بمجرد نزولها من سلم المشير طنطاوي، وجدت إيمان حافلة تنتظر الزوار لنقلهم مجانا إلى حيث معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يعقد للمرة الأولى في التجمع الخامس، بعدما كان يتخذ من أرض المعارض بمدينة نصر مستقرا دائما.
وسط تكثيف أمني أمام بوابات المعرض، غادرت الشابة العشرينية الحافلة التي تنتمي لشركة مواصلات مصر، بينما تزين صورتي الدكتورة الراحلة سهير القلماوي وثروت عكاشة واجهات معرض الكتاب والطرق المؤدية إليه احتفالا بيوبيله الذهبي.
وتعود فكرة إنشاء معرض القاهرة الدولي للكتاب إلى ثروت عكاشة وزير الثقافة في عام ١٩٦٩ وأشرفت عليها الدكتورة سهير القلماوي منذ ٥٠عاما حينما كانت رئيسا للهيئة المصرية التأليف والنشر.
على صوت الطبول، تجمع الزوار حول فرقة السلام الوطني التي ترتدي أزياء متنوعة ما بين الفرعوني وفرقة حسب الله الشهيرة، يعزفون أنغام فلكلورية بتناغم وانضباط في آن واحد، ما أبهر الزوار الذين حرصوا على التقاط الصور التذكارية معهم.
على نقيض كل عام، افتقدت إيمان التي تعد نفسها من زوار المعرض الدائمين، الحافلات التي كانت تأتي من المحافظات المختلفة و حافلات المدارس وطوابير التذاكر التي كانت تمتد لأمتار.
"رواد المعرض الدائمين هيجوا لو اتعمل في المريخ".. هكذا تقول الشابة التي تجد أن أعداد الزوار بدت مقبولة في ظل انتقاله لمكان جديد غير معروف نسبيا.
في منتصف المعرض نافورة مياة يلتقط الزوار الصور عندها، بينما يحاوطها نحو ٤ أماكن مخصصة للأطفال بها ملاهي، ما جعلها جاذبة للعائلات والكبار أيضا الذين استغلوا الفرصة للهو واللعب.
يجاور سيارات العيادات المتنقلة والكشف عن فيروس سي و نقل الدم التي استقرت أمام القاعات الرئيسية، مساحات عديدة مخصصة للاستراحة بها طاولات وكراسي مريحة و إلى جوارها حمامات متنقلة، فضلا عن كثرة عدد المطاعم الكثير و المتنوع في الأكل و الأسعار.
هو المعرض أربع قاعات بس"..هكذا ظلت تسأل إيمان بتعجب ممزوج باستنكار المنظمين الذين أجابوا بنعم، على عكس الأعوام السابقة حيث الخيم الكثيرة و الصالات العديدة، لكن التنظيم الشديد أعجبها وانتشار المنظمين المتطوعين في أرجاء المعرض.
لن تستطيع دخول أي قاعة رئيسية بدون المرور من جهاز كشف المعادن، فيما يهتم المنظمون بالأطفال وراحتهم بشكل بالغ، حيث المساحات التي أعدت خصيصا للأطفال من طاولات صغيرة ملونة بأشكال مبهجة وعرائس هدايا تتنوع بين التيجان للفتيات وأعلام مرسوم عليها شخصيات ديزني للأولاد.
القاعة (٣)تبدو رسمية، حيث يوجد بها أجنحة لمؤسسات الدولة مثل مصلحة سك العملة التي تبيع أوسمة وتذكارات بأسعار منخفضة نسبيا إلى جانبها الشركة القومية للتوزيع التي تبيع صحف ذات طبعات مميزة وكتب بأسعار مخفضة تبدأ من ٢جنيه.
أمام جناح الجامعة العربية ضيف شرف المعرض هذا العام، أقبل عليه الجمهور بسبب تميزه بتنظيم بالغ وتوفير تذكارات وهدايا للزائرين أهمها مبادرة كتاب لكل زائر .
على الجهة المقابلة، جناح وزارة الداخلية، حيث يوجد كتب القانون وحقوق الإنسان و الجريمة المنظمة و جرائم الإنترنت و في لفتة طريفة، يتوسط هذه الكتب رواية هاري بوتر و مقدسات الموت و رواية أبقي بعيدا ليسرا الخطيب، غير أن هذه الكتب ليست للبيع.
يقطع عبد الرحمن أحد متطوعي صندوق مكافحة وعلاج الإدمان طريق إيمان يحدثها عن أهمية مكافحة التدخين و الاشتراك في الحملة التي يشرف عليها وزارة التضامن الاجتماعي، خاصة أن النساء يتضررون أكثر من الرجال نتيجة التدخين السلبي.
داخل الركن المخصص للأطفال في قاعة ٣، جلست أميرة التي اعتادت أن تأتي كل عام تعلم الأطفال والنساء أعمال الكورشيه المميزة، خاصة الشنط الصغيرة التي يتخللها أجزاء من الجلد.
(تعالي نتصور هنا مدام مش عارفين نسافر أهو نتصور في الطائرة)..تحدث إيمان صديقتها فتضحكان بينما تلتقط مضيفة مصر للطيران صورا لهما على كراسي نموذج لطائرة شركة مصر للطيران التي اتخذت ركنا لها في قاعة ٣.
أمام القاعة (٤)، عرضت عدد من الجمعيات الخيرية التي تدعم ذوي الإعاقة منتجات من صنعهم مثل جمعية النور و الأمل التي ترعى الفتيات الكفيفات اللاتي تألق بعضهن في صنع البامبو و الاكسسوارات.
لا تمل إيمان من السؤال في كل قاعة دخلتها عن أماكن الكتب المخفضة، غير أن في القاعة (٤)وجدت منيتها حيث الهيئة المصرية للكتاب في ركن C24 وتبدأ الكتب فيها من جنيه واحد فقط حتى ١٥ جنيه كأعلى سعر، و لها فرع في القاعة (١) بينما توجد مكتبة الأسرة في قاعة (٢).
إلى جوارها في القاعة (٤) اثنين من أصحاب مكتبات سور الأزبكية وهم صابر عبده C22 و محمد عبد الحميد معتوق C23، بعد أن قاطعت مكتبات السور المعرض و افتتحوا معرضهمالخاص يوم ١٥ يناير الجاري.
تجاوزهم مؤسسة الإبداع للترجمة و النشر للكتب الأجنبية المستعملة و بأسعار مخفضة، و تصل التخفيضات في الجناح الصيني إلى نحو ٧٠ %فضلا عن خصومات ٥٠ %لدار الصقر ، وهدايا مجانية تعرضها الدور الآخرة.
تستوقف إيمان شابة صغيرة في سنتها الجامعية الأولى تعمل كمندوبة لإحدى الشركات تبيع الأقلام الجاف بأسعار مميزة.. تقول إنها لم تذهب لمعرض الكتاب في أي وقت سابق و عندما سنحت الفرصة ذهبت كبائعة من أجل الإنفاق على دراستها حيث تدرس في كلية تجارة إنجلش بجامعة القاهرة.
يبدو معرض الكتاب في نسخته الخمسين رغم تنظيمه البالغ كمول تجاري يصلح للتنزه والشراء لكن بدون روح معرض الكتاب التي ظلت تصاحبه لخمسين عاما، ربما يرجع أحد الأسباب إلى عدم وجود سور الأزبكية واختفاء الباعة المتجولين والمكتبات الصغيرة.