بعدما أدرجت منظمة العمل الدولية مصر على القائمة القصيرة للدول التي تنتهك حقوق العمال المعروفة إعلاميا بـ"القائمة السوداء، أصدرت لجنة المعايير بمؤتمر العمل الدولي رقم 108 جملة من التوصيات للحكومة المصرية، لتجنب البقاء على هذه القائمة.
وقالت اللجنة في معرض توصياتها إنها لاحظت أنه على الرغم من صدور قانون النقابات والقرار الوزاري رقم 35 لازالت هناك عددٌ من الأمور المتعارضة المستمرة بين التشريع المحلي، والاتفاقية 87 الخاصة بالحريات النقابية.
وعبرت اللجنة عن قلقها لوجود قيود على حق العمال فى تأسيس المنظمات النقابية والاتحادات والانضمام إليها باختيارهم الحر، واستمرار التدخل الحكومي فى الانتخابات والأنشطة النقابية، بحسب دار الخدمات النقابية والعمالية.
ودعت اللجنة الحكومة المصرية إلى أن يتضمن القانون عدم وجود عقبات سواء في النصوص أو فى الممارسة العملية تحول دون تسجيل النقابات، وفقاً لما تنص عليه الاتفاقية، أن تعمل بسرعة على إنهاء الأوضاع المعلقة لتسجيل النقابات.
وتابعت أن تتضمن كون جميع النقابات قادرة على ممارسة أنشطتها، وانتخاب هيئاتها التنفيذية بكامل الحرية، وذلك فى القانون، والممارسة العملية، وفقاً لما تنص عليه الاتفاقية.
وأشارت إلى تعديل قانون النقابات ليكفل الحد الأدنى المطلوب من العضوية على مستوى المنشآت، وكذلك بالنسبة لمن يشكلون نقابات عامة أو اتحادات، لا يعوق حق العمال فى تكوين والانضمام إلى منظمات نقابية حرة ومستقلة باختيارهم هم.
وأيضا لا يعاقب العمال بالحبس لممارستهم الأنشطة التي تدخل في نطاق الاتفاقية وإرسال نسخ من مشروع قانون العمل إلى لجنة الخبراء قبل اجتماعها القادم فى نوفمبر 2019 .
ودعت اللجنة الحكومة لقبول الدعم الفني لمنظمة العمل الدولية للمساعدة فى تنفيذ هذه التوصيات، وتحث اللجنة الحكومة على تقديم تقرير عن التقدم الذي تحققه قبل اجتماعها القادم في نوفمبر 2019 .
وكانت منظمة العمل الدولية أدرجت مصر على القائمة القصيرة للدول التي تنتهك حقوق العمال المعروفة إعلاميا بـ "القائمة السوداء" للمرة الخامسة خلال فعاليات الدورة 108 لمؤتمر العمل الدولي بالعاصمة السويسرية جنيف.
وكانت بعثة لجنة الخبراء، أرسلت القائمة التمهيدية للحالات التي ستتم مناقشتها أمام لجنة المعايير المختصة بتطبيق معايير العمل في مؤتمر العمل الدولي المقام الآن في العاصمة السويسرية جنيف إلى كافة الدولة، كما أعطت الفرصة للحكومات التي تضمنتها القائمة لإعلام اللجنة بمزيد من المعلومات إذا رغبت وأمهلتهم أسبوعين قبل بدء المؤتمر.
وقبل أربع أيام من انتهاء المهلة المحددة، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 213 لسنة 2017، بشأن إصدار قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي.
وتضمن المشروع تعديل كل المادتين 11، 12 من القانون، وينص تعديل المادة 11 على: (يكون للعاملين بالمنشأة الحق فى تكوين اللجنة النقابية للمنشأة بما لا يقل عن خمسين عاملاً منضماً لها والعاملين فى المنشآت التى لم تستوفِ النصاب المنصوص عليه فى الفقرة السابقة).
ويستكمل التعديل: (و للعاملين في المنشآت التي يقل عدد العاملين فيها عن خمسين عاملاً ، وكذا العاملين من ذوي المهن والحرف، تكوين لجنة نقابية مهنية عمالية على مستوى المدينة أو المحافظة، حسب الأحوال، لا يقل عدد أعضائها عن خمسين عاملاً وذلك بالاشتراك مع غيرهم من العاملين المشتغلين فى مجموعات مهنية أو حرفية، أو صناعات متماثلة، أو مرتبطة ببعضها، أو مشتركة فى إنتاج واحد، على أن تعتبر المهن المتممة، والمكملة لبعض الصناعات، داخلة ضمن هذه الصناعة، وفقاً للمعايير الدولية المطبقة في هذا الشأن).
كما ينص تعديل المادة 12: (يكون إنشاء النقابة العامة من عدد لا يقل عن عشرة لجان نقابية، تضم فى عضويتها خمسة عشر ألف عامل على الأقل ويكون إنشاء الاتحاد النقابي العمالي من عدد لا يقل عن سبع نقابات عامة، تضم فى عضويتها مائة وخمسين ألف عامل على الأقل).
عودة مصر للقائمة القصيرة مرة أخرى، بعد خروجها في عام 2018، سبب غضبا في الأوساط العمالية التي دشنت هاشتاج على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تحت عنوان ( سعفان لازم يرحل)، وحملوا فيه وزير القوى العاملة محمد سعفان المسؤولية عما حدث.
وقالت حملة الحريات النقابية إن الوزير يتحمل وضع مصر على القائمة السوداء مرتين خلال 3 سنوات فقط، مشيرين إلى أن ذلك تسبب في إنهاء مشروع العمل اللائق مما أضاع على مصر ملايين الدولارات وفرص استثمارية.
في المقابل، قال وزير القوى العاملة أن الحكومة المصرية ممثلة في وزارة القوى العاملة بجميع الملاحظات التي ابدتها لجنة الخبراء بالمنظمة منذ عام 2008 على قانون النقابات رقم 35 لسنة 1976، وساهم القانون في إحداث تغيير جذري في قاعدة التنظيم النقابي المصري من خلال الانتخابات النقابية العمالية الأخيرة.
وأضاف سعفان في تصريحات صحفية على هامش مؤتمر العمل الدولي أنهم مازلوا يعملون حاليا على تعديل بعض أحكام قانون التنظيمات النقابية تنفيذا لتوصية لجنة الخبراء بالمنظمة، والمجلس الأعلى للحوار المجتمعي في مصر، وذلك بتخفيض الحدود الدنيا اللازمة لتشكيل المنظمات النقابية، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية، لتعزيز امتثال مصر لمعايير العمل الدوليّة.
وشدد وزير القوى العاملة على أنه بعد وضع مصر على قائمة الملاحظات القصيرة لحالات الدول المخالفة للاتفاقيات الدولية، بلجنة تطبيق المعايير في الدورة الحالية (108) لمؤتمر العمل الدولي، مازالت مصر تؤكد حرصها على توافق تشريعاتها لمعايير العمل الدولية، وأنها على استعداد لإدخال أي تعديل توصي به لجنة الخبراء بلجنة معايير العمل الدولية، من خلال بإجراء حوار مجتمعي خلال الفترة المقبلة.
وخلال الجلسة الخاصة بمناقشة حالة مصر خلال اجتماع لجنة المعايير بمنظمة العمل الدولية، قال وزير القوى العاملة محمد سعفان إنه كان يجب تكريم الحكومة المصرية بدلا من إدراجها على القائمة القصيرة، نظرا للجهود الكبيرة التي بذلتها على امتداد ثلاثة أعوام من أجل التوافق مع اتفاقية الحريات النقابية، بحسب ممثل دار الخدمات النقابية الذي حضر الجلسة الخاصة.
ورغم ذلك أبدى الاتحاد العام لنقابات عمال مصر والوزارة رغبتهما في التعاون مع منظمة العمل الدولية ولجنة الخبراء، وهما على استعداد لكافة أوجه التعاون الممكن، مشيرين إلى استعدادهم لإجراء مزيد من التعديلات إذا كانت لازمة للتوافق مع الاتفاقية والمعايير.
وطلبت الحكومة المصرية من المنظمة تقديم الدعم الفني لها لمساعدتها في الانتهاء من تعديلات القانون واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتلافي الملاحظات التي تبديها اللجنة، كما أعلنت عن تنظيمها إجراء الانتخابات للنقابات المعلقة أوضاعها، والنقابات التي تنشأ حديثا.