استطاع أن يترك بصمته الخاصة بين عمالقة قراء القرآن الكريم، بل كان من أفضلهم، لما يتمتع به من خشية وخشوع، وفهم لمعاني الآيات، ونهم عن أبيه حبه للقرآن، وتعلم منه خير تعلم.. أنه الشيخ محمد صديق المنشاوي. وبمناسبة مرور مائة عام على ميلاد أحد أعلام قراء القرآن الكريم، الشيخ محمد صديق المنشاوي، أقيمت ضمن نشاط مئويات الأعلام بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة احتفاءً بالشيخ المنشاوي، بحضور محمد عبد العزيز، أحد مؤسسي إذاعة القرآن الكريم وأدار الاحتفاء الإذاعي سعد المطعني.
في البداية، تحدث محمد عبدالعزيز، عن مجيء الشيخ صديق المنشاوي، الذي كان من كبار قراء الصعيد، مع ابنه للتقديم في اختبارات الإذاعة، وبرغم أن الاثنان نجحا، إلا أنه طبقًا لقانون الإذاعة حينذاك، لم يكن يمكن للأب وابنه أن يعملا معًا في الإذاعة، وتراجع الأب، مقدمًا ابنه عليه، وعاد للصعيد مرة أخرى، بينما بقى ابنه محمد صديق المنشاوي ليعمل بإذاعة القرآن الكريم.
يرى عبدالعزيز، أنه بالرغم من وفاة الشيخ محمد صديق المنشاوي، إلا أنه استطاع أن يترك بصمته الخاصة بين عمالقة قراء القرآن الكريم، بل كان من أفضلهم، لما يتمتع به من خشية وخشوع، وفهم لمعاني الآيات.
وتطرق عبدالعزيز، إلى بداية إنشاء إذاعة القرآن الكريم، موضحًا أنها أنشئت باقتراح من عبد القادر حاتم، في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وذلك لسببين، الأول ديني، والآخر سياسي. وأضاف: «السبب الديني هو أن القرآن الكريم في تلك الفترة، كان يتعرض للتحريف الذي لا ينتبه له سوى العارفون والحافظون له، وكانت فكرة الإذاعة من أجل الحفاظ على القرآن من التحريف».
وتابع: «ويرجع السبب السياسي، إلى رئيس تحرير جريدة المصري، الذي سافر إلى الخارج، وأخذ يهاجم الرئيس جمال عبد الناصر عبر الإذاعة، فكان صوته يصل للمستمعون في آسيا وإفريقيا، ولذا قرر عبد الناصر، أن تذاع إذاعة القرآن الكريم، في نفس التوقيت الذي يطل فيه رئيس تحرير المصري، حتى يشوش عليه، ويجذب انتباه المستمعون الذي يوولون الأولية للاستماع للقرآن الكريم».
ومن جانبه، أوضح الإذاعي سعد المطعني، أن محمد المنشاوي، نهل إجادته لقراءة القرآن عن عمه سليم المنشاوي، وعن أبيه صديق المنشاوي، وكان سريع التلقي لما يملى عليه، فامتلك ناصية القراءات.
وعن محمد المنشاوي، قال : «كان يجمع بين القراءات العشر في تلاوتهن وكان ينتقل من قراءة لأخرى بسلالة ورشاقة، وبراعة دون خلل في النغم، أو التجويد مما جعل قراءاته جذابة ومرنة، وكأنه كان يقرا من عند الله، وصوته فيه نفحة ممزوجة بنوع من الكرامة والشجن، تظهر بوضوح عندما ينخرط في التلاوة". ويرى أن لهذه الأسباب تعلقت بقراءاته القلوب والعقول، ولا يتغير مؤشر المذياع عندما يطل صوته، وهو الأمر الذي جعله علامة وسط كوكبة من كبار القراء، وهذا ما نتفقده في القراء الشباب الحاليين.
وأضاف المطعني: «أن المنشاوي كان كثير الأسفار إلى دول مختلفة، وكان سفير لمصر في تلاوة القرآن وقراءته، وهو من العلامات الروحية في القراءات المرتلة، وبه وبغيره من القراء نستطيع القول أن مصر وضعت بصمتها في حفظ القرآن الكريم».