أرسلت المغرب مجدداً "رسائل مبطنة" تلمح إلى وجود خلافات مع السعودية والإمارات، وذلك في أعقاب ما عرفت بـ"أزمة السفراء" التي كادت أن تعصف بالعلاقات بين الرباط وكل من الرياض وأبو ظبي خلال الفترة الماضية.
وقال وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولي، المغربي ناصر بوريطة، الخميس، أن السياسة الخارجية هي مسألة سيادة بالنسبة للمغرب، وأن التنسيق مع دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، يجب أن يكون وفق رغبة من الجانبين.
السياسة الخارجية "سيادة"
وقال بوريطة، خلال مؤتمر صحفي مشترك في الدار البيضاء مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، في أعقاب المحادثات الثنائية التي أجراها ملك المغرب محمد السادس والعاهل الأردني عبد الله الثاني، إنه "من منطلق المملكة المغربية، فإن العلاقات مع دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، هي علاقات تاريخية عميقة. وهناك دائماً الرغبة في الحفاظ عليها، من طرف المغرب".
وأكد أنه "ربما قد لا نتفق على بعض القضايا، لأن السياسة الخارجية هي مسألة سيادة. وفي المغرب هي قائمة على مبادئ وعلى ثوابت"، بحسب "وكالة المغرب العربي للأنباء".
وأضاف بوريطة أن "هذا التنسيق يجب أن يكون من طرف الجانبين، وليس حسب الطلب، و يجب أن يشمل جميع القضايا المهمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على غرار الأزمة الليبية"، مشدداً على أن "الرغبة في الحفاظ على هذه العلاقة يجب أن تكون من الجانبين، وأن تكون متقاسمة، وإلا، يكون من الطبيعي عدم استثناء أي من البدائل".
وكانت العلاقات المغربية السعودية دخلت منعطفا جديدا خلال الفترة الأخيرة بعد قرار المغرب استدعاء سفيره لدى الرياض للتشاور في فبراير الماضي، بعد أيام على عرض قناة العربية السعودية تقريرا بشأن الصحراء الغربية يدعم مزاعم بأن المغرب غزاها بعد أن غادر المستعمر الإسباني عام 1975.
ونقل مراسل الجزيرة عن مصادر مغربية قولها، آنذاك، إن المغرب يرفض "الابتزاز السياسي" الذي تمارسه قنوات إعلامية سعودية موجودة في الإمارات فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، في حين تتجه القضية نحو مرحلة مهمة من الاجتماعات والمناقشات. وتشير المصادر إلى تقرير عن قضية الصحراء أذاعته قناة "العربية".
وبينما لم يصدر حينها أي بلاغ رسمي من البلدين أكد السفير المغربي مصطفى المنصوري في تصريحات صحفية استدعاءه إلى الرباط، معتبرا أن "الأمر يعتبر عاديا في العلاقات الدبلوماسية حينما تعبرها بعض السحب الباردة".
الانسحاب من التحالف
وبالموازاة مع استدعاء السفير أعلن مسئولون حكوميون لوكالة أسوشيتد برس الانسحاب من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن.
وبسبب التزام الرباط الحياد في الأزمة الخليجية، شهدت العلاقات مع الرياض خلال العام الماضي أزمات صامتة ظهرت مؤشراتها في عدد من المحطات، دون أن تصدر تصريحات رسمية من الجانبين بشأنها.
وقررت السعودية والإمارات التصويت ضد الملف المغربي لاستضافة نهائيات كأس العالم 2026، في وقت كانت الرباط تعول على الأصوات العربية لتجاوز الملف الأمريكي الكندي المكسيكي المشترك.
وفي ديسمبر الماضي كان المغرب البلد الوحيد الذي لم يزره ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال جولة قام بها لمنطقة شمال أفريقيا بعد تفجر قضية مقتل جمال خاشقجي، وفسر وزير الخارجية المغربي في مقابلته مع الجزيرة عدم زيارة بن سلمان لبلاده بأسباب لها علاقة بالبروتوكول.
وكشف وزير الخارجية المغربي في 23 يناير الماضي حقيقة موقف بلاده من الأزمة الخليجية، وحقيقة انسحاب القوات المغربية من تحالف السعودية وأبوظبي في اليمن، وسبب عدم زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للرباط خلال جولته الأخيرة نهاية نوفمبر وخلال ديسمبر 2018 لدول المغرب العربي التي زار خلالها تونس والجزائر وموريتانيا باستثناء المغرب.
وأكد ناصر بوريطة خلال حواره مع قناة "الجزيرة"، أن المغرب ليس دوره الاصطفاف مع طرف ضد طرف فيما يتعلق بالأزمة الخليجية، ولكن محاولة تقريب وجهات النظر بين دول مجلس التعاون.
وحاول الوزير المغربي الابتعاد عن الإجابة على بعض الأسئلة المتعلقة بقضايا شائكة أو الرد بكلمات مقتضبة و"دبلوماسية" خاصة فيما يتعلق بالموقف من تصويت السعودية ضد ملف المغرب لتنظيم كأس العالم 2026، وعدم زيارة ولي العهد السعوي محمد بن سلمان للرباط رغم الزيارات التي قام بها مؤخراً لدول منطقة المغرب العربي.
وبشأن الحرب في اليمن وحقيقة انسحاب المغرب من تحالف أبوظبي والسعودية، قال وزير الخارجية المغربي إن بلاده شاركت في أنشطة التحالف العربي في اليمن ولكن قررت لاحقاً تغيير مشاركتها بعد تقييم الأمر، مضيفاً أن المغرب لم يشارك في المناورات وبعض الاجتماعات الوزارية للتحالف العربي في اليمن، مضيفاً أنه إنه يحز في النفس أن تكون الأزمة الإنسانية في اليمن الأسوأ في العالم بحسب الأمم المتحدة، مؤكداً أن الجوانب الإنسانية يجب أن يتم الاهتمام بها بشكل أكبر، لأن الشعب اليمني لا يستحق هذه المعاناة الإنسانية.
وأوضح وزير الخارجية المغربي رداً على سؤال هل ما زال المغرب ضمن تحالف السعودية والإمارات في الحرب على اليمن؟، أن المغرب شارك في أنشطة التحالف وغيّر مشاركته انطلاقاً من تطورات وقعت على أرض الواقع، مضيفاً: وانطلاقاً من تقييم المغرب للتطورات في اليمن.... المغرب قام بتقييم مشاركته.
يذكر أنه في نوفمبر 2018 قالت صحيفة "القدس العربي" إن المغرب انسحب تدريجياً من الحرب الدائرة في اليمن، حيث قالت الصحيفة إنها حصلت من مصادر غربية على معلومات تؤكد قيام المغرب بإخبار عدد من العواصم الكبرى مثل واشنطن وباريس والمفوضية الأوروبية في بروكسل بأنه لم يعد يشارك في الحرب رغم أنه لم يعلن عن ذلك رسمياً، مشيراً إلى أن الجنود المغاربة المتواجدين في الخليج العربي، وأساساً الإمارات يدخل ضمن اتفاقيات ثنائية.
واعتبرت "القدس العربي" أن انسحاب المغرب غير المعلن عنه بشكل رسمي من تحالف السعودية والإمارات في اليمن، يعود إلى عاملين، الأول وهو برودة العلاقات بين المغرب وبعض الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية نتيجة المغامرات غير المحسوبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي أدار بشكل سيء الحرب وحولها من حرب رادعة سريعة إلى حرب مفتوحة ومستمرة تخلف آلاف الضحايا.