على الرغم من إعلان الحكومة العرقية هزيمة تنظيم داعش الإرهابي بعد معارك دامية، إلا أن الهجمات التي نفذها التنظيم الإرهابي خلال عام2018 تتناقض مع ما تعلنه الدوائر الحكومية العراقية.
وكان العراق قد أعلن في ديسمبر الماضي بعد 3سنوات من سيطرة التنظيم على ثلث مساحة البلاد من، استعادة كامل أراضيه من قبضة تنظيم الدولة بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
ويظهر تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي CSIS أن عدد هجمات داعش قد ارتفع خلال عام 2018 مقارنة بالعام 2016 وهو العام الذي كان قد بدأ فيه التهاوي.
خسائر
ويشير تقرير المركز البحثي الأمريكي إلى أن عدد الهجمات التي كان داعش ينفذها في الشهر الواحد كانت 60 هجمة في العام 2016 عندما كان التنظيم في أوج قوته ويسيطر على 30% من أرض العراق وله من المسلحين في العراق (10000-25000) مسلحاً.
والآن وبعد أن خسر داعش 99% من المناطق التي كان يسيطر عليها، بلغ معدل عدد العمليات الهجومية التي نفذها هذا العام، 75 عملية في الشهر، حسب تقرير المركز الأمريكي، لكن هذا المعدل أقل من المعدل الشهري للسنة الماضية، وكان 89 عملية في الشهر.
ورغم ارتفاع عدد هجمات داعش، مقارنة بالعام 2016، فإن عدد القتلى من جراء تلك العمليات أقل بكثير، حيث يشير التقرير إلى أن عدد القتلى جراء هجمات العام 2016 كان 6217، لكن العدد تراجع في 2017 إلى 5339، وإلى 1656 في العام 2018.
استهداف المنشآت الحكومية
وتراجعت نسبة هجمات داعش التي تستهدف المدنيين في مقابل ارتفاع نسبة الهجمات التي تستهدف المنشآت الحكومية والعسكرية، إذ تفيد الإحصائيات بأن داعش نفذ 588 هجوماً في العام 2016، استهدف في 473 منها مواقع مدنية بينما استهدف بـ115 منها منشآت حكومية وأمنية، وارتفع عدد الهجمات في السنة الماضية إلى 998، استهدفت 635 منها مواقع مدنية بينما استهدفت 363 منها مواقع حكومية وعسكرية.
كما نفذ داعش خلال هذا العام 666 هجمة استهدفت 272 منها مواقع مدنية واستهدفت 394 منها منشآت حكومية وأمنية.
وكانت محافظة صلاح الدين المحافظة العراقية الوحيدة التي استمر ارتفاع عدد العمليات الهجومية لداعش فيها على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة، فقد كانت 52 في 2016، و146 في 2017، و166 في الأشهر العشرة الأولى من 2018.
عودة صريحة
أما عدد هجمات داعش على محافظة بغداد فكان 55 هجوماً في العام الحالي، أي نحو نصف عدد هجمات السنة الماضية، وفي العام 2016 استهدف داعش المراكز المدنية والحكومية في بغداد 102 مرة.
وكانت أولى عمليات التنظيم في فبراير الماضي بعدما نصب كميناً لوحدة استخباريّة تابعة لمليشيا "الحشد الشعبي" الموالية للحكومة، في منطقة الحويجة غرب مدينة كركوك في العراق، وقُتل 27 منهم، وهى كانت بمثابة إعلان عودة التنظيم إلى العمل بنفس الطريقة التي بدأ بها قبل فرض هيمنته على مساحات واسعة تمتدّ ما بين غرب العراق إلى شرق سوريا.
وحمّل مسؤول عراقي سابق حكومة بغداد المسؤولية عن عودة تنظيم الدولة من جديد، مؤكداً الإعلان عن انتهاء داعش سيسهم في بقاء التنظيم وتوفير ملاذات آمنة له في شمال وغرب البلاد.
نصر زائف
واتهم نجم الدين كريم، محافظ كركوك، في مقابلة خاصة مع صحيفة الإندبندنت البريطانية، السلطات العراقية، بـ "الكذب"، في مسألة النصر على داعش، مشيرا إلى أن التنظيم لن يكون قادراً على الاستيلاء على الأراضي كما فعل سابقاً، لكنه سوف يستمر بالقتال.
وأكد محافظ كركوك أنه ما زال لدى التنظيم ملاذات آمنة كما أنه يعتمد على السكان العرب السنّة الساخطين الذين شرّدتهم الحرب ويأتون من بغداد والمحافظات المحيطة بها، خوفا من قمع المليشيات الشيعية، قائلاً"هناك 200 ألف سني نازح في كركوك من قرى وبلدات سيطر عليها تنظيم الدولة، ولكن حتى بعد تحرير تلك المناطق فإنه لا يسمح لأهلها بالعودة إليها".
معارك استنزافية
الخبير العسكري العراقي، العميد الركن خليل الطائي قال إنه وفقا للمفهوم الاستراتيجي للحروب والخطط والغايات العسكرية فإن داعش مازال يحتفظ بروح القتال والإصرار على المطاولة الميدانية.
وأضاف في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" أن استراتيجية تنظيم الدولة هي إدارة أكبر ما يمكن من المعارك الاستنزافية وفق حرب طويلة الأمد ومفتوحة الجغرافية, ووفق هذه الإستراتيجية فإن غايته العسكرية لن تتوقف بفقدان مدينة أو مساحة جغرافية معينة.
وأوضح أن التنظيم إذا فقد موقعًا سيقاتل بمناطق أخرى كما أنه مايزال يحتفظ بمناطق عديدة ضمن الجغرافية العراقية, ولهذا هو مايزال ضمن استراتيجيته المفتوحة الجغرافية والتوقيتات.