من سنن الحبيب..هكذا احتفل النبي بعيد الفطر

عيد الفطر

ساعات قليلة ويهل علينا عيد الفطر المبارك، بعد أيام معدودة من الصيام والعبادات في شهر رمضان الكريم، وكان النبي "صلى الله عليه وسلم"، له شعائر معينة يستقبل بها العيد، ليورثها لأمة الإسلام وتصبح سنة عنه ينبغي أن نعمل بها اقتداء به.

 

فكان للنبي صلى الله عليه وسلم سننا في الأعياد تدعو إلى الفرح والسرور والاستعداد لهذا اليوم بالتهاني والمعايدات والاغتسال والتزين بأجمل الثياب.

 

الاغتسال:

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يغتسل قبل الخروج إلى الصلاة، وكان يوصى أهله بالاغتسال والتطهر.

 

وقد أورد الإمام البيهقي عن سيدنا ابن عباس قوله: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغتسل يوم الفطر، ويوم الأضحى".

 

وعن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلىى المصلى، وقال الألباني في إرواء الغليل :"روى الفريابي عن سعيد بن المسيب أنه قال: سنة الفطر ثلاث: المشي إلى المصلى، والأكل قبل الخروج، والاغتسال"،  وإسناده صحيح.

 

التجمل والتزين

 

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص أن يرتدي في يومي العيد أفضل ما يجده من الثياب، ويتجمل ويتزين ويضع العطر، فكان لا يُشم منه إلا  طيبا طاهرا.

 

ويقول ابن القيم :"وكان صلى الله عليه وسلم يلبس لهما "أي العيدين" أجمل ثيابه، وكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة".

 

وروى البخاري ومسلم عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ..فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : ” إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ “.

 

وقد فسر أهل العلم الحديث أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم ينكر عليه التجمل للعيد، وإنما أخبره بأن لبس هذه الجبة محرم؛ لأنها من حرير، فمن المستحب ارتداء الملابس الجديدة المرتبة، والتطيب بالعطور.

 

وعن سيدنا حسن بن السيدة فاطمة بنت الرسول، وسيدنا على بن أبي طالب، قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين أن نلبس أجود ما نجده، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحي بأثمن ما نجد.

 

وبوجه عام كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على ارتداء ملابس نظيفة وجميلة، فقال عليه الصلاة والسلام: "أصلحوا رحالكم وحسِّنوا لباسكم حتى تكونوا شامةً بين الناس".  

الطعام قبل الصلاة

 

كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم النحر حتى يذبح.

 

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َلا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ. ويأكلهن وِتراً". صحيح البخاري.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َلا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وََلا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ. 

 

وفي الموطأ عن سعيد بن المسيب، أن الناس كانوا يؤمرون بالأكل قبل الغدو يوم الفطر، فإذا بقيت صائمًا معنى هذا أنك لم تبالِ بالعيد.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، أن الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلى العيد.

 

وقيل: لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى، والحكمة في استحباب التمر لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم.

 

وقال الصنعاني في سبل السلام، وتأخيره يوم الأضحى إلى ما بعد الصلاة، والحكمة فيه هو أنه لما كان إظهار كرامة الله تعالى للعباد بشرعية نحر الأضاحي، كان الأهم الابتداء بأكلها شكراً لله على ما أنعم به من شرعية النسكية الجامعة لخير الدنيا وثواب الآخرة.

 

الذهاب إلى الصلاة ماشيًا

 

ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الأعياد هي السير إلى صلاة العيد سيرا على الأقدام، فقد رى الترمذي عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا.

 

وعن ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا، وَيَرْجِعُ مَاشِيًا. حديث حسن.

 

مخالفة الطريق

 

ومن سنن العيد المستحبة أيضًا أن يرجع المصلى من مكان الصلاة بطريق غير الذي ذهب منه، أي مخالفة الطريق في الذهاب إلى مكان الصلاة والرجوع منهاتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، إذ كان يخالف الطريق يوم العيد، فيذهب في طريق، ويرجع في آخر.

 

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ، وعَنْ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ، ثُمَّ رَجَعَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ.

وقال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد: وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد، فيذهب في طريق، ويرجع في آخر، فقيل: ليسلم على أهل الطريقين، وقيل: لينال بركته الفريقان، وقيل: ليقضي حاجة من له حاجة منهما، وقيل: ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق.

 

وقيل: ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله، وقيام شعائره، وقيل: لتكثر شهادة البقاع، فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة، والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلى منزله، وقيل وهو الأصح: إنه لذلك كله، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها. 

 

الصلاة في الخلاء

ومن سنن العيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلاة العيد في المصلى في الخلاء، ولا تصلى في المسجد إلا للضرورة.

 

فعَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى فِي يَوْمِ الْعِيدِ، وَالْعَنَزَةُ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا بَلَغَ الْمُصَلَّى نُصِبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلَّى كَانَ فَضَاءً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يُسْتَتَرُ بِهِ. من "سنن ابن ماجه".

 

وقال الألباني: إن هذه السنة لها حكمة عظيمة بالغة: أن يكون للمسلمين يومان في السنة، يجتمع فيها أهل كل بلدة، رجالا ونساء وصبيانا، يتوجهون إلى الله بقلوبهم، تجمعهم كلمة واحدة، ويصلون خلف إمام واحد، ويكبرون ويهللون، ويدعون الله مخلصين، كأنهم على قلب رجل واحد.

 

وعلى من فاتته صلاة العيد مع الجماعة أن يصليها في البيت ركعتين.

 

خروج النساء والصبيان

يشرع خروج الصبيان والنساء في العيد للمصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض، لحديث أم عطية قالت: "أمرنا أن نخرج العواتق -أي الجارية البالغة- والحُيَّض في العيدين يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيّض المصلى".

وعن ابن عبَّاس قالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بَنَاتَهُ وَنِسَاءَهُ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ.

 

التكبيرات

كان نبينا يكثر التكبير صباح يوم العيد، فضلًا عن التكبير أثناء خطبتي العيدين.

 

خطبة العيد وعن سنة الرسول الأمين أنه كان يخطب في الناس عقب صلاة العيدين، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويناقشهم في أمور دينهم الشائكة.

فعن أبي سعيدٍ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يومي الفطر والأضحى إلى المصلَّى وأول شيءٍ يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف، فيقوم مقابل الناس والناس جلوسٌ على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم.

 

التهنئة

 

وقيل من سنة الأعياد استحباب التهنئة بالعيد، فعن زبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعضٍ "تقبَّل الله منا ومنك".

 

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد: تقبل الله منا ومنكم، وأحاله الله عليك، ونحو ذلك، فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه.

 

مقالات متعلقة