"هو احنا المفروض اما نروح بعيالنا الدوشة دول المسجد ويطرودونا ننطرد عادي و لا نخلينا نصلي في المسجد و لا نبدي أي اهتمام للكلام"، لم يكن مجرد سؤل عادي طرحته إحدى رواد "فيس بوك" على أحد المجموعات التي تحوذ على إعجاب أكثر من 2 مليون عضو، ولكنها حملت معه مشكلة تواجه النساء في كل عام في شهر رمضان أثناء صلاة التراويح.
كثير من النساء يفضلن الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح، فهي تأتي مرة واحدة في العام، ولها روحانيات خاصة في هذا الشهر الكريم، ولكن هناك تبقى دائما الأزمة، ماذا تفعل في أولادها الصغار؟، هل تجلس في منزلها وتنتظر حتى يكبر الأولاد، أم تصطحبهم معها؟.
لعب الأطفال وطردهم
من منا حين يصلى صلاة التراويح لا يجد الأطفال يلعبون داخل المسجد، ويختلط أصوات صراخهم وبكائهم بصوت الإمام، وقد يشعر بعضهن بالضجر، فتنشب الشجارات بين النساء، وتصل في بعض الأحيان إلى طرد إحداهن وأطفالها، فتضيع الصلاة بين الشجار والصراخ، ولكن يرى آخرون آن الطرد ليس حلا، بل يجب تحملهم حتى يتعلق الطفل بالمسجد.
حين طرحت "ريهام عادل" سؤالها على إحدى المجموعات على فيس بوك، انهالت عليها التعليقات بين تأييد طردهم لطالما أن الأطفال يتسببون في ضرر للآخرون، وأخريات رفضن هذا الأسلوب، ورأين بأن الأفضل أن نشجع الأطفال على الذهاب للمسجد، وتنظيم مسابقات ومنحهم مكافأت حتى يتعلق قلوبهم بالمساجد حين يصيروا في عمر الشباب.
جدل على جروبات الفيس بوك
تروي آلاء وهبة إنها ذهبت لصلاة التراويح في أول أيام شهر رمضان، وكانت إحدى النساء مصطحبة أطفالها الثلاثة، وكانوا يلعبون في المسجد كأنهم في ملاهي، وأحد الأطفال جلس على رأسي وأنا ساجدة وأخذ يقفز لأعلى واعتبرني "توك توك" ويقوده، ومن يومها لم أذهب للصلاة في المسجد ثانية.
وتقول "دينا" في تعليقها على السؤال إن إمام المسجد الذي تصلي فيه نادى عبر مكبر الصوت عقب الصلاة وخاطب الناس :"يا من تشتكون من الأطفال وتطرودهم بدلا من أن تجلسوا إلى جوارهم وتربوهم على حب المسجد ويأتوا إليه في كل الفروض، أنت تطردهم الآن، وبعد سنوات لن نجد في المسجد سوى كبار السن".
وتشير دينا إلى أن النساء اللاتي بلغت من العمر أرزله ينهرن الأطفال بشكل فج حتى أن الأطفال تُصاب بعقدة نفسية من الصلاة والمسجد والدين كله، وترى أن الأفضل أن يصطحب الأب ابنه ويعوده على الصلاة، أما النساء فالأفضل الصلاة في منزلها.
فيما علقت إيمان ندا :"متروحيش اصلا ..صلاة المرأة فى بيتها افضل"، واتفقت معها سها علي قائلة :"اطردوا عادى بدل ما تأذوا الناس".
وعلقت لمياء مجدي قائلة :"طيب يعني انتي هتسفادي ايه و انتي أذيه كل اللي حواليكي و مانعه خشوعهم و مصممه تكملي ؟".
بينما اختلفت معهم أم سجى إذ تقول:" يا ريت بتعلم ازاي نعامل الأطفال في المسجد مش ننفر الأطفال من المسجد شوفوا المساجد بتركيا بتعامل الأطفال ازاي... مش عاوزه اقول في ديانات أخرى مش بيطردوا الأطفال بره لا بيحاولوا يجذبوهم".
اقتراحات.. مثل تركيا
واقترحت نهى عبد الحميد أن ينسق النساء بالمسجد مع بعضهن البعض، بأن جزء منهن يصلي ركعتين والأخريات يجلسن مع الأطفال يلعبن معهم بألعاب تحفيزية ويحببونهم في شهر رمضان والصلاة ويعلمونهم آداب المسجد، ويعقدون لهم المسابقات والجوائز، ثم يتبادلن الصلاة مع اللاتي أقمن الصلاة الأولى، وهكذا.
وأشارت فاطمية حميد، إلى أن هناك مساجد في تركيا والسعودية، تخصص أماكن للأطفال وقت الصلاة، في أخر المسجد يوجد عندها ترابيزات تجلس عليها الأطفال ويلعبون حتى لا يشغلوا المصلين عن صلاتهم ويشتت ذهنهم ويعكرون خشوعهم.
فيما قال مؤمن صبري :"الدوشه اللى احنا رافضينها لاولادنا فى المساجد وهما صغيرين بكره هنتحايل عليهم انهم يدخلوه وهما كبار،، ابنى الصغير بقا بيستنى رمضان الحمد لله بسبب المعامله معاه هو واللى فى سنو بطريقه اجبرتو أنه يفضل ساكت احتراما للمكان فى طرق وأساليب افضل من العنف والكره ده مش افضل ماينزل الشارع أو يتفرج على التليفزيون وهتشيلى الذنب".
مساجد وجدت الحل
ولأنها مشكلة تواجه كثير من النساء، وتختلف فيها الآراء بين الناس، بدأ البعض يفكر في حلول لها، حتى أن بعض المساجد بدأت تخصص استراحة للأطفال وقت التراويح، منها المجاني، ومنها ما هو بأجر رمزي.
استضافة بأجر رمزي
في منطقة التجمع عند بنزينة "Oil libya" يوجد مسجد "الرحمة"، حاول أن يتغلب على هذه المشكلة بأن يخصص مكانا لاستضافة الأطفال، ومن ثم يمكن للأم أن تصلي التراويح دون أن تزعج أحد وتتفرغ لصلاتها.
تروي أسماء توفيق، ربة منزل، أنها قرأت عن المسجد على إحدى المجموعات الخاصة بسكان التجمع، فاعتبرتها فرصة لأن تصلي التراويح في المسجد، فقبل الزواج كانت تعتاد الصلاة في المسجد في كل عام، ولكن بعد أن أصبح لديها بنتان لم تعد تذهب للصلاة بهم، حتى لا تتسبب في مضايقة المصلين.
وتضيف :" عادة أنا لا أذهب إلى مكان وأترك بناتي في أي مكان لأني شديدة القلق عليهن، ولكن حين قرأت عن المسجد تشجعت وذهبت إليه، فوجدت سيدة في غاية الاحترام تسجل أسماء الأطفال وتُلبسهم في أعناقهم رقم وتعطي الأم رقم لاستلام الأطفال، ووجدت في هذا المكان كراسي وترابيزات وأطفال وتكييف، وصلصا ومكعبات".
وتستطرد :"كل ذلك بأجر رمزي جدا، الطفل الواجد بـ 10 جنيهات والأخين بـ 15 جنيه، وفضلا عن أننا نرتاح من صراخ ولعب الأطفال ونتفرغ للصلاة، فهم في هذا الوقت يمارسون الأنشطة داخل هذا المكان، فهو أشبه بحضانة، وبذلك يتعلم الأطفال شيء جديد، خاصة أن هناك معلمة تحدث الأطفال عن الدين وتحفظهم القرآن في هذا الوقت".
ولفت محمد زيدان، خلال تعليق له على منشور أيضا يناقش مشكلة أطفال المسجد، إنه بجوار مسكنه يوجد مسجد عمل فكرة بسيطة للغاية، اسمها الاستضافة وقت التراويح، وهي فتح الحضانة التي تجاور المسجد لاستقبال الأطفال مقابل اشتراك رمزي جدا، وفي الوقت نفسه يوجد متطوعات للجلوس مع الأطفال وقت الصلاة.
وفي شارع تسعة بالمقطم يوجد أيضا مسجد الصفا، الذي خصص مكان للأمهات التي تصطحب أطفالها، وكذلك مسجد بلال هو أيضا خصص استضافة للأطفال مقابل 10 جنيهات.
وفي حين يرى البعض أن الاستضافة في المساجد فكرة جيدة وبأجر رمزي، إلا أن آخرون اختلفوا معهم ورأوا أن ليس كل النساء لديههن المقدرة على دفع أي أجر، ورأى فريق ثالث أن الأطفال لابد أن يدخلوا المساجد منذ الصغر، فيما رآى فريق رابع أن حل المشكلة في أن تجلس النساء في منزلها ولا تذهب لصلاة المسجد.
رأي الشرع...هكذا كان يتصرف النبي
وبعيدا عن هذا الجدال فماذا عن الرأي الشرعي في اصطحاب الأطفال إلى المساجد؟، خاصة أن البعض يستدل بأن صلاة المرأة في بيتها أفضل.
من جانبه يقول الشيخ إبراهيم الظافري، إمام وخطيب وأحد علماء الأزهر الشريف، إن الإنسان إذا ما دخل في صلاته، فهو في صلة بينه وبين ربه، فمن يلتفت للخالق أيلتفت لمخلوق؟، أينتبه لبشر أيا كانوا صغار أو كبار أو أصوات؟.
وأضاف الظافري لـ"مصر العربية" أن هناك 3 مواقف من حياة النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، يعلمنا كيف نتعامل في صلاتنا وأنه حين يدخل الإنسان الصلاة لا يمكن أن ينشغل بغيره.
أما عن أول المواقف فهي لصحابي كان يقف على حراسة جيش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزة من الغزوات، فكان يقف على ثغرة يحرس المسلمين ومعه صاحبي آخر، فقام لله يصلي فناوله العدو بسهام في جنابه وفي مناطق أخرى من جسد، إلا أنه لم يقطع الصلاة استحياء من الله، وحين سمع صاحبه أصوات السهام تخترق جسد صاحبه، استيقظ من نومه، فقال له لما لم توقظني، فقال له كنت قد بدأت سورة واستحييت أن أقطعها وأنا بين يدي الله.
ويروي الظافري الموقف الثاني، وهو لأحد السلف الصالح حين أجمع أطباؤه على بتر قدميه، وأرادوا أن يضعوا له بعض المخدر حتى لا يشعر بالألم، فقال لهم لا، بل اقطعوها حين أدخل في الصلاة، فلما فرغ من صلاته سألتهم "هل فرغتم".
أما الموقف الثالث فلرجل كان يصلي وهاجمه أسد، ورغم أنه سمع آزير الأسد إلا أنه لم يقطع صلاته، بحسب ما يروي الظافري.
ويقول الإمام :"فهؤلاء كانوا يعلمون معنى الصلاة ولم يتحججوا بأطفال أو غيرهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطيل في الصلاة، كما هو ثابت في البخاري ومسلم، ولكنه كان يتجاوز ويقصر في صلاته إذا سمع بكاء طفل وذلك رحمة بأمه، فهكذا كان الرسول لم يعنف النساء أنهم حضروا للمسجد ولم يعنف الأطفال على لعبهم وبكائهم، بل كان يتجاوز في صلاته رحمة بهم".
وأكد الظافري إنه لا يحل لأحد أن ينهي غيره عن الصلاة في المسجد، ولا يمكن منع النساء من الصلاة في المسجد وإن كان معها أطفالها مهما حدث منهم، فكان النبي يرحب بالأطفال في المسجد، ويلاعب العمير كما ثبت عنه، منوها إلى أن النبي قال "لا تمعنوا إيماء الله من مساجد الله".
وتساءل الظافري من يمنع ويطرد الأطفال من المسجد أين هم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم من حين كان يخطب على المنبر وفي جلالة الحضور من الصحابة، وحين رأى الحسن أو الحسين يدخل المسجد ويتعثر بين الصفوف، نزل من على منبره ليحمله، وأيا هم حين كان النبي يصلي وارتقى الحسن أو الحسين ظهره، ولم ينهاهم النبي عن ذلك.
واستطرد:"فكيف يقول قائل أن الأطفال ما يبنغي أن يكونوا في المسجد، بل العكس ينبغي أن نحضر الأطفال ونعلمهم ونصبر على لعبهم وأذاهم إن صدق عليها معنى الأذية، لأني لا أرى في تشوشيهم ولعبهم أذية، بل ينبغي أن تقدم لهم الهدايا، ويكافوا على حضورهم المسجد ويحبببوا في حضور المسجد، بدلا من أن نسبب لهم عقدة نفسية".
وتابع :"فما نراه من الملحدين ويضعون الشهات في كتب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هؤلاء أطفال الأمس الذين طردوا من بيوت الله، ينبغي أن نتبه لهذا، أطفال اليوم هم رجال الغد الذين ينبغي أن نعلمهم الصلاة ونعلمهم بالحسنة لا بالطرد ولا بالإهانة وإنما باالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يكون الأسلوب أرق وأحن في المعاملة مع الأطفال، فأن يهان طفل في حضرة أبيه فتنشب المشكلات في المساجد".