يترجل العائدون من السفر على رصيف نمرة 6 بمحطة قطار مصر، نحو صالة الاستقبال على بعد خطوات من الأبواب الخارجية، بيد أن حادث رمسيس الذي نجم عن انفجار هائل، تبعه حريق مروع حال دون استئنافهم للحياة.
في لحظة الفاجعة، نحو 20 شخصا منهم الرائح والغادي، وقاسم مشترك يجمع بينهم في ابتسامة تعلو وجوههم، الكل يتسارع في لهفة شديدة للعودة إلى أسرته.
في تلك الأثناء، قطار يقتحم الرصيف بسرعة هائلة، لم يكبح جماحه إلا اصطدام بنهاية الرصيف يهز أروقة المحطة، ويقبض في لمح البصر حياة كل من تواجد على «رصيف نمرة 6».
فلاش باك
قبيل دقائق من حادث انفجار محطة مصر، كانت حركة القطارات تسير بصورة طبيعية، لم يتخيل أحد من المسافرين أو عمال السكك الحديدية أن برهة من الوقت تفصل بينهم وكارثة مرعبة، خلفت ورائها نحو 20 شهيدًا و 43 مصابا بحروق متباينة الدرجات، ومشاهد لجثث متفحمة، أقهرت قلوب المصريين جميعا.
أحد الجرارات التي تعمل داخل المحطة، تحرك من الجراج متجها إلى رصف نمرة 6، يقابله تقاطع القطبان فيتوقف عند تفريعات أرصفة الوجه القبلي، بحسب مصدر مسؤول رفض ذكر اسمه.
وهذه الجرارات هي طراز قديم لا يصرح لها بقطع مسافات طويلة لتهالكها، فيقتصر عملها على سحب القطارات من الجراج أو الورش إلى أرصفة المحطة.
وأضاف المصدر المسؤول أن سائق الجرار توقف عند تقاطع القطبان لانتظار مرور قطار آخر ومن ثم تحركه إلى رصف نمرة 6.
وأكد المصدر أن القطار اقتحم رصيف نمرة 6 بسرعة هائلة وبدون سائق ما أدى لاصطدامه بنهاية الرصيف محدثا انفجارا وحريقا هائلا.
وتوقع المصدر أنه في أثناء انتظار القطار على تقاطع القطبان قبل دخوله للرصيف، قام السائق بتعشيق السرعات، وترك الجرار ونزل لقضاء شيء ما، وخلال هذه الدقائق قام عامل التحويلات بفتح الطريق والإشارة أمام القطار فانطلق بشكل مفاجئ نحو الرصيف بينما كان السائق يقف على الأرض.
وأوضح المصدر أن سبب حدوث الانفجار هو وجود تانك زيت في مقدمة الجرار، وعندما اصطدم بنهاية الرصيف، أدى ذلك إلى اشتعال الزيت ومن ثم وقوع حريق هائل.
جثث متفحمة
أعلنت وزيرة الصحة، هالة زايد، الأربعاء، وجود 20 حالة وفاة و43 مصابا جراء حادث قطار محطة مصر.
وانفجر خزان الوقود للقطار لدى دخوله أحد أرصفة المحطة واصطدامه بصدادة الأمان، أثناء وجود عدد كبير من الركاب كانوا بالانتظار على الرصيف، ما نجم عنه حريق هائل.
وأوضحت الوزيرة في مؤتمر صحفي بشأن حصيلة الحادث،، أن معظم الجثث لم يتم التعرف على هويتها، في إشارة إلى تفحم عدد من الجثث جراء اشتعال النيران.
وأشارت إلى خروج 15 مصابا بعد تحسن حالاتهم من عدة مشافي، فيما يُواصل حجز حالات أخرى حرجة.
وفي وقت سابق الأربعاء، أعلن التلفزيون الرسمي، ارتفاع ضحايا الحادث إلى 25 شهيدا وعشرات المصابين.
وقال محمد عز، مستشار وزير النقل، إن الجرار رقم 2302 اصطدم بجدار خرساني لرصيف رقم 6، ما أدى لحريق هائل نتج عنه سقوط عدد من الوفيات والمصابين.
استقالة وزير النقل
وقبل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، استقالة وزير النقل بحكومته هشام عرفات، الذي تقدم بها على خلفية الحادث.
وحملت هيئة السكك الحديدية سائق قطار "أبو غاطس"، ويدعى علاء صلاح، مسؤولية حادث قطار محطة مصر.
وقالت مصادر مقربة من المهندس أشرف رسلان، رئيس هيئة السكك الحديدية، إن رئيس الهيئة أخبر وزير النقل الدكتور هشام عرفات أثناء تفقده موقع الحادث، بتحمل سائق الجرار المسؤولية كاملة، لأنه ترك الجرار يتحرك من ورش أبو غاطس المجاورة لمحطة مصر، ونزل "حوش" الورشة للحديث مع زملائه.
وألقت الأجهزة الأمنية وشركة النقل والمواصلات القبض على سائق القطار، وتحفظت عليه لسماع أقواله؛ تمهيدًا لعرضه على النيابة.
80 ألفا للضحايا و25 ألف جنيه للمصابين
وجهت الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، مديرية التضامن الاجتماعي بمحافظة القاهرة، ولجان الإغاثة المركزية بالوزارة، بضرورة الانتهاء من إجراء جميع الأبحاث الاجتماعية للمصابين وأسر ضحايا حادث قطار محطة مصر؛ تمهيدًا لصرف التعويضات التي أقرها مجلس الوزراء اليوم بقيمة 80 ألف جنيه، لأسر الضحايا، وحالات العجز الكلي للمصابين، و25 ألف للمصابين.