مغامرة صعبة، قرر أن يخوضها المخرج الفرنسي جاك دولوان، مع بطلة فيلمه "بونيت" الطفلة ذات الأربعة أعوام، ليحصد بعمله الروائي الطويل 11 جائزة من مهرجانات دولية. وتعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، يوم الثلاثاء 8 يناير، الفيلم الفرنسي "بونيت" إنتاج 1996، للمخرج جاك دولون.
والفيلم بطولة مطلقة لطفلة في الرابعة من عمرها، ويتقاسم معها البطولة أطفال من سنها، ليس هذا فقط ما يشكل المغامرة بل أيضًا صعوبة الموضوع المرتبط بطفلة تحاول أن تفهم حالة الموت والتعامل مع مشاعر معقدة بعد وفاة والدتها في حادث سير ، مما يتطلب منها أداء تمثيلي معقد، يعجز عن تنفيذه ممثلون محترفون كبار.
يتوغل الفيلم الفرنسي "بونيت" في أعماق عقل طفلة صغيرة في الرابعة من عمرها تدعى "بونيت"، طفلة ذكية إنما لم تختبر الحياة بعد، تعرضت بونيت لحادث سيارة وهي بصحبة أمها، أدى إلى كسر في ذراعها. في بداية الفيلم يبلغها أبوها أن أمها ستموت، كيف إذن، ستتعامل بونيت مع هذا الخبر؟ ما الذي تفهمه طفلة في الرابعة من عمرها عن الموت؟.
تخرج الطفلة الصغيرة من المستشفى وتتجه برفقة والدها إلى منزل عمتها التي تعيش مع طفل وطفلة في سن بونيت والتي سترعاها.
بعد بضعة أيام يبلغها والدها ان أمها ماتت:"تعرضت كل عظامها للكسور، وعجزوا عن ترميمها". يستغرق والدها في حزنه الخاص، ويلح على بونيت أن تعده بأنها لن تموت، فيما يحمّل امها مسؤولية الحادث ويتهمها بالغباء، "هي ليست غبية. ليست غلطتها" ترد مونيت عليه.
الفيلم بطولة مطلقة للطفلة "بونيت" - الممثلة الطفلة فيكتوار ثيفيزول- يتطلب منها دورها أن تقدم أداءً حقيقيًا، لا كطفلة، بل كممثلة محترفة تؤدي دورا وحوارا معقدا.
وبينما تتعامل "بونيت" مع حقيقة أن أمها في تابوت وستكون قريباً تحت الأرض، يشرح لها ابن عمتها الطفل عن الخشب الصلب والوسائد التي توضع تحت الرأس في التابوت وما يحدث للجثث بعد وقت طويل، ويضيف: "أنا أحب العيش فوق الأرض، أنا حقا أكره الجماجم".
ويطرح الفيلم سؤال مهم هل تستوعب "بونيت" نهاية الموت كما يستوعبها الكبار، ومن المؤكد أنها تفتقد أمها، ولا تعزيها قصص عمتها عن يسوع والقيامة، إذا صعد يسوع من الموت، فإنها تسأل بشكل معقول، لماذا لا تستطيع أمها ذلك؟ وإذا كان صحيحا، كما قيل لها، أن الموتى يحبون أحيانًا أن يكون لديهم هدايا أو تذكارات صغيرة في نعشهم ليتذكروا الأشياء، فلماذا لا تقدم لأمها هدايا أكبر؟ هناك مشهد حيث تقف بونيت منتصبة تحت السماء الفارغة، تمسك بالهدايا التي اختارتها وترفع صوتها ناطقة بكلمة سحرية، على أمل أن تهبط والدتها من السماء.
الفيلم لا يدور بالكامل حول الموت، موضوعه الآخر هو تطوير الذكاء في مرحلة الطفولة، كيف يتفاعل الأطفال مع بيئتهم ويتعلمون من أصدقائهم ويتلقون المفاهيم ويختبروها؟ في فيلم "بونيت" نرى كيف من خلال التجربة والخطأ يتعلم هؤلاء الأطفال من الدروس والتجارب التي يخوضونها من أقرانهم.
واعتبر أحد النقاد أن مشاهدة هذا الفيلم تشبه التنصت على الأطفال الأذكياء ومراقبة العملية التي يبنى بها ذكاءهم شخصياتهم.
صوّر المخرج فيلمه بواقعية شديدة لم يتخل عنها حتى في المشهد النهائي من الفيلم الذي هو مشهد حلم تلتقي فيه بونيت مع أمها التي تجعلها تتصالح مع الحياة.