تمثل الاقتحامات اليهودية الأخيرة للمسجد الأقصى المبارك في أول أيام عيد الأضحى حدثا مهماً في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، يكرس لسيطرة منظمات "الهيكل" المزعوم تدريجياً على أولى القبلتين وثالث الحرمين، وسط انبطاح عربي وإسلامي غير مسبوق.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفي محاولة لامتصاص انتقادات اليمين لإغلاق الشرطة الإسرائيلية باحات المسجد أمام المستوطنين ومنظمات "الهيكل"، قبل أن تفتحها لهم صرح قائلاً إن قرار فتح جبل الهيكل (الحرم القدسي) للمصلين اليهود قد اتخذ قبل ذلك بثلاثة أيام.
وقال نتنياهو :"يوم الخميس وبعد مشاورات مع كل العناصر الأمنية ذات الصلة اتخذت القرار: سوف يصعد اليهود هذه السنة ومثل كل سنة إلى جبل الهيكل في التاسع من آب، حتى إن تزامن ذلك مع عيد إسلامي- السؤال لم يكن أبدا هل سيصعدون، بل كيف ندير ذلك بالشكل الأفضل للأمن الجماهير، وهذا ما قمنا به بالظبط".
هذه التصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأحد، بعد أن تقرر السماح لليهود باقتحام المسجد الأقصى في أول أيام عيد الأضحى.
لكن نتنياهو كذب كعادته عندما تحدث عن "زيارة" اليهود سنوياً في هذا الموعد إلى المسجد الأقصى حتى إن كانت هناك أعياد إسلامية.
يقول موقع "walla" الإسرائيلي في تقرير له اليوم الثلاثاء :"يجب أن نعود فقط ست سنوات للوراء لإيضاح أن الأمر ليس "مثل كل سنة". فعلى سبيل المثال في الأعوام من 2011 إلى 2013 لم يكن يسمح بزيارة غير المسلمين (للمسجد الأقصى) في التاسع من آب والذي كان يتزامن مع شهر رمضان".
ويضيف الموقع :"لذلك فليس من المستغرب، أن تعتبر منظمات الصعود لجبل الهيكل ما حدث إنجازاً مهماً".
وينقل عن الناشط اليميني "أرنون سيجل" قوله :"أعتقد أن ما حدث أمس الأول(الأحد) هو إنجاز كبير، إنجاز تاريخي".
ويتابع "سيجل":أعتقد أنه منذ حرب الأيام الستة (يونيو 1967 التي احتلت فيها إسرائيل القدس) لم يحدث أن كان هناك عيد إسلامي استطاع فيه اليهود الصعود إلى جبل الهيكل. في إطار ما يسمى بالوضع الراهن (ستاتيكو)، هذه انطلاقة كبيرة للغاية. ومن المرات الأولى التي يتم فيها قلب الأمور في جبل الهيكل لصالح الجانب اليهودي".
من جانبه، يتوقع البروفيسور "يتسحاق رييتر" من معهد القدس للدراسات السياسية أن تتزايد الأزمات خلال الفترة القادمة حول المسجد الأقصى، واستغلالها سياسياً من قبل الحكومة الإسرائيلية القادمة، التي سيشكلها اليمين على الأرجح، في سياق السعي الإسرائيلي لتعزيز السيطرة اليهودية على الأقصى.
و"الوضع الراهن" (الستاتيكو) هو الوضع الذي ساد في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية أثناء الفترة العثمانية، واستمر خلال فترة الانتداب البريطاني لفلسطين والحكم الأردني وحتى ما بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967.
وكانت شرطة الاحتلال قد سمحت للمستوطنين واليهود المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى ثلاث مرات خلال أول أيام عيد الأضحى المبارك، واندلعت إثر ذلك مواجهات بين الشرطة والمحتجين الفلسطينين المرابطين داخل المسجد، كما اعتدت الشرطة على المصلين ما خلف نحو 61 إصابة في صفوفهم، تم نقل 16 منهم للمستشفيات في القدس حسب إحصائية لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
والسبت، أعلنت الأوقاف الاسلامية في القدس تأخير صلاة العيد الى السابعة والنصف بدلا من السادسة والنصف، وإغلاق كافة مساجد القدس وحصر صلاة العيد في المسجد الأقصى فقط، للتصدي لدعوات المستوطنين لاقتحام الاقصى فيما تسمى "ذكرى خراب الهيكل".
وتزامن أول أيام عيد الأضحى هذا العام، مع ما يسميه اليهود "التاسع من آب" (يحل في يوليو أو أغسطس)، وهو يوم حداد عام يغشى اليهود حزناً على كوارث أنزلت بهم، أهمها " ذكرى خراب الهيكل الأول " الذي دمره الكلدانيون على يد نبوخذ نصر في 586 ق.م.
وبحسب التراث اليهودي، فإن "التاسع من آب" سيتحول من يوم حداد إلى يوم عيد وفرح عندما يأتي المسيح وفقا للعقيدة اليهودية ويتم إقامة "الهيكل الثالث"، على أنقاض المسجد الأقصى.