«Umberto D».. كيف تتغلب بقوتك الداخلية على حياة الشقاء والفقر

الفيلم الإيطالي "umberto"

"umberto" فيلم للمخرج الإيطالي فيتوريو دي سيكا، ويعد أحد أهم أفلام الواقعية الإيطالية الجديدة، التي نشأت خلال فترة الحرب العالمية الثانية في ايطاليا وامتدت حتى خمسينات القرن الماضي، تصوير الحياة اليومية للناس وهمومهم، والاستعانة بممثلين غير محترفين ليقوموا بتجسيد الشخصيات.

ويعرض فيلم "أومبرتو دي" umberto، إنتاج عام 1952، ضمن النشاط الفني للجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، في السادسة والنصف يوم غد الثلاثاء.  ويحكي الفيلم عن  "اومبرتو دومينكو فيراري"، موظف حكومي متقاعد، يعيش على راتبه التقاعدي الزهيد الذي لا يكفيه لسداد ديونه ولا حتى لشراء الطعام طوال الشهر. يتعرض للتهديد المستمر بالطرد من قبل صاحبة المنزل الذي يسكن فيه، لا أصدقاء له سوى كلبه "فلايك" وخادمة صاحبة المنزل الذي يسكنه، فتاة شابة تكتشف أنها حامل ولكن لا تستطيع تحديد من هو والد طفلها.

 

يحاول العجوز جاهدًا أن يحمي نفسه من العار الذي سيلحقه به ضيق الحال، يأكل من دور الرعاية، يبيع ممتلكاته ليحصل على المال، ثم يجد أن الحل الوحيد المتاح أمامه هو التسول من أجل المال في مشهدٍ رائع يعكس الصراع في داخله بين عزة النفس والحاجة.  

يحاول "اومبرتو" أن يمد يده بتردد مرة مرتين وثلاث، يقف أحد المارة ليعطيه المال لكنه يحرك يده كأنه يستشعر سقوط المطر، ثم بعد طول تردد يجعل كلبه يقوم بهذه المهمة. هو الذي كان رجلاً محترماً في يومٍ من الأيام لا يقوى الجوع والدّين على كسر كرامته.  

يأكل من دور الرعاية ويُهرب القليل لكلبه العزيز، يحاول بيع ساعته إلا أن الجميع يملك ساعة يريد بيعها، ما يبيعه ليس ذي قيمة.  

يشعر بالمرض في أحد الأيام، ويطلب سيارة الإسعاف لنفسه ويدخل المستشفى، بالنسبة له هي فرصة ليقض بعض الأيام على أسرة نظيفة ويأكل بعض الطعام المغذي، الرجل عاجزٌ عن إعالة نفسه وكلبه ويحاول ايجاد طريقة تساعده في تأمين قوت يومه حتى لو كانت مؤقتة.  

تعتبر علاقة أومبرتو و"فلايك" من أجمل العلاقات بين انسان وكلب في تاريخ السينما، وتخلو من الاستجداء العاطفي الناتج من هذا النوع من العلاقات، سلسة وطبيعية كما هي معظم مكونات الفيلم.  وسرد القصة قوي يخلو من الدراما المفتعلة والمبالغة، وشخصياته ومجرياته تشابه ما هو على أرض الواقع.  

وتمتد الطبيعية والواقعية إلى أحد أهم مكونات الفيلم هو الشخصية الرئيسية وكجزء أساسي من من مكونات وقواعد الواقعية الإيطالية الممثل الرئيسي ليس بممثل محترف. "كارلو باتيستي" أستاذ جامعي، كان يبلغ السبعين من العمر في ذلك الوقت، ولم يسبق له التمثيل. كان "دي سيكا" يترك صورة شخصياته تتخمر وتتشكل في رأسه، يبحث في العديد من المدن حتى يجد من يتأكد أنه يماثل تلك الصورة.  

ووجد ضالته في "باتيستي" الذي استطاع ببراعة أن يجسد خليطاً من الكرامة المجروحة والحنان والعجز والقدرة على إدانة الظلم الموجود في العالم، وبما أنه لا يتكلم كثيراً ويعبر عما يمر به نجد أن وجهه وأفعاله توصل لنا أي نوعٍ من الرجال هو. ويعكس الفيلم حياة الشقاء والفقر والمعاناة التي تفشت في المجتمع الإيطالي في ذلك الوقت، معتمدًا على الواقعية في سرد الحكاية، ولا يسعى للنهايات السعيدة. والحظ لن يسقط على "أومبرتو" من السماء لكن قد تكون السعادة في تلك القوة الداخلية التي تتصدى لسوء الحظ والأحداث السيئة دون أن يفقد صاحبها احترامه لنفسه.  

مقالات متعلقة