"إمام مسجد النور الذي تعرض لإطلاق نار يتحدث لأول مرة".. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة " نيوزيلندا هيرالد" رواية الشيخ جمال فودة لأحداث المجزرة التي تعرض لها المصلين في المسجد الواقع بمدينة كريست تشرش أثناء صلاة الجمعة الماضية.
وقال فودة في المقابلة التي نشرتها الصحيفة على موقعها الإليكتروني اليوم إنه كان في الدقيقة لخامسة من خطبة الجمعة التي حضرها 200 شخص، عندما بدأ البعض في القفز والصراخ بعدا أن سمعوا ما يشبه إطلاق 3 رصاصات.
وبعينين دامعتين، أوضح في أول مقابلة له بعد الحادث أنه تساءل إذا ما كان هناك بعض الأطفال الصغار يلعبون في محيط المسجد أما أن الضوضاء قادمة من نظام الصوت الخاص بالمسجد، ولكن رصاصة أخرى أُطلقت وهذه المرة كان صوتها أقرب، وصرخ مصلي جزائري "نعم إنه إطلاق نار"، قبل أن يحطم النافذة.
وذكر فودة أن المهاجم الذي كان يرتدي خوذة ونظارة وملابس ذات طراز عسكري ويطلق النيران من بندقية نصف آلية:" بعد ذلك بدأ إطلاق النار بكثافة"، لافتا إلى أنه انحنى واختبأ من الرصاص.
ووصل حديثه قائلا :" الناس هرعوا نحو فتحة كبيرة في الزجاج . أغلبهم فر من الشباك. ولذلك قتل عدد قليل من الذين كانوا متواجدين الجانب الأيمن من المسجد ولكن في الجانب الأيسر سقط المصلون فوق بعضهم البعض، كان المهاجم واقفا ويستهدفهم".
ولفت إلى أن المهاجم كان يتنقل في جنبات المسجد بشكل منظم ليعدم المصلين،" حينما كان يسمع ضوضاء قادمة من أي مكان كان يطلق النار صوبه".
وأضاف فودة:" لقد ظل يراقب الناس بهدوء وبقي يطلق النيران ويطلق ويطلق.. لم نكن نستطيع حتى أن نتنفس من كثافة الدخان والطلقات كانت تطاير في كل مكان، وعندما نفدت الطلقات لم نكن متأكدين إذا ما كان غادر أم لا لأن الصمت حل على المكان كنا نظن أنه مختبئ .. لم نكن قادرين على النظر إليه وبفضل الله لم يعلم أين كنا".
وأوضح أنه عاد مجددا ثم بدأ في إطلاق الرصاص على الأشخاص الذين خرجوا من مخبأهم لأنهم لم يتوقعوا أنه سيعود، لافتا إلى أنه كان يطلق الرصاص حتى الجثث المتراكمة.
وذكر إمام المسجد أن المهاجم شاهد الشخص الذي حاول الاتصال بـالشرطة وأطلق عليه الرصاص.
وعن الذين تمكنوا من الفرار قال إنهم اختبأوا في موقف السيارات الخلفي الخاص بالمسجد، بينما قفز آخرون الأسوار إلى الأمان.
وارتفع عدد قتلى الهجوم الذي نفذه الأسترالي برينتون هاريسون تارانت (28 عاما) على مسجد النور ومسجد لينود في مدينة كرايست تشيرش الجمعة الماضي إلى 50 شخصا.
ووجهت السلطات في نيوزيلندا تهمة القتل يوم السبت إلى تارانت (28 عاما) الذي يشتبه بكونه متعصبا يعتقد بتميز العرق الأبيض.
ومثل تارانت أمام المحكمة الجزئية في كرايستشيرش مكبل اليدين ومرتديا ملابس السجن البيضاء السبت حيث تم حبسه على ذمة القضية. ومن المقرر أن يمثل ثانية أمام المحكمة في الخامس من أبريل وقالت الشرطة إن من المرجح أن يواجه اتهامات أخرى.
ووصفت رئيسة الوزراء الهجوم بالإرهابي وهو أسوأ حادث قتل جماعي في نيوزيلندا. ورفعت السلطات مستوى الخطر الأمني إلى أعلى درجة.
وأضافت "ربما كان كثيرون ممن تأثروا بهذا الهجوم مهاجرين لنيوزيلندا. بل ربما كانوا لاجئين هنا. اختاروا أن تكون نيوزيلندا موطنهم وهي موطنهم بالفعل".
وقالت رئيسة الوزراء إنه سيتم نشر الشرطة عند كل المساجد عندما تكون مفتوحة.
ويخضع 34 من ضحايا الهجوم للعلاج في مستشفى كرايست تشيرش، ولا يزال 12 في الرعاية المركزة بينما نُقل طفل إلى مستشفى للأطفال في أوكلاند.
ومعظم الضحايا مهاجرون أو لاجئون من دول منها باكستان والهند وماليزيا وإندونيسيا وتركيا والصومال وأفغانستان.
ويشكل المسلمون ما يزيد قليلا على واحد بالمئة من سكان نيوزيلندا، وفقا لإحصائية صدرت عام 2013، أكثر من ثلاثة أرباعهم من مواليد دول أخرى.
وأظهرت دراسة نشرتها جامعة فيكتوريا في ولنجتون عام 2011 أن النظرة للمهاجرين القادمين من دول تسكنها أغلبية مسلمة أقل إيجابية من النظرة للمهاجرين الوافدين من بريطانيا ومناطق أخرى.
وأفادت الدراسة بأن الخطاب الإعلامي يشير إلى أن كثيرا من النيوزيلنديين لا يثقون في المهاجرين المسلمين، بل وربما لا يحبذون استقبالهم.
النص الأصلي