الموجة الحارة في رمضان تضاعِف ثواب الصيام.. وهذه الأعمال تقي المسلم النار

الموجة الحارة وارتفاع درجات الحرارة في رمضان

 

حين تشتد درجات حرارة الجو وتلفح الوجوه أشعة الشمس الحارقة، يتذكر الكثيرون أن نار جهنم ستكون أشد حرا من نار الدنيا، فتجد الأدعية منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي يتعوذون بها الله من النار، ولأن لا أحد يقوى على تحمل نار جهنم، فقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالعديد من الأعمال التي نتقي بها النار.

 

وقد وردت آيات قرآنية وأحاديث نبوية، تدل على أفضلية بعض الأعمال الصالحة التي تكون سببا في أن يعصم الله تعالى صاحبها من أن تمسه النار.

 

وتشهد البلاد موجة ارتفاع شديدة في درجات الحرارة، حتى أنها تحذر من التعرض لأشعة الشمس، وتأتي هذه الأجواء شديدة الحرارة في ظل صيام شهر رمضان الكريم. 

 

هكذا كان يفعل النبي

 

بداية تدلنا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم على بعض الأعمال حين تتفاقم موجات الحر الشديدة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول :"إذا اشتد الحر فأبرِدوا بالصلاة؛ فَشِدّة الحر من فيح جهنم"، متفق عليه.

 

روى مسلم عن خباب قال:"شكَوْنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّ الرَّمْضاء في جباهِنا وأكفِّنا، فلم يُشْكِنا"؛ أي: لم يزل شكوانا.

 

وقد روى ابن المنذر حديث خبَّاب بلفظ: (فلم يُشكِنا)، وقال: ((صلوا الصلاة لوقتها)).

 

الصوم في الطقس الحار

 

أما عن تزامن الطقس الحار مع صيام شهر رمضان الكريم، فهناك أيضا دئلال من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأثر الصحابة على فضل الصيام في اشتداد الأجواء الحارة.

 

وبحسب دار الإفتاء المصرية، فإذا كان في الصيام مشقة لطول اليوم وشدة حر فإن ثوابه يكون أعظم؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا فِي عُمْرَتِهَا: «إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ قَدْرَ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ» رواه الدارقطني.

 

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف" (ص: 322): [ومما يضاعف ثوابه في شدة الحر من الطاعات: الصيام لما فيه من ظمأ الهواجر؛ ولهذا كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يتأسف عند موته على ما يفوته من ظمأ الهواجر، وكذلك غيره من السلف وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يصوم في الصيف ويفطر في الشتاء، بحسب ما هو منشور على موقع دار الإفتاء المصرية.

 

وعن أبى موسى الأشعرى فإن الصوم فى يوم حار يقى الناس من نار جهنم، وفى نص الحديث: عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث أبا موسى على سرية في البحر، فبينما هم كذلك، قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة، إذا هاتف فوقهم يهتف: يا أهل السفينة! قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه، فقال أبو موسى: أخبرنا إن كنت مخبراً، قال: إن الله تبارك وتعالى قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له في يوم صائف، سقاه الله يوم العطش.

 

وعن أبي موسى بنحوه إلَّا أنه قال فيه، قال: "إن الله قضى على نفسه أنّ من عطّش نفسه لله في يوم حار كان حقّا على الله أن يُرويه يوم القيامة"،  قال: فكان أبو موسى يتوخى اليوم الشديد الحر الذي يكاد الإنسان ينسلخ فيه حرّاً فيصومه.

 

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عند موته يوصي ابنه عبدالله، فيقول له: "عليك بخصال الإيمان"، و أولها: الصيام في شدة الحر فى الصيف، فالأيام هي أيام الله يقلبها كيف شاء، والمؤمن يصبر ويرضى وإنما يوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب.

 

أعمال تقي النار

 

وعلى هذا فهناك أعمال دلنا عليها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها تقي صاحبها من أن تمسه النار،  وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن نار جهنم أشد فيحا من نار الدنيا.

 

- صلاة الفجر والعصر

 

ومن الأعمال التي تقي صاحبها من النار الالتزام بالصلوات في وقتها، خاصة صلاة الفجر والعصر، فعن عمارة بن رويبة الثقفي رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" يعني الفجر والعصر، فقال له رجل من أهل البصرة: آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال الرجل: وأنا أشهد أني سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته أذناي ووعاه قلبي" رواه مسلم.

ويقول المفسرون إن المقصود بقوله عليه السلام "صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" أي حافظ على صلاة الفجر والعصر في أوقاتهن بشكل دائم.

 

4 ركعات قبل الظهر و4 بعده

 

وعن أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّه عَنها قَالَتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها؛ حرمه الله على النار" رواه الترمذي وإسناده حسن.

 

الصلوات الخمس

 

وعن محمد بن جعفر قال حدثنا سعيد عن قتادة عن حنظلة الأسيدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ؛ عَلَى وُضُوئِهَا وَمَوَاقِيتِهَا ، وَرُكُوعِهَا ، وَسُجُودِهَا ، يَرَاهَا حَقًّا لِلَّهِ عَلَيْهِ ، حُرِّمَ عَلَى النَّارِ ".

 

الشهادة

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، إنه قال لمعاذ رضي الله عنه: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ الله عَلَى النَّارِ») رواه البخاري  ومسلم . وروى البخاري ومسلم  عن عِتْبَانَ بْن مَالِكٍ الْأَنْصارِيَّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ الله".

 

كل هين لين سهل

وروى الترمذيعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ».

 

وقال القاري: «قريب» أي: من النَّاس بمجالستهم في محافل الطَّاعة، وملاطفتهم قدر الطَّاعة، و«سهل» أي: في قضاء حوائجهم، أو معناه: أنه سمح القضاء، سمح الاقتضاء، سمح البيع، سمح الشِّراء". 

البكاء من خشية الله والحراسة

وروى الترمذي وحسنه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ».

 

وروى الترمذي والنسائي في سننهما عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم ".

غض البصر

وروى الطبراني في "المعجم الكبير"  عن بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلَاثَةٌ لَا تَرَى أَعْيُنُهُمُ النَّارَ: عَيْنٌ حَرَسَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ».

 

شق تمرة 

 

وقال عدي بن حات :" سمعت النبي  صلى الله عليه وسلم يقول: اتقوا النار ولو بشق تمرة"، أخرجه البخاري ومسلم، وشق التمرة هو نصفها.

 

وفي رواية لـ "البخاري ومسلم" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه-أي الجانب الأيمن، فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه -يعني إلى جهة الشمال- فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه -أي أمام وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة.

 

الصيام

 

 

أخرج الإمام أحمد والنسائي عن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"الصوم جُنَّة من عذاب الله.

 

وعند أحمد بإسناد حسن عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"الصيام جُنَّة يستجن بها العبد من النار".

 

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» رواه أحمد، والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي. .

 

وعند البيهقي في الشعب من حديث عثمان بن أبي العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الصوم جنة من عذاب الله " ورواه أحمد والنسائي وابن ماجة وابن خزمية وإسناده صحيح. 

الاستعاذة من النار

 

 وفي (الصحيحين) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الملائكة الذين يلتمسون مجالس الذكر وفيه: ((أن الله عز وجل يسألهم وهو أعلم بهم، فيقول: فمم يتعوذون؟ فيقولون: من النار، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً، وأشد مخافة، فأشهدكم أني قد غفرت لهم).

 

وقد ورد عن أنس رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة اللهم أدخله الجنة ، ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار اللهم أجره من النار".

 

تغبير القدم في سبيل الله :

 

وروى البخاري  أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) .

وروى أحمد أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُمَا حَرَامٌ عَلَى النَّارِ) صححه الألباني في "الإرواء.

 

ورواه ابن حبان في "صحيحه" ولفظه : عن أبي المصبح المقرائي قال : بينما نحن نسير بأرض الروم في طائفة عليها مالك بن عبد الله الخثعمي إذ مر مالك بجابر بن عبد الله وهو يمشي يقود بغلاً له ، فقال له مالك : أي أبا عبد الله ، اركب ، فقد حملك الله ، فقال جابر : أصلح دابتي ، وأستغني عن قومي ، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار ) فأعجب مالكاً قولُه ، فسار حتى إذا كان حيث يسمعه الصوت ناداه بأعلى صوته : يا أبا عبد الله ، اركب ، فقد حملك الله ، فعرف جابر الذي أراد برفع صوته ، وقال : أصلح دابتي ، وأستغني عن قومي ، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار ) فوثب الناس عن دوابهم ، فما رأينا يوما أكثر ماشيا منه . صححه الألباني في "الإرواء" .

 

 

مقالات متعلقة