على الضرب والخرق الأمني وفق تقنية الذئاب المنفردة.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن العراق ما يزال يواجه المشاكل الموجدة لداعش من فساد في مؤسسات الدولة وانتقائية في تطبيق القوانين والدستور وغياب التنمية إضافة لمشكلات المتخلفة نتيجة الحرب على داعش أبرزها ملف إعادة الأعمام وإعادة النازحين وملاحقة المتسببين بذلك قضائيًا وتعويض المتضررين.

 

وأوضح أن العراق بدون داعش أفضل ولكن ما بعد داعش يحتاج لعمل حقيقي للوصول لبر الأمن الذي اقترب العراق منه لكنه لم يصل بعد.

 

فساد سياسي

 

فيما قالت الإعلامية العراقية نداء الكناني، إن العراق مازال يعاني الكثير من الأزمات بسبب فساد المؤسسات الحكومية وأنانية الأحزاب السياسية التي تتخذ من العمل السياسي سبيل لتحقيق مصالحها الشخصية.

 

وأضافت لـ"مصر العربية" أن الاحتفال الحقيقي لهزيمة داعش لابد وأن يوازيه القضاء على الفساد الذي أرهق الشعب العراقي، وأشارت إلى معاناة النازحين الذين لم يستطيعيوا العودة لمنازلهم حتى الآن بسبب دمارها.

 

وطالبت المجتمع الدولي عامة والعربي خاصة بالالتزام بوعوده الخاصة بالمساهمة في إعادة إعمار العراق، وأشارت إلى المؤتمر الذي عقد في الكويت في فبراير الماضي والذي جمع نحو 30 مليار دولار من التعهدات لإعادة إعمار العراق، وهو رقم يوزاي 30% فقطمن الميزانية المتوقعة لإعادة تأهيل المناطق المحطمة من المعارك.

مقالات متعلقة