بمجرد حلول شهر رمضان الكريم، يتسابق المسلمون حول العالم في الاحتفاء بالشهر الكريم من خلال عاداتهم و تقاليدهم التاريخية التي يحرصون عليها كل عام، حتى في نلك البلدان التي يغيس فيها بضع آلاف من المسلمين.
لكل دولة، وربما قبيلة وقرية في بعض الدول الأفريقية عادات وتقاليد مختلفة، غير أن الجميع يتفقون في أداء الشعائر الرئيسية، ففي الصين يسمى شهر رمضان"باتشاي"، ويتم الاحتفال به في المناطق المنفردة بالمسلمين منهم والذين يقدر أعدادهم بنحو20 مليون نسمة.
الصين
لا يستطيع الكثير من مسلمي الصين قراءة القرآن نظرا لعدم إجادتهم للغة العربية، لذلك تعين كل أسرة مسلمة طالبًا في العلوم الشرعية يتردد إليها كل يوم من رمضان ليقرأ في بيتها شيئا من القرآن، بحسب الباحث الصيني "عبد الرحمن تشانغ شنغ هوا"الذي تخرج في الأزهر وحصل على الماجستير في الفلسفة الإسلامية.
ويقول عبد الرحمن تشانغ شنغ هوا في تصريحات صحفية إن في المسجد تقام حلقة كل ليلة رمضان بعد الإفطار وقبل صلاة العشاء تُقرأ فيها بعض الآيات والسور المتداولة، فمن يحفظها يشترك في قراءئها، ومن لم يحفظ يستمع وراء الحلقة.
ويحافظ مسلمي الصين على أداء صلاة التراويح بواقع 20 ركعة، كما يحافظون على السحور ولا يصومون بدون وجبة السحور إلا نادرا، كما أن في الصين مساجد تصل عمرها إلى نحو 500 عاما.
اليونان
في العاصمة اليونانية آثينا، يحافظ المسلمون الذين لا يتعدون عشرات الآلاف على الإفطار الجماعي، فيفتح المسلمون يونانيو الأصل بيوتهم وقت الإفطار، ويرحبون بالمسلمين المهاجرين لليونان من مختلف الدول.
بينما يحاول المسلمون الوافدون المقيمون في أثينا التجمع معًا على الإفطارات الجماعية في المساجد والجمعيات، التي يقع معظمها في البدروم.
هولندا
وفي هولندا، تقوم المؤسسات والمنظمات الإسلامية بإعداد برامج مختلفة للإفطار، إلا أن الموائد الرمضانية تعدُّ واحدة من العادات الأساسية في المدن الهولندية، والموائد الرمضانية موجودة في مراكز المدن الكبرى، مثل: أمستردام وروتردام، وهي تستضيف الهولنديين كذلك بجانب المسلمين.
والكثير من المراكز التجارية في هولندا تنظم حملات خاصة بشهر رمضان، فيبدؤون في عرض المنتجات الحلال التي يستهلكها المسلمون على رفوفِهم قبل رمضان، فيما ينظم وقف الديانة الهولندي برامج إفطار لفئات الشعب المختلفة كل يوم تقريبًا في المساجد التابعة له، وعددها 143 مسجدًا، بحسب عارف ياقيشير" - رئيس اتحاد الجمعيات الثقافية الإسلامية التركية.
ويضيف عارف ياقيشير في تصريحات صحفية أن مؤسسته التي ينتمي إليها نحو 40% من مساجد هولندا تغتنم فرصة برامج الإفطار المتنوعة لتعريف الهولنديين بالدِّين الإسلامي وعبادة الصوم.
البرازيل
أما البرازيل، فتتنوع الأطباق على موائد الإفطار والتي تجمع بين الشرقي والغربي نظرا لكثرة عدد المهاجرين لهذا البلد، مثل طبق الفول المصري مكونا أساسيا في بعض الموائد، ويحرص الكثير من المسلمين أن يفطروا على التمر وتنتشر الحلوى الشامية بكافة أشكالها وألوانها.
وتستغل المؤسسات الإسلامية في البرازيل هذا الشهر لتعريف البرازيلين على أخلاق الإسلام وصفاته النبيلة، فتنظم أنشطة اجتماعية لخدمة الفقراء والمحتاجين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة، كما تحرص بعض المؤسسات على إقامة المسابقات الثقافية والدينية وترصد لها جوائز قيمة مثل العمرة أو تذاكر سفر للبلاد الإسلامية .
الدنمارك
يحرص أبناء الجالية المسلمة في الدنمارك من دول عربية و إسلامية على ممارسة كافة الطقوس الدينية في رمضان ويقيمون موائد للفقراء يدعون إليها غير المسلمين من أبناء المجتمع الدنماركي تعبيرا عن روح المشاركة والانتماء والتعاون.
النرويج
فيما يتسم شهر رمضان في النرويج بظروف صعبة يفرضها المناخ بحكم قربها من القطب الشمالي المتجمد، ولذلك لا يتم رؤية الهلال بسهولة إلا بعد حلول الشهر بيومين أو بثلاثة، و يتم التأكد من دخول شهر الصيام من خلال محاولة رؤية الهلال من أي نقطة واضحة في العالم أو انتظار أي دولة اسلامية تعلن عن بدء الشهر الكريم والصوم معها.
مقدونيا
وفي مقدونيا، يرتدي المسحراتي زيًّا خاصًّا به أثناء أداء مهمته، ويمتاز الدف الذي يستخدمه بحجمه الكبير، حتى يستطيع إيقاظ أكبر عدد من النائمين لتناول طعام السحور وأداء صلاة الفجر.
وخلال شهر رمضان، يتم تنظيم حلقات موسعة في المساجد لتلاوة القرآن الكريم يتناوب عليها الصائمون، فضلاً عن تنظيم المشيخة الإسلامية العليا في مقدونيا مسابقة موسعة لحفظ القرآن الكريم على مستوى البلاد، حيث يتم تكريم الفائزين ومنحهم جوائز قيمة.
تشكل المشيخة الإسلامية لجنة لتوثيق الصلات بين المسلمين، حيث تقوم بزيارة متتالية للمساجد والأحياء ذات الأغلبية المسلمة لتوطيد الصلات وحل المشكلات بين العائلات الإسلامية، وتنتهي أعمال اللجنة بالإصلاح بين المتخاصمين، إذ تصرُّعلى إقامة إفطار متبادل لممثلين من العائلتين في منازلهم.
الهند
يبلغ عدد المسلمين في الهند، إذ يبلغ عددهم حوالي 169 مليون مسلم،ويحافظون على سنة السحور، ويعتمد طعامهم بشكل رئيسي على الأرز، وتعتبر شخصية المسحراتي من الشخصيات المهمة في الهند، ومع نهاية شهر رمضان تُقدم لكل مسحراتي هدايا لقاء جهده.
ويفطر بعض مسلمي الهند على الملح ويرجعوا ذلك لاتباع سنة في الحنفية، وتعد أشهر أطباقهم وطعام يسمى " دهى بهدى"، أو"العدس المسلوق"، وطعام يُطلق عليه اسم "الهريس " وهو يتكون من القمح واللحم والمرق ويقدم حارا.
ماليزيا
ومع اقتراب شهر رمضان في ماليزيا، يتم تنظيف الشوارع ورشها وتزيينها وتنظم الدولة مسابقات لحفظ القرآن في كل مناطقها، ومن أشهر الأطعمة التي يتم تحضيرها على مائدة الافطار في شهر رمضان وجبة "الغتري مندي" وهي الوجبة الأشهر هناك.
أندونيسيا
وفي أندونيسيا، يمارس الصائمون الرياضة التي تحقق التوازن بين الدماغ الأيمن والأيسر وهي رياضة معروفة في مدينة ديبوك، و يقوم الأطفال في مدينة بويلالي بالسباحة في إحدى البحيرات العامة قبل رمضان بيوم واحد لغسل الذنوب واستقبال الشهر الكريم بجسد نقي.
وفي ليلة الواحد وعشرين من رمضان، يجرى في مدينة سولو بأندونسيا تنظيم كرنفال كبير ومسيرة بالفوانيس للاحتفال.
موريتانيا
يختلف شهر رمضان بالكلية عن باقي العام في موريتانيا فالإعداد يبدأ بشراء الأطعمة و الأواني، إذ تبدأ الاستعدادات من شعبان، ويفطر الموريتانيون غالبًا على التمر والماء والحساء المكوَّن من دقيق الشعير، أو القمح، أو الذرة.
ولا يسرف الموريتانيون غالبًا في وجبة الإفطار، بل يأكلون كما هي عادتهم في عموم حياتهم أكلاً عاديًّا، بل قد يمنع الشرابُ بعضهم من الأكل، فيؤخِّرونه إلى ما بعد صلاة التراويح كما مرَّ، بحسب الباحث سيد ولد عيسى في مقال له بعنوان (التقاليد والعادات الاجتماعية الموريتانية في رمضان).
ومن اللافت في موريتانيا، وجود المُفطرِين في رمضان في الشارع، منهم من يدخِّن، ومنهم من يأكل في المطاعم، أو يشرب في الأماكن التجارية، ولا تتوقف متاجر المواد الغذائية الجاهزة، وغير الجاهزة عن البيع في نهار رمضان، بحسب الباحث الموريتاني سيد ولد عيسى.
بوركينا فاسو
تشهد مدن وقرى "بوركينا فاسو" قبل حلول شهر رمضان نشاطًا كبيرًا،استعدادًا لاستقبال شهر الرحمة والغفران، وسعيًا لتأمين متطلبات الشهر وتوفير احتياجاته رغم ارتفاع نسب الفقر، كما يحرصون على تنظيف المساجد، وجميع مرافقه، وتجديد محتوياته.
ومن الطريف فأن كثير من الشباب البوركيني يقبلون على الزواج قُبيل حلوله؛ تيمنا بالزواج فيه، ولأن العرف السائد في المجتمع البوركيني أن عبادة المتزوج أفضل من عبادة العازب فتكثر مراسم عقد الزواج في شهر شعبان لدرجة أن بعضها تكون جماعية، خاصة في الأيام الأخيرة من شهر شعبان.
فمع غروب شمس آخر يوم من شعبان، يكون الشغل الشاغل لجميع المسلمين ترائي الهلال وإثبات رؤيته، فإن ثبتت الرؤية يسمع دوي أصوات المدافع أو البندقيات عالية؛ لإشعار الجميع بحلول الشهر خاصة في القرى .
تنزانيا
وفي تنزانيا، يبدأ سن الصيام بعد 12 سنة وتقدر الحكومة شهر رمضان، حيث تغلق كافة المطاعم أبوابها ولا تفتح إلا وقت الافطار.
النيجر
أما النيجر، يستقبل المسلمون رمضان بالدفوف حيث الأغلبية المسلمة، إذ يحتفلون بقدوم رمضان بتقديم الهدايا بين الأزواج والمخطوبين أشهرها "سكر القوالب"، كما يخرج الأطفال بالدفوف لإعلام الناس بمقدم الشهر الكريم.
المساجد في رمضان تتحول إلى حلقات الدروس الدينية وتتواصل تلك الدروس ليلا ونهارا وكذلك البرامج الإعلامية تأخذ صبغة دينية وفي العشر الأواخر من رمضان يعتكف الصائمون في المساجد.
كوت ديفوار
وفي كوت ديفوار، يخرج السكان حاملين المشاعل، ويتجهون بها إلى السواحل والقرى المجاورة، ويضربون بالطبول إعلانا بقدوم رمضان، كما يضربون الطبول لإيقاظ الناس وقت السحور.
وطوال أيام رمضان يتحول الشعب العاجي إلى أسرة واحدة، يجمعها نداء الأذان بالصلاة خاصة أذان المغرب في رحاب المساجد والمصليات، ويجتمعون لأداء صلاة المغرب، ويبدأون بعدها تناول الإفطار.
ويتكون طعام الإفطار لدى الإيفواريين من وجبة خفيفة تختلف من منطقة إلى أخرى، وعلى كل حال تبقى وجبة المديد، والثريد، والحساء من أهم الأطعمة الرئيسية على مائدة الإفطار في ساحل العاج.
فيما تتكون مائدة السحور غالبا يكون بالأرز أو الحصيد، بالإضافة إلى اللحوم والفوا كه والحمضيات، أما المشروبات فتشمل بصفة أساسية عصيرالزنجبيل الذي هو من أشهر المشروبات في البلاد، والأناناس وبعض الفواكه الأخرى أغلبها من منتجات الدولة.
نيجيريا
تتزين الشوارع بموائد الرحمن، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وتنطلق آيات الذكر والأدعية عبر الميكروفونات، ويُطلق الأهالى صافرة التحضيرات والاستعدادات للشهر الكريم الذى يتخذونه فرصة للتقرب إلى الله.
وتتبادل الأسر الهدايا خلال الشهر الكريم، ويفطرون بشكل جماعى فى شوارع نيجيريا، ويكثفون من قراءة القرآن ومراجعة تفسيره، ويقوم الأطفال بتقديم الفاكهة على المارة فى وقت الإفطار، وتحرص الأمهات على تشجيع أطفالهم على الصيام، ومع نهاية رمضان يبدأ الجميع فى الاستعداد لعيد الفطر وفقاً لعاداتهم وتقاليده.
الجزائر
تستعد النساء الجزائريات لشهر رمضان، تجهيز المطبخ بالأواني الجديدة، واقتناء المواد الغذائية بكميات كبيرة، كما تشهد الحمامات إقبالاً كبيرًا من العائلات أواخر شهر شعبان حيث يحرصون على التطهُّر الكامل استعدادًا لصلاة التراويح وعبادات التهجد وتلاوة القرآن، كذلك يحرِصون على تنظيف المساجد وتجهيزها لاستقبال الشهر الكريم.
كما يُصنَع للطفل الصائم لأول مرة مشروب حلو يُدعى "الشربات"، وهو مزيج من الماء والسكر وماء الزهر، يضاف إليه عند البعض عصير الليمون، وهو مشروب يفضِّله الصغار، وتعتقد الأمهات أن هذا المشروب الحلو يجعل الصغير الصائم مُقبلاً على الصيام مرةً أخرى.
ومن الأطباق الجزائرية المميزة على المائدة الرمضانية، طبق الحريرة والبوراك والتي تتصدَّر مائدة الجزائريين الرمضانية، فيكاد لا تخلو مائدة إفطار جزائرية من طبق "اللحم الحلو"، وهو طبق من "البرقوق" أو "المشمش" المجفَّف، يُضاف إليه الزَّبيب واللوز، ويضيف إليه البعض التفاح، ويطبخ مع اللحم وقليل من السكر.