إذا كنتِ أو كنتَ تعاني من زيادة في الوزن، وتتعرض أو تتعرضين لكثير من المضايقات بسبب السمنة، وقد ينفر البعض منكم وتشعرون بالوحدة، فاليوم لا مجال لكل هذه العنصرية، بينما يحتفل العالم بـ"اللا حمية" أو "اللا رجيم"، فلا داعي إذا من الخوف من ألا يتقبلكم الآخرون بسبب الوزن الزائد، ولا داعي أيضا للريجيم القاسي لخسارة الوزن.
ففي الـ 6 من مايو من كل عام يحتفل العالم بـ"اللاحمية"، وهو احتفال سنوي، هدفه قبول وتنوع واختلاف أشكال وأحجام البشر مهما كانت، وفي الوقت ذاته التوعية بمخاطر اتباع "الحميات الغذائية" كالريجيم المبالغ فيه للتقليل من الوزن.
"رمضان واللا رجيم"
ويتصادف يوم "اللا رجيم" العالمي هذا العام مع أول أيام شهر رمضان المبارك، والذي يخشى فيه الكثير من زيادة أوزانهم نتيجة كثرة الإقبال على الطعام والحلويات بعد الإفطار، ولكن لا داعي لكل هذا القلق، فالعالم يدعو الجميع لتقبل أحجام البشر.
وفاة طفلة "البداية"
بدأ الاحتفال بـ"يوم اللا حمية" في عام 1992، على يد قامت الناشطة النسوية البريطانية "ماري ايفنز يونج" التي دعت إلى محاربة الحمية الغذائية بعد أن أصبحت صناعة تتربح منها بعض الشركات التجارية.
ما دفع "يونج" إلى هذه الدعوة تلك الفتاة ذات الـ 15 عاما التي ماتت بسبب السخرية من وزنها الزائد، حين اضطرت إلى إجراء عدة عمليات لتصغير المعدة، حتى لا تتعرض للمضايقات ثانية، ولكنها في المقابل خسرت روحها، ولم تستطع استكمال رحلة العلاج وماتت.
ومن هنا دعت "ماري إيفانز" إلى تخصيص يوم لمحاربة أنظمة الريجيم القاسية، ومناهضة حملات الريجيم التي تنظمها الشركات الكبرى للعب بأحلام البدناء، فقط من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية. وبدأ بالفعل الاحتفال، في بريطانيا في نفس اليوم من كل عام، ثم انتقل إلى العديد من الدول، خاصة في "الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، استراليا، نيوزيلندا، الهند، الدنمارك، إيطاليا، فيتنام، فرنسا والبرازيل"، حتى أصبح احتفالًا عالميًا، وتم اختيار الشريطة الزرقاء كشعار لليوم على غرار الشريطة الحمراء لليوم العالمي لمرض الايدز.
أهداف الاحتفال بـ"اللا رجيم"
وتخصص هذا اليوم للتوعية بضرورة الإقلاع عن اتباع أي نظام غذائي لخسارة الوزن، والتوعية بمخاطر الهوس بالحميات الغذائية والتشدد في اتباعها، والذي قد ينتج عنه بعض الأمراض مثل اضطراب الأكل وسوء الهضم أو الإصابة بمرض القهم العصابي، وفي سبيل ذلك راسلت ماري ايفنز وسائل الإعلام المحلية لتوصيل رسالتها.
ويهدف يوم "اللا حمية" إلى التعريف بمخاطر التشدد في اتباع الحميات الغذائية، ونقض فكرة الشكل الأمثل للجسم، وكذلك رفع التوعية بحقوق أصحاب الأوزان الكبيرة ومناهضة ظاهرة الخوف من البدانة.
وكذلك يهدف يوم "اللا رجيم" إلى كشف النزعة التجارية خلف شركات صناعة الحمية ووسائل الغش التجاري التي تتبعها.
ويدعو الاحتفال بـ"اللا حمية" إلى تكريم وتذكر ضحايا الاضطرابات النفسية والعضوية التي تتبع الحميات وكذلك عمليات التجميل لإنقاص الوزن.
وفيات وأمراض
وبينما يحتفل العالم بـ"اللا رجيم" فتجدر الإشارة إلى هناك أشخاص تعرضوا لمخاطر صحية نتيجة اتباعهم أنظمة غذائية أو عمليات جراحية لخسارة الوزن، ومنهم من توفى بالفعل نتيجة ذلك.
ومن أبرز ممن فقدوا حياتهم نتيجة السعي وراء نقص الوزن، الفنانة سعاد نصر، التي دخلت في غيبوة لأكثر من عام بعد أن خضعت لعملية لـ"شفط الدهون" الزائدة في الجسم، وأعطاها دكتور التخدير جرعة بشكل خاطيء أدت إلى انقطاع الأكسجين عن القلب والمخ، ما أدى وفاتها.
كما أن الفنانة مهما أحمد، خنضعت إلى رجيم قاسي لمدة 4 أشهر دون أن تعطي لنفسها يوما واحدا إجازة من الرجيم، بحسب تصريحات سابقة لها، ما أدى إلى إصابها بانخفاض في الدم وتضررت صحتها بشكل كبير، وعلى إثرها تم حجزها داخل إحدى المستشفيات وظللت هناك حتى تحسنت حالتها.
"خسارة الوزن بلا رجيم"
ولأن الوزن الزائد قد يضر بصحة صاحبه، فهناك نظم غذائية متوازنة، إذ أن عدة دراسات توصلت إلى أن اتباع نظام غذائي متوازن مع كمية من البروتينات يساعد ذلك على التخلص من الدهون غير اللازمة في الجسد، فضلا عن ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة، منها رياضة السير يوميا.
وينصح خبراء التغذية بتناول البيض وصدر الدجاج والتونة والعدس الأحمر واللوز والفاصولياء البيضاء، كون هذا النظام يمكن أن يسرع عملية التمثيل الغذائي وتقليل الرغبة في الطعام بنسبة 60 %.
كما يوصي الخبراء بالتخلي عن الكربوهيدرات السريعة والحلويات، وكذلك تناول المزيد من الأطعمة الغنية بالألياف، وإذا أضيف إلى ذلك تمارين رياضية معتدلة، يمكن بالفعل تحسين النتيجة.
وحذرت دراسة أمريكية من أن محاولة إزالة دهون البطن في الصالة الرياضية لا جدوى منه تقريبا، فالرياضة تساعد على إزالة الدهون من اليدين والظهر والصدر أولا وثم من الفخذين والبطن.
احذر هذا في "الرجيم"
وفي تقرير نشره موقع "هايل براكسيس" الألماني، الذي يُعنى بشؤون الصحة، أشار إلى أبرز الأخطاء التي يمكن ارتكابها أثناء اتباع رجيم غذائي، وكيفية التغلب عليها بطريقة بسيطة وفعالة في نفس الوقت، ومن هذه الأخطاء:
بداية يؤكد الموقع أن الرجيم القاسي غير صحي، بل يؤدي في الغالب إلى زيادة الوزن مرة أخرى، ولتجاوز هذا الخطأ، يُنصح بالاعتماد على نظام غذائي يحتوي على سعرات حرارية أقل.
ويعد تناول كميات قليلة من الطعام أثناء الرجيم الغذائي من بين الأخطاء التي يجب تفاديها، إذ يجب أكل ما بين 3 إلى 5 وجبات يوميا وذات سعرات حرارية منخفضة.
كما حذر الموقع من أن وضع أهداف غير واقعية من أجل فقدان الوزن، يؤدي إلى الشعور بالإحباط والاستسلام بسرعة كبيرة، لذا ينصح بتحديد وقت كاف لفقدان الوزن ووضع أهداف معقولة يتم الوصول إليها شيء فشيئاً على غرار: فقدان كيلو في الشهر.
ونوه الموقع إلى أن اعتماد البعض على عدة وجبات صغيرة أثناء الرجيم، يجعل ذلك عملية حرق الدهونن أمرا غير ممكنا، ويتطلب تجاوز هذا الأمر وضع فترات استراحة بين وجبات الطعام تتراوح مدتها بين 2 إلى 3 ساعات.
وشدد على أن وضع قائمة من المحظورات، التي يجب الابتعاد عنها بشكل صارم أثناء الريجيم الغذائي من بين الأخطاء الشائعة، فكل محظور يعتبر مرغوباً. وبالتالي، يجب تجنب هذا الأمر وأكل كل شيء لكن بكميات معتدلة.
وحذر من أن الإقلاع عن تناول وجبة الفطور يتسبب في الشعور بالجوع الشديد، لذا لابد من تناول وجبة خفيفة في الإفطار وشرب كأسا واحدا من العصير.
كيف تعرف الوزن المثالي؟
بداية تعرف منظمة الصحة العالمية الوزن الزائد أو السمنة بأنهما تراكم غير طبيعي أو مفرط للدهون قد يلحق الضرر بالصحة.
ومنسب كتلة الجسم هو مؤشر بسيط لقياس الوزن إلى الطولـ يشيع استخدامه لتصنيف الوزن الزائد والسمنة لدى البالغين. وهو يُعرَّف بأنه وزن الشخص بالكيلوغرام مقسوماً على مربع طوله بالمتر (كغ/ متر2).
فيما يتعلق بالبالغين تعرف المنظمة الوزن الزائد والسمنة على النحو التالي: "الوزن الزائد هو أن يكون منسب كتلة الجسم أكبر من 25 أو يساوي 25؛ السمنة هي أن يكون منسب كتلة الجسم أكبر من 30 أو يساوي 30."
وفيما يتعلق بالأطفال ينبغي وضع السن في الاعتبار عند تعريف الوزن الزائد والسمنة، فالأطفال دون سن 5 سنوات يكون الوزن الزائد بأن تكون نسبة الوزن إلى الطول أكبر من انحرافين معياريين فوق قيمة وسيط قيم معايير المنظمة لنمو الطفل.
والسمنة هي أن تكون نسبة الوزن إلى الطول أكبر من ثلاثة انحرافات معيارية فوق قيمة وسيط قيم معايير المنظمة لنمو الطفل.
ويُعرف الوزن الزائد والسمنة على النحو التالي فيما يتعلق بالأطفال بين سن 5 سنوات و19 سنة:
الوزن الزائد هو أن تكون نسبة منسب كتلة الجسم إلى السن أكبر من انحراف معياري فوق قيمة وسيط مرجع المنظمة للنمو؛ أي أن السمنة هي الزيادة على انحرافين معياريين فوق قيمة وسيط مرجع المنظمة للنمو.
إحصائيات عالمية
ويشير تقرير أعدته منظمة الصحة العالمية، منشورا على موقعها الإلكتروني، إلى أنه في عام 2014 تجاوز عدد البالغين الزائدي الوزن في سن 18 عاماً فأكثر 1.9 مليار شخص. وكان أكثر من 600 مليون شخص منهم مصابين بالسمنة.
وفي عام 2014 كان نحو 13% من البالغين في العالم عموماً (11% من الرجال و 15% من النساء) مصابين بالسمنة، وكان 39% من البالغين في سن 18 عاماً فأكثر (38% من الرجال و40% من النساء) زائدي الوزن.
وزاد معدل انتشار السمنة في العالم بأكثر من الضعف بين عامي 1980 و2014، وفي عام 2014 كان 41 مليون طفل دون سن 5 سنوات زائدي الوزن أو مصابين بالسمنة.
كما أن مشكلة زيادة الوزن والسمنة، التي كانت يوماً ما تُعتبر من مشكلات البلدان المرتفعة الدخل، تتصاعد الآن في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وخصوصاً في البيئات الحضرية.
وفي أفريقيا تضاعف تقريباً عدد الأطفال الزائدي الوزن أو المصابين بالسمنة من 5.4 مليون طفل في عام 1990 إلى 10.6 مليون طفل في عام 2014. وفي عام 2014 كان يعيش في آسيا نحو نصف الأطفال الزائدي الوزن أو المصابين بالسمنة دون سن 5 سنوات.
أسباب السمنة
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن السبب الأساسي لزيادة الوزن والسمنة، هو اختلال توازن الطاقة بين السعرات الحرارية التي تدخل الجسم والسعرات الحرارية التي يحرقها.
وعلى المستوى العالمي هناك: زيادة في مدخول الأغذية التي تولد طاقة كثيفة والغنية بالدهون؛
زيادة في الخمول البدني بسبب طابع عدم الحركة الذي يتسم به كثير من أشكال العمل، وتغير وسائل النقل، وارتفاع نسبة العمران الحضري.
وغالباً ما تكون التغييرات في النظم الغذائية وأنماط النشاط البدني ناتجة عن التغيرات البيئية والمجتمعية المرتبطة بالتنمية وعدم اتباع سياسات داعمة في قطاعات مثل الصحة، والزراعة، والنقل، والتخطيط العمراني، والبيئة، وتجهيز الأغذية وتوزيعها وتسويقها، والتعليم.
مخاطر السمنة
وتشير المنظمة إلى أنه من العواقب الشائعة التي يلحقها الوزن الزائد والسمنة بالصحة، الإصابة بالأمراض غير السارية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية (النوبات القلبية والسكتات الدماغية في المقام الأول) التي كانت السبب الرئيسي للوفاة في عام 2012؛ داء السكري؛ الاضطرابات العضلية الهيكلية (وخصوصاً الفُصال العظمي- وهو مرض تنكسي يصيب المفاصل ويسبّب العجز إلى حد بعيد)".
وقد ينتج عن السمنة أيضا بعض أنواع مرض السرطان (سرطان الغشاء المبطن للرحم وسرطان الثدي وسرطان المبيض وسرطان البروستاتا وسرطان المرارة وسرطان الكلى وسرطان القولون).
وتزيد مخاطر الإصابة بهذه الأمراض غير السارية مع زيادة منسب كتلة الجسم.
وثمة صلة بين سمنة الأطفال وزيادة احتمال الإصابة بالسمنة والوفاة المبكرة والعجز بين بين البالغين، ولكن بالإضافة إلى زيادة المخاطر المستقبلية يعاني الأطفال المصابون بالسمنة من صعوبات في التنفس، وتزداد مخاطر خطر إصابتهم بالكسور وضغط الدم المفرط، وهو من العلامات المبكرة لأمراض القلب والأوعية الدموية، ومقاومة الأنسولين والآثار النفسية.
كيف تتجنب السمنة؟
وتقول المنظمة إلى إنه يمكن إلى حد بعيد الوقاية من زيادة الوزن والسمنة ومن الأمراض غير السارية المرتبطة بهما، وذلك عن طريق اختيارات صحية أكثر للأغذية، وممارسة النشاط البدني بانتظام، باعتباره الاختيار الأسهل (وهو الخيار الأكثر إتاحة وتوافراً والأيسر تكلفة)، مما يساهم في الوقاية من الوزن الزائد والسمنة.
وعلى الصعيد الفردي يمكن للناس ما يلي: أن يحدوا من مدخولهم من إجمالي الدهون والسكريات؛ أن يزيدوا استهلاكهم للفاكهة والخضروات، وكذلك البقوليات والحبوب غير المنخولة والجوز والبندق؛ أن يمارسوا النشاط البدني بانتظام (60 دقيقة للأطفال في اليوم و150 دقيقة للبالغين على مدى الأسبوع).
مهمة دوائر "صناعة الأغذية"
وأشارت المنظمة إلى أن هناك أيضا دورا يمكن أن تلعبة دوائر صناعة الأغذيةـ، في تعزيز النظم الغذائية الصحية من خلال ما يلي:
خفض محتوى الدهون والسكريات والملح في الأغذية المجهزة؛
ضمان إتاحة الاختيارات الصحية والتغذية بتكلفة ميسورة لجميع المستهلكين؛
فرض قيود على تسويق الأغذية المحتوية على نسب عالية من السكريات والأملاح والدهون، وخصوصاً الأغذية الموجهة إلى الأطفال والمراهقين؛
ضمان إتاحة الاختيارات الغذائية الصحية ودعم النشاط البدني المنتظم في مكان العمل.