في كل عام اعتادنا استقبال شهر رمضان الكريم بأغاني الزمن الجميل، منها :"ووحوي ياوحوي"، و"حلو ياحلو"، تلك التي تدخل على النفوس بهجة ونستشعر معها نسائم هذا الشهر الكريم، ويتغنى بها الأطفال جيل بعد جيل، حتى الفوانيس بين أيديهم تتغنى بها، ولكن كثير منا لا يعرف معنى وأصل هذه الكلمات التي نتغنى بها.
"وحوي ياوحوي إياحة، وكمان وحوي.. إياحة، رحت ياشعبان إياحة، وحوينا الدار جيت يارمضان"، ذلك مطع الأغنية، وهي من كلمات حسين حلمي المانستيرلي و ألحان أحمد الشريف وغناء أحمد عبد القادر، وتعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي.
استوحى "المانسترلي" كلمات الأغنية من الفلكلور الشعبي، وبحسب ما ذكرته تقارير إخبارية سابقة، فإن أغنية "وحوي ياوحوي" تزامنت مع بداية عهد الإذاعة المصرية.
أما عن معنى "وحوي ياوحوي" ففيها قيلت أساطير وأقوايل عديدة، وأرجعها مؤرخون إلى العصر الفرعوني، وآخرون إلى العصر الفاطمي، ومنهم من قال إنها كلمات أصلها قبطي.
عن معنى هذه الكلمات بحثت الكاتبة شروق عياد، حتى وصلت إلى أن ليس لها أصل في المعجم، فوجدت ضالتها في التراث، الذي أوصلها إلى أن "إياحة" هو أسم "الدلع" للملكة العظيمة "إياح حتب"، ولها قصة طويلة في التاريخ.
وينقسم اسم الملكة إلى "إياح"، وهي تعني "قمر" و الشق الآخر "حتب" وتعني "الزمان"، فهكذا كان اسم الملكة "قمر الزمان".
وبحسب الباحث الأثري عبدالعظيم كامل، إن كلمة "إياحة" تعود إلى العصر الفرعوني، وهو اختصار اسم الملكة الفرعونية "إياح حتب" زوجة الملك تاعا الثاني الذي حكم البلاد في أواخر القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وهو الوقت الذي تفككت فيه الدولة الفرعونية حتى احتلها الهكسوس.
وتقول الكاتبة شروق عياد، في مقال لها بجريدة الأهرام يعود إلى يونيو 2014، إنه في أواخر القرن الثامن عشر قبل الميلاد كانت الدوله الفرعونية الوسطى قد تفككت واحتلها الهكسوس، وكانت "إياح حتب"، زوجة ملك البلاد تاعا الثاني، تحرض زوجها على رفع راية العصيان في وجه الغزاه ولكنه مات.
وبعد وفاة الملك أخذت الملكة "إياح" تدفع ابنها الأكبر ليستكمل مشوار أبيه، فمات هو الآخر، فدفعت ابنها الثاني "أحمس"، الذي نجح فيما فشل فيه أبوه وأخوه الأكبر، وطرد الهكسوس من مصر وتحقق الاستقلال.
وبعد انتصار أحمس وطرد الهكسوس من البلاد، خرج المصريون في استقباله ووالدته الملكة إياح، حاملين المشاعل والمصابيح، يتغنون "وحوي ياوحوي .. إياحة"، بحسب الباحث الأثري عبد العظيم كامل، إذ يقول "وحوي" كانت تعني مرحبا.
وتقول الكاتبة فاطمة صقر، حسبما نشرت جريدة الأخبار في مايو 1988، إن عبارة: وحوى يا وحوى إيُّوحة، ترجع إلى اللغة الهيروغليفية، ومعناها:"افرحى يا أيوحة، وأيوحة هى أم "أحمس" الذى طرد الهكسوس من مصر، فلما نجح فى طردهم خرج الناس يهنئون أمه بذلك.
كانت هذه رواية من الروايات المتداولة بين المؤرخين والكتاب حول أصل "وحوي ياوحوي"، وهناك راوية أخرى، وهي أن المصريين القدماء كانوا يخرجون مطلع كل شهر يستقبلون القمر، ويغنون "وحوي ياوحوي"، وتعني "اقترب اقترب" أو مرحبا مرحبا بالهلال.
وهناك من يقول إن أصل "وحو ياوحوي" قبطي، وآخرون يقولون إنها تعود للعصر الفاطمي، ومع اختلاف الروايات فهي أصبحت مرتبطة بقدوم شهر رمضان الكريم، فيخرج الأطفال بعد الإفطار يمسكون بالفوانيس ويتغنون بها.
فيما ذهب عمار الشريعي إلى تفسير معنى "وحوي ياوحوي" إلى أصلها في اللغة العربية، وهي "احتوي، أو امتلك"، ويقصد بها هناك بنت السلطان في العهد الفاطمي.
وفي قول سابق للقمص صليب متى ساويرس، فإن معنى كلمة "حالو يا حالو "هو "يا شيخ افرح"، أما معنى كلمة "وحوى " اقتربوا"، ومعنى كلمة" أيوحا "هو "الهلال" .. اقتربوا لرؤية الهلال".
ويقول إبراهيم أحمد إبراهيم، صاحب موسوعة أغنيات وحكايات، البعض يرجع كلمات هذه الأغنية إلى الفراعنة نظرا لأن كلمة (إيوحا) أصلها فرعونى، بينما يرجع البعض الآخر كلمات هذه الأغنية إلى العصر الفاطمى نظراً لتشابه كلماتها مع أغنية تراثية يقول مطلعها:
أحوى.. أحوى.. إياها
بنت السلطان.. إياها
لابسة القفطان.. إياها
بينما كلمات أغنية (وحوي.. يا وحوي) التى نعرفها فتقول:
رحت يا شعبان.. إياحا
جيت يا رمضان.. إياحا
وحوي.. يا وحوي.. إياحا
من الأغاني أيضا الشائعة عن شهر رمضان ونتغنى بها حتى الآن، أغنية "حالو ياحالو.. رمضان كريم ياحلو"، فماذا تعني هذه الكلمات أيضا؟.
أصل هذه الكلمات يعود إلى منتصف القرن الرابع الهجرى، كما يقول صاحب موسوعة أغنيات وحكايات "إبراهيم أحمد"، فحين دخل المعز لدين الله الفاطمى للقاهرة خرج جوهر الصقلى فى موكب من منطقة »بين القصرين« ليستقبل المعز على مشارف القاهرة، وذلك يوم 7 رمضان سنة 362هـ، وكان بالموكب العديد من الأطفال الذين أخذوا يرددون "حالو يا حالو" للترحيب بالمعز.
وبحسب "إبراهيم" فإنه منذ ذلك الحين ارتبطت هذه الجملة بشهر رمضان فى مصر، موضحاً أن أول من غنى الأغنية كاملة كما نعرفها بشكلها الحالى هى الفنانة صباح.