قصة حقيقية تحكي عن شخص يدعى "كريستيان فويتشك" كان (جنديًا وحلاقًا) حكم عليه بالإعدام، ونُفذ في 1824، بعد أن قتل صديقته التي كان يعيش معها. فيلم فويتشك «Woyzeck»، الذي أُنتج عام 1979، مقتبس عن قصة حقيقية للكاتب "جورج بوتشنر" بدأ كتابتها في العام 1935، لكنه توفي قبل أن يتمها، واعتمد فيها على وقائع حقيقية، واعتمد محامو الدفاع في قضية "فويتشك" على كونه مصابًا بمرض نفسي ولا يجوز إعدامه.
تعرض مؤسسة عبد الحميد شومان، في السادسة والنصف من مساء يوم غد الثلاثاء، الفيلم الألماني "فويتشك" للمخرج ورنر هيرتزوغ.
يصور المخرج ورنر هيرتزوغ، في فيلم" فويتشيك"، حياة المجند فويتشك، وهو إنسان بسيط يتصرف في حياته باندفاع اقرب إلى الرعونة وتتحكم به الهلوسات. وأثرت هذه القصة بـ"هيرتزوغ" كثيرًا ورأى فيها إدانة للمجتمع الذي يقود الناس إلى الجنون أحيانا، وقام بالدور الرئيسي بالفيلم الممثل كلاوس كينيسكي، وأبدع في تقمص شخصية فويتشك المعقدة.
يبدأ الفيلم بـ"فويتشك" وهو يقوم بتمريناته الرياضية مرتديًا كامل لباسه العسكري ونراه يقوم بحلاقة ذقن قائده الذي، كما لو كان يتحدث لنفسه، يقول: ما الذي يميز الإنسان الصادق؟ ثم يوجه حديثه لـ"فويتشك" قائلاً: أنت دائما تتحرك باندفاع وأيضا لك طفل من صديقتك دون زواج شرعي. لكن فويتشك وبغير تفكير يبدأ بالدفاع عن الطفل مستشهدا بإنجيل "متّى": "دعوا الأطفال يأتون إلى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات"، ويوضح له القائد أنه هو المقصود وليس الطفل، ويرد فويتشك أن الفقراء لا يحتاجون إلى الأخلاق وأن معاناتهم في الدنيا والآخرة واحدة. ويعود القائد لاتهامه: أنت تفتقر للفضيلة، ويجيبه "فويتشك" أن لا فضيلة عند الفقراء وهم فقط يستجيبون لما يعرض عليهم. ويختصر القائد كلامه قائلاً له: أنت مصاب بمس والإنسان السوي هو من يتمسك بالفضيلة ويصرفه أمرا إياه بالخروج بهدوء مندفعا.
من هذه الحوارات وحوارات أخرى تأتي في سياق الفيلم، نتعرف على شخصية "فويتشك" التي من خلالها ومن خلال تصرفاته يدين "هيرتزوغ" المجتمع. والحوار في القصة التي كتبها "بوتشنر" كان أطول بكثير لدرجة لا يحتملها الفيلم، مع العلم أن المخرج كان يحاول أن يكون مخلصًا للنص بقدر الإمكان.
وفي أحد مشاهد الفيلم نشاهد "فويتشك" مع زميل مجند يقومان بصنع عصي للقائد من أغصان شجرة، فيسأل فويتشك فجأة زميله:" هل تسمع الأصوات التي أسمعها؟"، ويصطحبه لخلف الأشجار لاكتشاف مصدر هذه الأصوات ولكن لا شيء هناك، فيستغرب المجند ويتساءل: أما زلت تسمعها؟ وهنا يرد فويتشك: لا كل شيء هادئ كما لو أن العالم قد مات.
يعيش فويتشك مع صديقته وله منها طفل، وفي إحدى المرات بينما كانت تقف في شباك شقتها مع صديقة تراقبان عبور فرقة موسيقية للشارع يلفت نظرها كبير قارعي الطبول ونشاهد في الفيلم تطور العلاقة بينهما.
من شخصيات الفيلم أيضًا طبيب يقوم بإجراء تجاربه على فويتشك آملا بثورة علمية، ويلوم هذا الطبيب فويتشك لأنه يبول على الجدار في الشارع مثل كلب فيرد عليه أنه ببساطة يلبي دعوة الطبيعة.
وتضعنا إجابات "فويتشك" وتصرفاته أمام شخصية كاريكاتيرية يتعاطف البعض معها فيما البعض الآخر سينظر لها بسخرية فقط، هذه الشخصية التي يقول عنها القائد إنها كحد السكين ويحذره من أن يجرح شخصا ما.
يكتشف "فويتشك" تطور العلاقة بين زوجته وقارع الطبل، الأمر الذي يؤثر فيه كثيرا ويزيد هلوساته ويصل إلى نتيجة يحدّث نفسه بعدها بصوت مرتفع "إن الجنود خلقوا فقط لقتل الآخرين".
في أحد المشاهد النهائية في الفيلم نشاهد فويتشك يخرج من المكتب حيث يعمل قاصدا مراقبة صديقته فيجدها ترقص في البار مع قارع الطبل ويطلب منها الاستمرار. عندما تصل الأمور بـ"فويتشك" للحد الذي لا يحتمله يصطحب صديقته إلى البحيرة مخفيا معه سكيناً وهناك يستل السكين ويقتلها ويرمي بالسكين ثم يعود للبار حيث يصادف امرأة يطلب منها أن تغني له وان تجلس على حضنه ويقول لها: إنك دافئة ولكنك ستصبحين باردة بعد ذلك.
يعود فويتشك مرة أخرى للبحيرة لإخفاء السكين في مكان أكثر عمقاً وينتهي الفيلم بمحققين يبحثون بظروف هذه الجريمة ومن هو مرتكبها.
وهزت هذه القصة الكثير من الفنانين الموسيقيين والمخرجين، وكانت موضوعًا للأوبرا ولأكثر من فيلم.