لأول مرة منذ قرن.. البابا تواضروس يعظ في مسجد الفتاح العليم

البابا توضراوس الثاني والقمص سراجيوس

لأول مرة منذ 100 عام يقف رمز مسيحي يخطب من داخل مسجد بمصر، سيكون ذلك اليوم الأحد، حين يعتلي البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، منبر مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية ليلقي كلمة بمناسبة الاحتفال بأعياد الميلاد المجيد.

 

منذ الإعلان عن إلقاء كلمة للبابا تواضروس من داخل مسجد الفتاح العليم، خلال افتتاح المسجد بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي وشيخ الأزهر الإمام الدكتور أحمد الطيب، بالتزامن مع افتتاح كاتدرائية "ميلاد المسيح"، واعتبروه الكثيرون أنه حدث تاريخي، يحمل بين طياته رسالة للعالم أجمع بأن مصر تحتضن مسلميها ومسيحيها دون تفرقة، وربما كان ذلك نفس المعنى الذي حمله أول من مسيحي يخطب من المسجد الأزهر قبل 100 عام.

 

فحين تعود بالتاريخ إلى الوراء تجد أن كلمة "البابا تواضروس" المقرر إلقائها، اليوم، لم تكن الأولى لرمز مسيحي يخطب داخل مسجد، إذ حدث ذلك إبان ثورة 1919، وكان أول من خطب بالمسجد الأزهر من الرموز المسيحية هو القمص سرجيوس، الذي لقبه سعد زغلول بـ"خطيب الثورة الأول".

 

"أنا مصري أولا ومصري ثانيا ومصري ثالثا.. لا فرق بين مسلم ومسيحي"  كانت تلك كلمات القمص سرجيوس، أحد أبرز من رفع شعار الوحدة الوطنية بين المصريين كمنوذج حي يخلده التاريخ، حتى أنه كان يتحدى الإنجليز قائلا :"إذا كان الاستقلال موقوفًا على الاتحاد، وكان الأقباط في مصر حائلًا دون ذلك، فإني مستعد لأن اضع يدى في يد إخواني المسلمين للقضاء على الأقباط لتبقى مصر أمة متحدة مجتمعة الكلمة".

 

كان سرجيوس، ابن محافظة سوهاج، الذي ولد عام 1882،  أول كاهن يخطب بالجامع الأزهر وجامع أحمد بن طولون، رُسِمَ قساً على بلده «ملوى» باسم القس ملطى سرجيوس، ثم عُيِّن وكيلاً لمطرانية أسيوط فى 30 أكتوبر سنة 1907م.

 

كان سرجيوس رجلا ثائرا حتى أنه لُقب بـ"الكاهن المسيس"، وأصدر الأب سرجيوس مجلة «المنارة المرقسية» فى سبتمبر سنة 1912م فى مدينة الخرطوم عندما كان وكيلاً لمطرانيتها، وكان هدف المجلة دعوة الأقباط والمسلمين إلى التضامن والتآخى.

 

عاش سرجيوس فى الأزهر لمدة ثلاثة شهور كاملة يخطب فى الليل والنهار معتليا المنبر، معلنا أنه مصرى أولاً ومصرى ثانياً ومصرى ثالثاً، وأن الوطن لا يعرف مسلماً ولا قبطياً، بل مجاهدون فقط دون تمييز بين عمامة بيضاء وعمامة سوداء، وقدم الدليل للمستمعين إليه بوقفته أمامهم بعمامته السوداء.

 

كان يقف سرجيوس ومعه الشيخ القاياتى يتناوبان الخطابة من فوق منبر جامع ابن طولون، فلما ضاق بهما الإنجليز ذرعاً أمروا بنفيهما معاً إلى رفح فى سيناء.. وكانا فى منفاهما يتحدثان عن مصر، ويتغنيان بأناشيد حبهما لها.

 

ظل القمص مرقس سرجيوس زوبعة عاصفة إلى آخر نسمة فى حياته بالرغم من شيخوخته، إذ وافته المنية عن إحدى وثمانين سنة، وكان ذلك فى 5 سبتمبر سنة 1964، وأطلقت اسمه على أحد شوارع مصر الجديدة بالقاهرة.

 

وبعد مضي نحو مائة عام سيقف البابا تواضروس الثاني في مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية، ليؤكد على ذات المعنى وهو أنه لا فرق بين مسيحي ومسلم.

 

وعن إلقاء كلمة للبابا تواضوس من مسجد العاصمة الإدارية قال  نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، إن ذلك سيكون ملحمة وطنية تقدمها مصر للعالم للتسامح والتعايش بين المسلمين والأقباط.

 

وقال "جبرائيل" في مداخلة هاتفية لبرنامج "انفراد" مع سعيد حساسين عبر فضائية "الرافدين+"، إن افتتاح المسجد والكنيسية غدا رسالة للمغرضين أنه لا فرق بين الكنيسة والمسجد.

 

وأضاف "جبرائيل" أن تجاور المسجد والكنيسة نموذج تسامح ومحبة ورسالة للجميع بضرورة احترام وتقديس الاثنين.

وقالت النائبة مارجريت عازر، إن كلمة البابا تواضروس الثاني، والتي سيلقيها اليوم من أكبر مسجد في العاصمة الإدارية، ستكون رسالة للعالم أن مصر مهد التسامح والأديان، وهذا بفضل القيادة السياسية.

وأضافت عازر في مداخلة هاتفية لبرنامج "انفراد" مع سعيد حساسين، اليوم السبت، «أن مصر لا تعرف فرقاً بين المسلم والمسيحي، وبيحكمنا القانون وقيادتنا عظيمة وضربت أعظم الأمثلة في قيمة المواطنة».

وأكدت "عازر" أن إلقاء البابا كلمته داخل المسجد: «طفرة كبيرة جدا، وليس بمشهد جديد على المصريين، فلو الزمن أثر عليه بعض المتطرفين فلنعود لثورة 19 سنجد أن المسلم خطب في الكنيسة والمسيحي خطب في المسجد، هذه طبيعة المسلمين».

وواصلت: «منذ تولي السيسي احتفالاتنا بقى لها شكل، فمنذ دخوله الكنسية في عيد الميلاد كان مشهد الأخوة المسلمين أكثر من المسيحيين وشفت الفرحة قد ايه في عيونهم هذه مصر التي تربينا عليها، نحن تربينا على سماحة الإسلام، مصر في تغيير كامل».

 

 

 

مقالات متعلقة