وجه تتويج الفريق الجزائري لكرة القدم بطلا للقارة الافريقية، وفوزه بكأس أمم افريقيا 2019، الأنظار نحو ملف العلاقات المغربية الجزائرية الفاترة، فالحدث الكروي فتح الباب مجددا للمطالبة بفتح الحدود المغلقة منذ ربع قرن بين البلدين، فهل تنجح الجماهير في اختراق الشباك وتسديد هدف تاريخي في مرمى السياسة؟.
صور المشجعين المغاربة الرافعين لأعلام الجزائر، في مدرجات الاستادات المصرية أو على المقاهي المغربية، كانت من أبرز مشاهد بطولة كأس أفريقيا 2019.
وحتى بعد خروج المنتخب المغربي من البطولة، استمر التشجيع المغربي لمنتخب الجزائر تحت شعار "خاوة خاوة" (أخوة أخوة)، الذي تحول لهاشتاج انتشر بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وصار بمثابة الأرشيف للحظات تعكس حالة من الوحدة بين الشعبين المغربي والجزائري.
وعقب فوزهم بالبطولة، بعث العاهل المغربي الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح، قال فيها «يطيب لي، بمناسبة فوز المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم، عن جدارة واستحقاق، بكأس الأمم الافريقية 2019، التي احتضنت مصر الشقيقة أطوارها النهائية، أن أعرب للشعب الجزائري الشقيق، عن أحر التهاني بهذا الإنجاز الكروي القاري لكرة القدم الجزائرية».
وعبر ملك المغرب باسمه وباسم الشعب المغربي قاطبة، عن «مشاطرته الشعب الجزائري الشقيق، مشاعر الفخر والاعتزاز بهذا التتويج المستحق، خاصة وأن الأمر يتعلق بفوز بلد مغاربي جار وشقيق، وكأن هذا التتويج هو بمثابة فوز للمغرب أيضا».
وبين أن أمام هذا التألق الرياضي الكبير، يتقدم «للشعب الجزائري الشقيق، ومن خلاله لكافة مكونات منتخبه الوطني، لاعبين وأطرا تقنية وطبية وإدارية، بأصدق عبارات الإشادة والتقدير، بالأداء التقني الرفيع، وبالروح التنافسية العالية، التي أبان عنها هذا المنتخب الطموح، طيلة مباريات هذه البطولة الافريقية المتميزة ".
الدعم المتبادل بين البلدين ظهر أكثر من مرة في مناسبات رياضية عديدة من بينها دعم الجزائر للملف المغربي لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2026.
حالة الحماسية المغربية الجزائرية اتخذت بعدا سياسيا، إذ فتحت الباب لتجديد المطالب بفتح الحدود البرية بين البلدين والمغلقة منذ عام 1994.
واتخذت المطالب شكلا أكثر فاعلية إذ بدأ التخطيط من خلال موقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك" ، لمسيرة من أجل عبور الحدود بين البلدين .
#خاوة_خاوة_تونس_الجزائر وفرحتنا واحدة pic.twitter.com/IQbhnKm3Id
— hadya zayed ???????? (@hadya_zayed) July 19, 2019
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ أيام، دعوات إلى تنظيم مسيرتين من المغرب والجزائر نحو الحدود بين البلدين، اليوم الإثنين، تحت شعار «مسير الشعب لفتح الحدود المغربية والجزائرية».
وأوضحت الدعوات أنه «حان الوقت كي تعبر الشعوب عن أنها تريد فتح الحدود من أجل مصلحة الشعبين الشقيقين».
كما أرفق النشطاء نداءهم بوسوم «خلي الحدود تفتح»، «اتحاد مغاربي من أجل غد أفضل»، و« اليد في اليد لفتح الحدود».
في الصورة تقع جغرافية وطنين يتقاسمان نفس الهوية والثقافة ، إلا أن الجغرافية السياسية قطعت هذا الوطن الجميل وقسمت شعوبه بين جسرين لايمكن اجتيازهما. المغرب بلد عريق والجزائر وطن تليد وبين الشعوبين حزمة من الروابط نحن أحوج إلى إعادة الروح فيها أكثر من أي وقت مضى. #الحدود pic.twitter.com/vnz3J7pcrb
— Ahmed Mouhamdy (@AhmedMouhamdy4) June 17, 2019
الدعوة قوبلت بترحيب واضح لاسيما بين العائلات المختلطة والتي تسكن المناطق الحدودية بين البلدين وتعاني بسبب إغلاق الحدود الذي يصعب على الكثيرين زيارة أقاربهم على الجانب الآخر للحدود.
واستحسن العديد من المعلقين من كلا البلدين هذه المبادرة، متمنين نجاحها من أجل ازدهار البلدين، وتمكن العائلات من رؤية بعضها البعض، بحسب صحيفة"القدس العربي".
ويرى بعض المراقبين أن مسألة فتح الحدود البرية بين البلدين مسألة وقت وستتحقق لا محالة خاصة حال حدوث تغييرات على المستوى السياسي، لاسيما في الجزائر التي تشهد حاليا حراكا سياسيا واضحا.
وشهدت المدن المغربية ليلة الجمعة احتفالات عارمة بعد تتويج المنتخب الجزائري باللقب الثاني في تاريخه لكأس أمم افريقيا.
اقشعر بدني. اكيد نعم لفتح الحدود نحن اخوة????????♥????????
— Amalelhayat (@Amalelhayat12) July 13, 2019
وفي الوقت الذي انتشرت فيه لقطات مصورة، لمشجعين حاولوا اختراق الحدود تعبيرا عن الفرحة بصعود منتخبهم وسط تشجيع وهتافات من الجانبين، لم يصدر من السلطات الأمنية أي تعليق على الحملات الفيسبوكية لفتح الحدود حتى الآن.
أحد هذه المشاهد والذي يظهر مشجعا جزائريا اخترق الحدود وسط الهتافات، أحيى آمال رواد وسائل التواصل الاجتماعي، الذين لفت انتباههم رد فعل جنديين على الجانب المغربي، لم يرفعا السلاح في وجه المشجع الجزائري، رغم عدم قانونية فعلته ، بحسب "دويتشه فيليه".
ولا تزال الحدود البرية بين المغرب والجزائر الممتدة على طول 1500 كيلومتر، مغلقة منذ اغسطس 1994 إثر هجمات ارهابية شهدتها مدينة مراكش، والتي اتهم المغرب على إثرها السلطات الجزائرية بالضلوع فيها، وقرر فرض التأشيرة على المواطنين الجزائريين، وردت الجزائر بالمعاملة بالمثل، إضافة إلى إغلاق الحدود البرية.
وتعتبر مسألة فتح الحدود بين البلدين من القضايا المعقدة ذات الأبعاد الأعمق من مجرد التقارب الرياضي أو الشعبي، فهناك العديد من الملفات الشائكة وأحيانا الاتهامات المتبادلة، التي تعكر صفو العلاقات السياسية بين البلدين.
لكن على المستوى الشعبي، لاسيما في المناطق الحدودية، تكثر علاقات المصاهرة وتكثر العائلات التي تمتد جذورها بين البلدين، علاوة على التشابه الثقافي الكبير بين الشعبين.. فهل تتمكن الشعوب من إحراز هدف سياسي لفتح الحدود بين الشقيقتين؟