هل قدم الأدب توثيقاً صحيحاً لثورة 23 يوليو؟.. كُتّاب يجيبون

الضباط الاحرار

تحل اليوم ذكرى ثورة 23 يوليو، تلك التي  لا ينكر أحد أنها علامة فارقة في تاريخ مصر، ونعيش جميعًا حتى الآن في ظل تداعيات عصرها وما أنجزته؛ لأنها واحدة من أهم الأحداث في التاريخ الحديث بما خلفته من آثار سياسية واقتصادية واجتماعية غيرت وجه الحياة فى مصر وفى الوطن العربي كله، حيث قادها ضباط، واستطاعوا إسقاط الحكم الملكي، وقيام النظام الجمهوري.

 

ولكن يظل السؤال الذي يطرح نفسه على مر السنين، هل توثيق الأوضاع وقت الثورة وتأثيرها وإيجابيتها وسلبيتها، والصعاب التى واجهتها تم توثيقه بشكل كافي وحيادي أدبيًا وفنيًا؟، وهذا ما طرحه موقع "مصر العربية" على أدباء مصريين، في  الذكرى الـ67 لثورة 23 يوليو.

 

وصف الناقد حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة ثورة 23 يوليو بأنها حدث كبير في التاريخ المصري الحديث، ونقطة تحول  بين ما قبلها وما بعدها، حتى وإن ظلت محل نقاش وتداول وربما محل اختلاف في التقييم أيضًا، وهي بذلك مثل كل حدث كبير طرحت ولا تزال مطروحة ، وسوف تظل للتناولات الأدبية المتعددة.

 

ورأى "حمودة" في تصريح خاص لموقع "مصر العربية" أن هناك أعمال أدبية كثيرة ارتبطت بثورة يوليو وعبرت عنها، وتناولت أبعادها من زوايا مختلفة، أو على الأقل من زوايا متعددة، وهناك كتابات كثيرة حول هذه الثورة في الرواية والقصة والشعر، وهناك أفلام سينمائية ومسرحيات أيضًا، كلها توقفت عند الوقائع التي ارتبطت بهذه الثورة، ومثلتها بطرق متباينة، أغلبها ركز على الجوانب الإيجابية في هذه الثورة وبعضها توقف عند بعض الجوانب السلبية فيها.

 

وقال "حمودة" إن هذا لا يعني أن الأبواب قد أغلقت أمام تناولات أدبية وإبداعية جديدة لهذه الثورة، إذ سوف تظل موضوعًا كبيرًا يُغري الإبداع لتقديم رؤى جديدة لهذه الثورة، واستكشافات متجددة لما ترتب عليها في الحياة السياسية والاجتماعية ليس في مصر فقط، وإنما في المحيط العربي والأفريقي وربما الإنسانية كلها.

 

واستطردت "حمودة" قائلًا: هناك أقوال ترددت حول صدق الأعمال الأدبية التي جسدت الثورة، وهذه الأقوال نفسها تنطق من أحد أشكال التقييم لهذه الثورة، بمعنى أن القول بالصدق أو الكذب يحتكم إلى معيار من المعايير التي تنتمي إلى الثورة أو لا تنتمي إليها،  أو تتعاطف أو لا تتعاطف بدرجة من الدرجات معها، ومن المؤكد أن الكثير من الأعمال الأدبية التي تناولت الثورة تأسست على تجارب أو خبرات أو معايشة لوقائع الثورة.

 

وتابع "حمودة" قائلًا "بل هناك بعض الأعمال كانت أقرب ما يكون إلى روح الشهادة الحية، على هذه الوقائع، وساهم في هذه الأعمال كتاب كثيرون انخرطوا في مسيرة هذه الثورة، وبعضهم كان ضحية من ضحاياها، ونلحظ هذا في بعض الأعمال التي توقفت عند المعتقالات التي ارتبطت بالفترة الناصرية.

 

وأضاف "حمودة" أننا نستطيع من هذا كله أن نستنتج صورة عامة عن ثورة 23 يوليو نستكملها نحن، ونستكشف أبعاد من الصدق فيها، ونتأكد من خلالها أن الثورة كان لها وجوه متعددة والتعبيرات عن هذه الوجوه متعددة أيضًا، وبالتالي أغلب هذه التعبيرات صادقة بدرجة أو بأخرى.

وأوضح الشاعر أشرف عامر أن تغطية الثورة فنيًا وأدبيا مر بمراحل متعددة أول حاجة إظهار عظمتها وجمالها، وهذا كان به مشكلة؛ لأنه لا يتم تقييم الموقف بشكل حيادي، بعد هذا قدم نجيب محفوظ رواية "ثرثرة فوق النيل" بدأ الكلام ياخذ مجرى مختلف، يأخذ شكل انتقاد واضح  للثورة وينتقد بعض الممارسات الخاطئة، وهذا ما جعل عبد الحكيم عامر يأمر باعتقال نجيب محفوظ، ولكن لولا اتساع أفق جمال عبد الناصرلتم اعتقاله.

وأشار "عامر" في تصريح خاص لموقع "مصر العربية" أنه بعد هذا مرت الكتابة الأدبية والفنية  بعدد متباين من الأعمال اللي تأرجحت ما بين الانتقاد الشديد لأشياء معينة مثل الإشارة إلى مراكز القوة، وبين التأييد، واستمر الأمر وصولا للتعامل مع النكسة، وإفراز عدد كبير من الأعمال التي ناقشت الهزيمة، والتي تضمنت مناقشة الثورة وإنجازتها وإخفاقتها.

وأكد "عامر" أن ثورة يوليو بلا شك هي واحدة من أهم ثورات العالم في القرن الماضي، ولا شك أن روادها الأوائل بداية من اللواء محمد نجيب، صاحب الشعبية الكبيرة من قبل الثورة، والذي قام بدور مهم وكان أول رئيس جمهورية بعد الثورة، مرورًا بعبد الناصر وأنور السادات، بدأ الأدب يقيم الثورة من الداخل.

 

وأكمل  "عامر" قائلًا : من وجهة نظري أن تأريخ الثورة والنظرة الموضوعية لها من بعيد، دون أن ضغوطات، أعتقد أنها ما زالت حتى هذه اللحظة لم تخضع لدراسة علمية حقيقة، وحتى هذه اللحظة  لم نعرف ما كان لها وما كان عليها، اللهم إلا بعض الثغرات اللي في بعض الكتب، نحن في حاجة إلى مناقشة ثورة يوليو مناقشة موضوعية تفت فيها كل الأوراق، من حق الشعب أن يطلع على كل المذكرات، والأصول التاريخية المدون فيها هذا الحدث، نحن بحاجة أن نرى الثورة برؤية موضوعية علمية، تقول للأجيال القادمة ما لها وما عليها، لكي نستفيد بكل منجازتها، ونتفادى كل عيوبها.

 

ومن جانبه رأى الشاعر والروائي أحمد فضل شبلول أن الأعمال الأدبية والفنية والوثائق التي قدمت حول ثورة 23 يوليو كثيرة جدا، ولكن هذا يطرح سؤال هام "من فيها الصادق ومن الكاذب"، مشيرًا إلى أنه حتى وثائق محمد حسنين هيكل هناك من يكذبها.

 

وأضاف "شبلول" في تصريح خاص لموقع "مصر العربية" إلى أن التاريخ لا يكتبه إلا المنتصرون من وجهة نظرهم، ولا يوجد حياد تام، مضيفًا "وأنا لم أعش الحقيقة كي أقارن، ولكن بصفة عامة أنا أحب جمال عبدالناصر، وأرى أن الستينيات وحتى ما قبل هزيمة يونيو ١٩٦٧ كانت فترة خصبة".

 

مقالات متعلقة