فنانة لمع اسمها في سماء الرقص الشرقي، رقصها فيه جمال أكثر ما فيه إثارة، إلا أن رقصتها على مسرح الحياة ونضالها السياسي أبهر الجميع، أنها الفنانة تحية كاريوكا؛ التي قال عنها الكاتب جلال أمين "حياة كاريوكا.. كانت بتحكي قصة مصر في ثمانين سنة". واحتفى معرض القاهرة الدولي للكتاب، بالفنانة تحية كاريوكا، وذلك ضمن نشاط "مئويات الإعلام"، وأقام ندوة لمناقشة كتاب "تحية كاريوكا" للكاتب محمد توفيق، عن مذكرات الراحل صالح مرسي، الصادر عن دار نهضة مصر، بحضور أحمد مدحت سليم، وأدار الندوة جمال فتحي. وقال جمال فتحي، عندما نتحدث عن تحية كاريوكا، يجب الإشارة إلى أنها لم تكن مجرد راقصة شرقية، بل هي فنانة استثنائية، وأيقونة في الفن المصري، اكتسبت حياتها مع مرور الوقت هالة أسطورية، وأيقونة مصرية في التمثيل والرقص الشرقي، نظرًا لثراء حياتها الممتدة طيلة 80 عامًا، متنوعة ما بين زيجات متعددة، وسفر، وإضرابات، ومفارقات إنسانية.
وتحدث عن أفلامها السينمائية، والأدوار التي قدمتها عبر الشاشة السينمائية، وذكر التحديد دور "الست شفاعات" التي قدمته في فيلم "شباب امرأة"، مؤكدًا أنه لا أحد منا يستطع أن ينسى هذا الدور الثري الذي قدمته ببراعة فائقة، إلى جانب أدوار أخرى قدمتها في أفلام "لعبة الست"، "سمارة"، و"وإسلاماه".
وتحدث الكاتب محمد توفيق، مؤلف الكتاب، عن رحلته في تجميع المادة العلمية القائم عليها الكتاب، وهي مذكرات الكاتب الراحل صالح مرسي. وقال المؤلف: "في بداية البحث لم أكن مهتم بالبحث عن حياة تحية كاريوكا، بقدر ما كنت أبحث عن المذكرات التي كتبها صالح مرسي، التي أثارت حالة جدل بين نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم". وأشار إلى أنه بعد ذلك عندما حصل عليها، وواصل مسيرته في البحث، وأدرك أنه أمام شخصية عظيمة، تتمتع بالقوة والجمال، والثبات النفسي، وأحب تحية كاريوكا. وتابع: "قررت الاستمرار في رحلة البحث بخاصة بعد الجملة التي كتبها صالح مرسي في نهاية المذكرات "هل يأتي أحد من بعدي يُمكل الطريق"، ومن هنا قررت أن أكمله عبر رحلة بحث استمرت خمسة سنوات، من أجل الكتاب الذي بين أيدينا الآن".
واستعرض محمد توفيق، أهم المحطات الأساسية في تكون حياة تحية كاريوكا، أبرزها مرحلة الطفولة، وهربها من البيت، ومجيئها إلى القاهرة، مشيرًا إلى أن أغلب المعلومات المتداولة عنها عبر الإنترنت، معلومات خاطئة. وأكد أن قوة "تحية كاريوكا" الداخلية، تجلت في العديد من المواقف الإنسانية والسياسية، من بينها على سبيل المثال قبولها أداء دورها في فيلم "خلي بالك من زوزو" الذي في صميمه يحدث عن راقصة بدينة، يسخر منها الجمهور وينعتوها بـ"ياتخينة يافشلة"، متابعًا "دخولها إلى السجن، علامة أخرى على قوتها، حيث رأينا كيف دخلته، وخرجت منه أقوى، وأكثر إصرارًا، وعادت من جديد تتألق في نجاحها الفني".
ووصفها بأنها فنانة تجاوزت الشكل التقليدي للراقصة الشرقية، مشيرًا إلى أن فكرة اختزالها في كونها مجرد راقصة شرقية فقط، فكرة ظالمة، لأنها توقفت عن الرقص عام 1951، أما رقصاتها التي أدتها في الأفلام السينمائية كانت مجرد توظيف للسياق الدرامي والفني، وأن أغلب أفلامها التي حققت نجاحا باهرًا كانت أفلامها التي لم تقدم فيها رقصات شرقية مثل فيلم "أم العروسة".
ولفت الكاتب محمد توفيق، إلى أن تحية كاريوكا، شخصية مُلهمة، كونها استطاعت أن تعيش جميع مراحل حياتها بتطور وشغف، قائلا:"هي شخصية مؤثرة في حياة جميع من عرفها، من فنانين، ومثقفين، وسياسين، ولها آراء سياسية تميزت بالشجاعة، نذكر منها قولها "ذهب فاروق وجاء فواريق" وذلك بعد ثورة يوليو.
من جانبه أشار أحمد مدحت سليم، مدير تحرير النشر بدار نهضة مصر، الصادر عنها الكتاب، إلى أن الدار كانت تبحث عن مذكرات صالح مرسي لإعادة نشرها، إلا أن المهمة كانت في غاية الصعوبة.
وقال: "إلى أن حدث في يوم ما، وجدت محمد توفيق يتصل بي، ويخبرني أنه يمتلك تلك المذكرات التي كنا نبحث عنها".
وتابع "سليم":"تحمست لفكرة محمد توفيق، في إصدار الكتاب بهذا الشكل، نظرًا لمعرفتي الوثيقة بطريقة كتاباته، وحرصه في التنقيب عن المعلومة، ولذلك اتفقنا على نشر الكتاب، الذي كتب فيه توفيق 50 صفحة، وأصر على كتابة اسم صالح مرسي في أعلى الغلاف، في لفتة تؤكد أمانته العلمية".