«مانيفستو» يهدم كل ما هو تقليدي.. «كيت بلانشيت» تبدع بـ12 شخصية

الفيلم الألماني "مايفستو"

من أداء فني مكون من 13 لوحة مشهدية للمخرج الفنان جوليان روزفيلدت، جاءت فكرة الفيلم الألماني "مايفستو" الذي لعبت بطولته النجمة كيت بلانشيت.  وفي تجربة فنية جديدة في السينما، أدت الممثلة "كيت بلانشيت" اثنتي عشرة شخصية مختلفة بما فيها شخصية عجوز متشرد، وتعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، في السادسة والنصف من مساء يوم غد الثلاثاء 12 فبراير ، فيلم "مايفستو". 

 

لا يوجد في الفيلم حكاية متصلة بل مشاهد منفصلة، ولا يوجد في الفيلم حوار بل تعليق وخطابات تلقيها كيت بلانشيت في مناسبات مختلفة دون أن يكون للتعليق أو الخطابات صلة بالمشهد المصور، بل على العكس من ذلك يتناقض الشريط الصوتي تماما مع المشهد المصور. ومن مشاهد الفيلم، تلقي كيت بلانشيت خطبة أثناء جنازة، وفي حين من البديهي أن تتعلق الخطبة بنوعية المناسبة وتتضمن رثاء الراحل، إلا أنهاتقدم بلهجة تحريضية مجموعة نصوص من بيان الدادائيين الذي أعلنوه في بداية القرن العشرين وتشتمل على الدعوة لمحاربة الفن بالفن ورفض العقل والمنطق والخ.

 

وكمثال آخر، عندما تجتمع أسرة كيت بلانشيت حول مائدة الطعام فهي، بدلاً من تلاوة الصلاة، تتلو مقتطفات من بيان نشرة أحد الفنانين في ستينيات القرن الماضي.  وأثناء حصة مدرسية للأطفال،نستمع إلى البيان الشهير الذي أعلنه مجموعة من السينمائيين الدنماركيين في العام 1995 تحت عنوان "دوغما 95". 

 

والجانب الصوتي الكلامي في الفيلم، يتكون من تجميع عدد كبير من نصوص ببيانات لمجموعات وتنظيمات سياسية أو فكرية أو فنية، يستخدمها المخرج للتعبير عن أفكاره ومواقفه من الفن والحياة، وبخاصة الفن الحديث والحياة الرأسمالية المعاصرة ساخرًا من الاثنين ومنددًا بهما. وكان المخرج، اعترف أنه اختار هذه النصوص من 60 نص بيانات متنوعة، من بينها " البيان الشيوعي" الذي أعلنه كارل ماركس وفريدريك إنجلز في أواسط القرن التاسع عشر وبيان المجموعة السريالية في بدايات القرن العشرين.

 

أما الجانب البصري مختلف تمامًا، ويعرض مشاهد متنوعة مثل: نساء مسنات تشعلن الألعاب النارية وتمرحن وسط حقل، متشرد يصرخ واقفاً فوق سطح بناء عال، فرقة راقصة تتدرب استعداداً لإقامة استعراض، مشهد لحرق النفايات، اطفال في المدرسة، وغير ذلك الكثير.  

وفي حين أن محتوى الكلام في الشريط الصوتي لا تكون مرجعية نصوصه معروفة للمشاهد العام وحتى للمختصين، بما يشكل للمشاهدين بعض الصعوبة في تتبع أفكار أو طروحات الفيلم، وإن الجانب البصري المشهدي من الفيلم مثير وممتع بل ومدهش في أجواءه ومادته، ويتعمق الإدهاش مع متابعة الإداء الاستثنائي لـ"كيت بلانشيت" التي تظهر كل مرة بمظهر مختلف صوتًا وصورة.

 

تتسبب الطريقة التي جرى صنع الفيلم فيها، والتي يمكن إحالتها إلى نظرية الكاتب والمخرج وصاحب النظرية الألماني "بيرتولت بريخت" المتعلقة بالتغريب في المسرح، نوعًا من الصدمة للمشاهدين في البداية بسبب لا معقولية ما يعرضه الفيلم، المبني من حيث الأسلوب، على التناقض الكلي ما بين الصوت والصورة، لكن ما أن تنتهي الصدمة ويتأقلم المشاهد مع غرابة ما يُعرض عليه، حتى يصبح الفيلم مفهوماً. وهذا ما راهن المخرج عليه وصرّح به في إحدى المقابلات الصحفية، حيث ذكر أن النصوص معقدة، ليس سهلاً متابعتها، ولا أمانع إذا لم يسمع المُشاهد كل كلمة تُقال، وليس عليه أن يعرف بالضبط مَن كتب كلّ نص، يمكنه العودة والاكتشاف لاحقاً. 

 

ويقول المخرج، "أعتقد أن من الأفضل أن تترك الشِعر المستقبلي الذي تنتجه هذه النصوص يلقي تأثيره عليك، والانفعال الذي تحاصرك به الصور، ينتج منه تلقٍ من نوع آخر، يختلف عن التلقي الذي يتكوّن في ظروف القراءة السياقية العادية أو عبر مطالعة كتب تاريخ الفنّ".  وأشار إلى أن الكثير من هذه النصوص طابعها رؤيوي، نصّ الافتتاحية مثلاً يعود إلى العام 1932، ولا يزال آنيًا جدًا، كذلك بالنسبة إلى ما كُتب عن الرأسمالية، تشعر كأنه كُتب الآن.

 

وتتضمن نصوص البيانات المتنوعة في الكثير من الطروحات التي تهدف إلى هدم كل ما هو تقليدي أو مزيف في الفكر والفن، وتتضمن أيضًا نقدًا عنيفًا للمجتمع الرأسمالي المعاصر عبر ما ينتجه من فن وفكر وما يتضمنه من ظلم اجتماعي.

مقالات متعلقة