بعد فوزها بقلوب المسلمين.. رئيسة وزراء نيوزيلندا مرشحه لـ«نوبل» للسلام

رئيس الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن

بحنكة سياسية وقدرة على احتواء الموقف، وتعبير صادق عن التعاطف واحترام فرض نفسه ، تمكنت رئيس الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن من الفوز بإشادة عالمية ، في أعقاب تعاملها مع الحادث الإرهابي،  الذي استهدف مسجدين، وأسفر عن مقتل 50 شخصًا أثناء أدائهم لشعائر صلاة الجمعة ، هذه الإشادة التي حظت بها تدعوها للحصول على جائزة نوبل للسلام.

 

جاسيندا أظهرت دعمها الكامل لضحايا الحادث الإرهابي وكذلك المسلمين ببلادها، فتارة تظهر بالحجاب وأخرى تلقي التحية باللغة العربية وتأبن الضحايا بحديث نبوي شريف ، فضلا عن حضورها بالحشد الكبير خلال صلاة الجمعة  الماضية بنفس المسجد الذي ارتكب فيه الحادث الإرهابي.

 

هذه المواقف لرئيس الوزراء كانت أبلغ من أي مؤتمر سلام يُعقد، وتمنح جائزة نوبل للسلام للذين يظهروا جهودا استثنائية للعالم، وفقا لصحيفة إندبندنت البريطانية.

 

طريق "نوبل " للسلام

 

دُشِّنَت عريضتان تدعوان لترشيح رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن لجائزة نوبل للسلام، في ضوء طريقة تصرُّفها إزاء الهجوم الإرهابي.

 

 وحظيت العريضة التي دُشِّنَت على موقع Change.org منذ 4 أيام بأكثر من 3 آلاف توقيع، فيما تحوي الأخرى الموجودة على الموقع الفرنسي AVAAZ.org أكثر من ألف توقيع، بحسب ما نشرته صحيفة The New Zealand Herald النيوزيلندية.

وكُتِب في الموقع الفرنسي: «عقب الحادثة المأساوية بمسجد كرايستشرش، والاستجابة المناسبة والمنفتحة والسلمية التي أبدتها رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن، نُريد أن نقترح حصولها على جائزة نوبل للسلام المقبلة».

 

 ويُعتَقد أنَّ العريضة الفرنسية دشَّنها الشاعر الفرنسي كال تروبالي.

 

كذلك تلقَّت رئيسة الوزراء ثناءً حاراً في مقالٍ افتتاحي حماسيٍّ نشرته صحيفة  "نيويورك تايمز" الأمريكية، الجمعة.

 

وقيل في المقال الافتتاحي المنشور في الصحيفة تحت بعنوان «أمريكا تستحق قائداً بكفاءة جاسيندا أرديرن»: «على العالم أن يتعلَّم من الطريقة التي استجابت بها  رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن للحادث الفظيع».  

ما هي الأسباب التي تؤهلها للفوز بالجائزة؟

 

وعرضت "إندبندنت" عدة أسباب تؤهل أرديرن للحصول على جائزة نوبل للسلام.

 

 أولها أنها سارعت لإدانة الحادث ووصفته بالهجوم الإرهابى، ووصفت منفذه بأنه إرهابى ومجرم ومتطرف. فى المقابل، قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بعد سؤاله عن احتمال وجود تصاعد فى القومية البيضاء وتهديدها للأمن العالمي، إنه لا يعتبر ذلك تهديدًا.

ويتمثل السبب الثانى أنها أعادت تعريف الطريقة التي يجب أن نتحدث بها عن المأساة، من خلال تحويل التركيز العالمي من الجاني إلى الضحية، حين ناشدت الجميع عدم ذكر اسم منفذ الهجوم الإرهابي، وذكر أسماء الضحايا بدلا منه.

حيث قالت : "لن تسمعني أذكر اسم رجل مسلح كرايستشيرش المزعوم. إنه إرهابي، إنه مجرم، أناشدكم أن تتحدثوا بأسماء من فقدوا بدلًا من اسم الرجل الذي أخذهم".  

أما عن السبب الثالث فيتمثل فى دعم أرديرن الواضح للجالية المسلمة فى نيوزيلندا فى أعقاب الحادث، حيث وعدت بتغطية تكاليف الجنازة للضحايا الخمسين، وأمضت وقتًا مع عائلات الضحايا مرتدية الحجاب تضامنا معهم، وخاطبت البرلمان بتحية الإسلام "السلام عليكم"، وسافرت إلى كرايست تشيرش لتشهد أول صلاة جمعة بعد الهجوم.

 

وكان أبرز ما قامت به هو إطهارها تضامُن بدا للجميع حقيقًا غير مزيفًا، واحترامًا فرض نفسه على المشهد ، حيث حرصت على ارتداء الحجاب أثناء زيارتها، السبت الماضي، مركز كانتربري للاجئين في مدينة كرايستشيرش، وكذلك  أطلت في اليوم التالي مرتدية الحجاب أيضًا، وهي تضع أكاليل الورورد لتأبين شهداء الحادث الإرهابي، وبدت عليها ملامح الحزن الشديد، وأخذت تحتضن وتربت في محاولة للتخفيف عليهم من وقع الصدمة.

 

ووقفت رئيسة الوزراء  أمام النصب التذكاري الذي شيد في مسجد كيلبيرني في ولنجتون، وهى ترتدي ملابس داكنة وفوق رأسها كرمز للحداد ، واستشهدت بحديث نبوي  شريف للرسول محمد "صلى الله عليه وسلم":

 

"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، مضيفه "نيوزيلندا تنعى معك.. نحن واحد.

 

ويتمثل السبب الرابع فى اتباعها سياسة حاسمة، ما يبدو جليا فى الإجراءات السريعة التي أعلنتها حيث تعهدت بحظر الأسلحة الآلية، وبعد أقل من أسبوع فعلت ذلك.

والسبب الخامس يكمن في انها كما لم تتردد في التعليق على دور عمالقة التكنولوجيا في إتاحة المحتويات الرقمية الخطرة، لتحث الشبكات الاجتماعية على التوقف عن التظاهر بأنها يمكن أن تكون منصات محايدة، إلى جانب تاريخها في مناهضة الظلم، ، ويأتي ذلك بعد أن شاهد الآلاف من الأشخاص مقطع الفيديو الذي صوره مطلق النار على الرغم من مناشدات القادة والشرطة بعدم مشاركته.

 

أما عن السبب السادس، فيتعلق بتاريخ أرديرن السياسي، حيث تعهدت بتدريس لغة الماورى فى جميع المدارس الابتدائية فى نيوزيلندا بحلول عام 2025، وهى إحدى ثلاث لغات معترف بها فى نيوزيلندا وتقدم جزءًا مهمًا من ثقافتها الشعبية، ومع ذلك فهى لا تدرس فى المدارس ولكن أرديرن تريد تغيير ذلك.

 

أما عن السبب السابع ، فيتمثل فى حديث أرديرن العلنى ضد الظلم، حيث أدانت أرديرن مقتل الفلسطينيين خلال الاحتجاجات على حدود غزة وأثارت قضية معسكرات "إعادة التعليم" لمسلمى الإيغور فى منطقة شينجيانج الصينية.

 

 

"شكرا" من برج خليفة  

وأشارت صحيفة "نيوزيلندا هيرالد" إلى تزين برج خليفة في دبي، الجمعة، بصورة رئيسة وزراء نيوزيلندا، يعلوها كلمة "سلام"، في رسالة شكر وتسامح من دولة الإمارات العربية المتحدة، على طريقة تعامل الحكومة النيوزيلندية مع الهجوم .

وأشاد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الجمعة، بتعامل أرديرن مع تداعيات الهجوم الإرهابي، مؤكداً أن الدور الذي قامت به جعلها تكسب احترام المسلمين حول العالم.

 

وأضاف في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر" «شَيعت نيوزيلندا اليوم شهداء المسجدين.. وتعاملت حكومتها مع الأزمة بكل حكمة».

 

وأضاف: «كسبت رئيسة وزرائها احترام المليار ونصف المليار مسلم بتعاملها العاطفي الصادق مع الحادث الإرهابي الذي استهدف مشاعر جميع المسلمين.. شكراً جاسيندا أرديرن».

 

يشار إلى انه حسب تعدادٍ لسكان نيوزيلندا في 2013، يُمثِّل المسلمون ما يزيد قليلاً على 1% من السكان البالغ عددهم 4.8 مليون نسمة.

مقالات متعلقة