محمد علال: مشاركة الفرنسي «جيرار ديبارديو» في «أحمد باي» وصمة عار

فيلم "أحمد باي"

"من يحلم في سجننا ولو يومًا واحدًا، عليه أن يقتنع أنه سيبقى أبد الدهر، سجين الكلمة الصادقة والحقيقة المرة الموجعة"... بهذه الكلمات علق الكاتب والناقد الجزائري محمد علال؛ المدير الفني لمهرجان وهران السينمائي، على الأزمة التي أثيرت بسبب فيلم "أحمد باي".  لم تهدأ الأخبار في الجزائر منذ إعلان مشاركة الفنان الفرنسي "جيرار ديبارديو"، بدور أساسي في الفيلم التاريخي الجزائري"أحمد باي" الذي تموله وزارة الثقافة الجزائرية بنسبة 50 % -وفقًا لما صرحت به منتجته سميرة حاج جيلاني.  ليتجدد الحديث من جديد، لكن من منظور ثان بتحويل الأمر للقضاء، لتكون أول قضية ضد النقد السينمائي في الجزائر.  بداية القصة تفاجأ الناقد السينمائي محمد علال؛ باستدعائه من طرف "ضبطية الشرطة القضائية"،  لمهاجمته وجود ممثل فرنسي في فيلم تاريخي. وقال محمد علال، "في مقر الأمن تبين أن "الشاكي" المنتجة السينمائية سميرة حاج جيلالي، مشيرًا أن شكوها جاءت بعد تهربها من النقاش والإجابة على الأسئلة المحورية التي طرحها الرأي العام.  وشدد الناقد الجزائري، أنه ليس على خلاف شخصي مع أحد، لكنه سيستمر في الكتابة بما يتماشى مع قناعاته، وما يخدم المصلحة العامة. وأشار إلى الشكوى جاءت على أثر مهاجمته لفيلم "أحمد باي"، لافتًا إلى أن مشاركة الممثل الفرنسي "جيرار ديبارديو" في فيلم "أحمد باي" أكبر سقطة في تاريخ السينما الجزائرية، ووصمة عار على جبيننا جميعا. وتسأل كيف ندير ظهرنا إلى بشاعة الصورة التي يحملها "ديبارديو" والتي تتعارض مع مبادئ الدولة الجزائرية، وكيف ننسى أن الرجل كان على رأس الموقعين على عريضة تصفُ نصوص القرآن الكريم بـ"الإرهابية"، و تطالب بحذف العديد من الآيات من القرآن و إعادة صياغته بما يتماشى مع العولمة.  وتابع محمد علال: "كيف نتحدث عن عالمية السينما الجزائرية، وننسى تهم التحرش الجنسي التي تحاصر "ديبارديو"، ولنقُل للعالم "معلش" كل تهم التحرش تخصه، وهي حياته الخاصة، ولندير ظهرنا إذن، إلى جائزة نوبل للسلام التي مُنحت هذه السنة للطبيب الكونغولي دينيس موكويغي الناشطة اليزيدية نادية مراد يعوض، لكفاحهما ضد التحرش الجنسي، أو "نبزق" على شعار السينما العالمية هذا العام،" me too"الذي رفع لأول مرة في كل مهرجانات العالم، للتنديد بالتحرش الجنسي، وهي التهمة التي لا تزال تحاصر "ديبارديو" حتى الآن. واستنكر الناقد الجزائري، تجاهل صرخة الصحافة، التي بح صوتها و هي تطالب، بضرورة الكشف عن الميزانيات والمبالغ الذي يتقاضاها الممثل الأجنبي، كما ينص الدستور في المادة 50 "حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وعلى الشبكات الإعلامية مضمونة ولا تُقيد بأي‮ ‬شكل من أشكال الرقابة القبلية"‮.‬ واختتم قائلًا: "لن أتوقف أبدا عن انتقاد وكشف عيوب كل ما أراه يسئ إلى السينما وسأستمر في تعرية الدخلاء على الميدان، لا تهمني الحياة الشخصية للأفراد، و لو لم يرتبط اسم المنتجة بمشروع سينمائي، لما انشغلت بأمرها أصلاً". "أحمد باي"  وأحمد باي، أحد أبرز الشخصيات التاريخية الجزائرية المقاومة للاحتلال الفرنسي للجزائر، وقائد أطول مقاومة شعبية ضد المستعمر الفرنسي، والتي دامت 18 عاما (1830 – 1848).  أحمد باي بن محمد الشريف فقد كان آخر حاكم في العهد العثماني لقسنطينة في شرق الجزائر العاصمة وعرف بمقاومة الاستعمار الفرنسي حتى سقوط المدينة في 1837. ويلعب الممثل الفرنسي "دوبارديو" دور الداي حسين باشا، وهو آخر دايات الجزائر في عهد الدولة العثمانية الذي دام أكثر من ثلاثة قرون، وحكمها من 1818 حتى احتلال فرنسا للجزائر في 1830.

 

وانتقد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، تمثيل "الفرنسي دوبارديو" لدور الداي حسين الذي اشتهر بـ"حادثة المروحة" عندما ضرب الداي القنصل الفرنسي في 1827 والتي اعتبرها المؤرخون السبب غير المباشر لاحتلال الجزائر -وفقًا لأحد الجرائد الجزائرية-.  التصوير

 

يصور الفيلم في المدينة السينمائية الجزائرية بالمركز الوطني لتطوير السينما الواقع في منطقة "العاشور" بالجزائر العاصمة.  وصممت ديكورات تنسجم مع فترة حكم "أحمد باي" للشرق الجزائري من مدينة "قسنطينة" خلال الفترة العثمانية، إلى غاية دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر ووصوله إلى قسنطينة التي استولى عليها سنة 1837، والتي تعود بالمشاهد إلى السنوات الأولى للاحتلال الفرنسي ومقاومة أحمد باي. فريق العمل.. ومخرج "سيدنا يوسف"  اختير المخرج الإيراني "جمال شورجة" الذي أخرج مسلسل "سيدنا يوسف" وحظي بنسبة مشاهدة عالية في الوطن العربي، وذلك لثقل العمل وكبره.  وكتب السيناريو والحوار للفيلم الكاتب الجزائري "رابح ظريف"، وأشار إلى أن الفيلم يلق الضوء خلال ساعتين ونصف، على حادثة اغتيال والد أحمد باي ومحاولة فراره مع والدته الجزائرية خوفا من نفس المصير، كما يركز على الصراع الداخلي لدى أحمد باي الذي يرجع أصله من ناحية والدته إلى الجزائر بينما أبوه تركي.  

ويجسد الفيلم السينمائي اللحظات المؤثرة في حياة أحمد باي، ومنها زلزال مدينة البليدة وحادثة اغتيال قائد الجيش وتعصب القائد الذي تلاه (إبراهيم الأغا) وتسبب في تيسير الاحتلال الفرنسي، كما يرصد الفيلم التاريخي المقاومة التي قادها أحمد باي ضد المستعمر الفرنسي، ويكشف حوادث الاغتيال والخيانة، وتتوزع مناطق التصوير في محافظات "بسكرة، البليدة، العاصمة، عنابة، وقسنطينة".

ويشارك في الفيلم نخبة من الممثلين الجزائريين من بينهم: "محمد طاهر الزاوي، مراد خان، عبدالباسط بن خليفة، وأحمد دحام، وغيرهم.

مقالات متعلقة