تقطيع «حمام الحير» يثير غضب أثريين: «جريمة».. والوزارة: لحمايته

حمام الحير بسيناء

حالة من الغضب تنتاب بعض الأثريين هذه الأيام، بعدما قررت وزارة الآثار فك وتقطيع عدد من المواقع الأثرية ونقلها إلى متاحف أخرى تحت الإنشاء، وهو ما اعتبروه آثريون بمثابة "جريمة ومصيبة" تهدد الآثار وتعرضه للتلف وتمحي شخصية المكان.

 

فبعد أن أعلنت وزارة الآثار بدء فك ونقل مقبرة "توتو وزوجته" المكتشفة في منطقة "نجع الشيخ حمد" بمحافظة سوهاج، إلى المتحف العالمي بالعاصمة الإدارية، جاء قرار نقل الحمام البطلمي "تل الحير" من موطنه بمنطقة ميناء بسيناء إلى متحف شرم الشيخ تحت الإنشاء.

 

أثارت قرارات الآثار بفك ونقل المواقع الأثرية جدل وقلق بين بعض الأثريين، ما دفهم لتدشين عدة هاشتاجات على مواقع التواصل الاجتماعي، منها "#وقفوا_تقطيع_ونقل_الاثار"، "#إنشروا_المصيبة"، "#نقل_المواقع_الأثرية_جريمة".

 

 

النقل لحمايته 

 

وكان المهندس وعد أبو العلا، رئيس قطاع المشروعات بوزارة الآثار، صرح بإنه سيتم نقل جزء من حمام تل الحير بشمال سيناء وهو -الدائرة التي كان يجلس عليها الأشخاص، بناءً على القرار الصادر مؤخرًا من اللجنة الدائمة للآثار المصرية بنقل الحمام لمتحف شرم الشيخ. 

وأضاف أبو العلا، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط،  أنه سيتم نقل ذلك الجزء لوضعه في قاعة الحضارات بمتحف شرم الشيخ والمخصصة لآثار العصرين اليوناني والروماني، ليتمكن من مشاهدته الزائرين لشرم الشيخ من مختلف أنحاء العالم.

 

وأكد أبو العلا أن خبرة الأثريين والمرممين المصريين تستطيع نقل أي قطعة أثرية بمهارة وبكفاءة دون الإضرار بالأثر. 

وأشار إلى أن الحمام بسبب موقعه يتعرض لعوامل الردم بسبب الرياح، إذ يقع في مستوى أقل من مستوى طريق القنطرة العريش جنوبًا، وتل الحير شمالاً، ونقله سيساهم في حمايته والحفاظ عليه. 

 

 

قصة "حمام الحير"

 

يعود تاريخ "حمام الحير" إلى العصر البطلمي وهو مبني بالطوب الأحمر على مساحة كبيرة تصل إلى 465 مترًا مربعا، وكان عبارة عن حمام طبي للاستشفاء من أمراض العظام.

ويقع تل الحير في الشمال عن طريق القنطرة العريش شرق قناة السويس، وتم الكشف عن الحمام من خلال بعثة هيئة الآثار المصرية وهو معروف بالحمامات الطبية أو حمامات الأقدام.

 

وحمام الحير مقسم إلى قسمين، أحدهما للاستحمام البارد والآخر للاستحمام بالبخار، والحمام له مدخلين، أحدهما يؤدي للقسم البارد والآخر يؤدي للقسم الساخن، وله فرن للتسخين وغرف لخلع الملابس وله قنوات للصرف وبئر لتغذية الحمام بالمياه وهذا النموذج هو الأول الذي يكشف عنه في شمال سيناء. 

فيما يقع متحف شرم الشيخ على طريق المطار على مساحة تبلغ 191.000م2، ويتكون من 9 صالات وقاعة للمؤتمرات وبدروم و عدد من المحال للحرف التراثية ومسرح مكشوف وعدد من المطاعم، ويعتبر المتحف أول متحف للآثار ومركز للحضارات ووجهة ثقافية وسياحية للمدينة.

واستأنفت وزارة الآثار العمل بالمتحف منذ شهر سبتمبر ٢٠١٨، بعد توقف دائم حوالي 8 سنوات في أعقاب ثورة يناير 2011 بسبب عدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة، وجاري الانتهاء من أعمال التشطيبات المعمارية بقاعات العرض والكافيتريات والمحلات التجارية والتي يبلغ عددها 17 محلاً بالإضافة إلى 11 محلاً للحرف الأثرية والتراثية.

 

 

آثريون:"التقطيع جريمة"

 

وشنت صحفة المرؤخون المصريون، على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، حملة تطالب فيها بوقف تقطيع ونقل الآثار، محذرة من خطورة ذلك على الاكتشافات الأثرية وتعرضها للتلف، وطمس لهويتها.

 

 

وجاء في نص ما نشرته الصفحة ضمن حملتها لوقف تقطيع الآثار:"مش بس مقبرة توتو وزوجته اللي هيتم نقلهاـ لا وزارة الآثار كمان حالياً بتخطط لتقطيع ونقل جزء من حمام الحير من موطنه في سيناء لمتحف شرم الشيخ اللي تحت الإنشاء".

 

وأضافت :"الموضوع المرة دي مختلف عن نقل مقبرة توتو لأنه تخطى فكرة إنك بتنقل أثر من مكانه ف بتعرضه للتلف لا ده أنت كمان عايز تنقل جزء وتسيب جزء يعني بتمحي وحدة وشخصية المكان يعني لو جيت تزوره لازم تزوره على مرتين وتكون في عقلك صورة متكاملة للمكان كان إزاي".

 

وتابعت:"ده مش مقبرة أكتشفت بتفرغ محتواياتها لا ده تدمير لموقع أثري مهم في سينا، و طمس لهويته وكمان بتفرغ سينا من رموزها اللي أصلا الإكتشافات الأثرية فيها قليلة جدا وده واحد من أهمها لأن ده نتاج عمل أول بعثة مصرية بتمويل مصري كامل يتم في سينا بعد تحريرها".

كما لقي قرار نقل "حمام الحير" إلى متحف شرم الشيخ، اعتراض عدد من الأثريين، على رأسهم عتراض على القرار من قبل الدكتور محمد عبد المقصود، أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق.

 

وقال محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار ومكتشف حمام تل الحير بشمال سيناء، إن الحمام يعد نتاج أول حفائر مصرية بعد تحرير سيناء عام ١٩٨٣ بتمويل من مشروع الدولة المصرية لتنمية سيناء في ذلك الوقت.

 

وأشار عبد المقصود، خلال تصريحات صحفية، إلى أنه لا يوجد أي سابقة في التاريخ لنقل حمام أو جزء منه من موقعه وعرضه في متحف، مطالبًا بتطوير موقع الحمام وترميمه والحفاظ عليه في مكانه، والحرص على عدم إخلاء شمال سيناء من آثارها. 

وأوضح :"إن كلمة نقل فى علم الآثار تعني فك وتركيب ونقل، مما يعرض هذا الأثر المهم للتلف خاصة وأنه يتكون من ٣٥ ألف قالب طوب أحمر مغطى بالملاط وبه بئر مياه على مساحة ٦ أمتار، فهو لا يتكون من قطعة واحدة كباقي القطع الأثرية التي يتم نقلها". 

 

الآثار: الحمام تعرض للخطر

 

وردا على موجة الغضب التي شنها أثريون ضد تقطيع ونقل "حمام الحير" قال الدكتور غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للترميم بوزارة الآثار، إن عملية فك ونقل حمام تل الحير بشمال سيناء إلى متحف شرم الشيخ، جاءت بسبب تعرض الأثر للخطورة التي تؤثر على ديمومته وتأتي الخطورة من بيئة الأثر نفسه أو من التلف البشرى أو غول عوامل التعرية الذي لا نستطيع مجابهتها.

 

وأشار سنبل، خلال تصريحات صحفية، إلى أن عملية نقل حمام تل الحير لم تكن الأولى وتم فك ونقل المقبرة المكتشفة بتل حبوة، ونقل أرضية من الموزاييك المكتشفة بمدينة بلوزيوم، وتم نقل التماثل الحتحورية من معبد سرابيط الخادم، وكذلك مشروع إنقاذ آثار سيناء الواقعة مسار ترعة السلام، ونقل العناصر المعمارية بتل الفضة الذي انتهى من الوجود تماما بعناصره الأثرية

 

وأوضح أن الحمام البطلمى بتل الحير تم ترميمه لأول مرة لكن تم ردمه بفعل الرمال المنقولة عن طريق الرياح، ولوقوع الحمام في مستوى أقل من مستوى طريق القنطرة العريش جنوب،  وكذا التل الأثري المعرف باسم تل الحير شمال لذا اصبح الحمام مصيدة لكل ما تحمله الرياح من رمال وأتربة مصدرها الطريق والتل الأثرى المرتفع عن مستوى الحمام بأكثر من ثلاث أمتار بعد مرور أقل من شهر.

 

واستطرد أنه تم عمل صيانة له أكثر من مرة لكن النتيجة الحتمية هي الردم والتلف من جراء الرياح والتأثير السلبى الذي حدث من الانفلات الأمني بسيناء كل هذه العوامل المعاكسة دفعت للتفكير في طريقة غير تقليدية لحماية هذا الأثر الهام وكلها باءت بالفشل فكان الحل الوحيد رفعه من مكانه والاستفادة به في واحد من أهم المتاحف الحدودية بسيناء وهو متحف شرم الشيخ.

 

 

مقالات متعلقة