مع تزايد أعداد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على مستوى العالم حتى وصلت إلى نحو 3 مليار مستخدم، بحسب إحصائية عام 2018، كثرت الدراسات التي تحذر من الآثار السلبية لاستخدامها، إلا أن دراسة حديثة بينت مدى خطورة هذه الوسائل على الأطفال والمراهقين وما تسببه من تنمر لديهم.
وهناك أكثر من 3 مليارات شخص يستخدمون وسائل الإعلام الاجتماعية، ويزداد العدد كل عام، ففي كل ثانية، هناك 11 شخصًا جديدًا يستخدمون الشبكات الاجتماعية لأول مرة.
وشهدت منطقة الشرق الأوسط نموا ملحوظا في استخدام الإنترنت والهاتف المحمول وشبكات التواصل الاجتماعي في 2018، وفق نتائج تقرير سنوي صدر عن منصة إدارة وسائل التواصل الاجتماعي هوت سويت مطلع 2019.
التنمر
وقد توصلت دراسة بريطانية حديثة، إلى أن الاستخدام المتواصل والمطول لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يسبب تنمر لدى الأطفال والمراهقين.
وتوصلت مجموعة من الباحثين البريطانيين إلى أن الاستخدام المتواصل لوسائل ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة لساعات طويلة يوميا، يمكن أن يؤدي إلى التنمر لدى الأطفال والمراهقين في العالم الافتراضي.
يؤثر على النفسية والجسد
وأشارت الدراسة إلى أن الأطفال والمراهقين الذين يقومون بشكل متواصل بالنشر أو حتى يكتفون بمجرد التعليق والإعجاب بما ينشره الأخرون على مواقع التواصل الاجتماعي، يخصصون وقتا أقل للقيام بأنشطة أخرى وخاصة النوم وممارسة الرياضة، وهو ما يؤثر عليهم بشكل سلبي نفسيا وجسديا.
ونوه الباحثون إلى أن المشكلة ليست في وسائل التواصل الاجتماعي نفسها، وإنما وقوع الأطفال والمراهقين فريسة للآثار السلبية بسبب عوامل أخرى متعلقة بمدى الانخراط في المجتمع الافتراضي.
ووفقا للدراسة، التي تم نشرتها مجلة "صحة الطفل والمراهقة" العلمية المتخصصة، يتوقف ذلك التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على مدى تعرض الفرد للتنمر عبرها، ومقدار ما يحصل عليه من نوم يوميا وما يمارسه من نشاط جسدي.
وأجرى الباحثون القائمون على الدراسة، التي نشرتها مجلة ذي لانسيت المتخصصة شؤون صحة الأطفال والمراهقين، مقابلات مع 12 ألف مراهق في مدارس إنجلترا على مدار ثلاث سنوات، وهي عينة بحثية تراوحت أعمارهم بين 13 و16 سنة.
كشفت عن أن الأولاد والفتيات الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من ثلاث مرات يوميا قد تصبح صحتهم العقلية أضعف ويعانون من قدر أكبر من الضغوط النفسية.
وأكد الباحثون على ضرورة أن تتضمن أي محاولة لتحسين الصحة النفسية، العمل على مكافحة التنمر الإلكتروني وتشجيع الأطفال والمراهقين على ممارسة نشاط جسدي والحصول على قسط كاف من النوم.
كما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن باحثين بريطانيون شاركوا في إعداد هذه الدراسة إن على الآباء منع استخدام الهواتف الذكية في غرف النوم بدءا من العاشرة مساء وتشجيع الأبناء في سن المراهقة على ممارسة نشاط رياضي.
وأشارت الدراسة إلى أن الفتيات أكثر عرضة للمضايقات على مواقع التواصل الاجتماعي، مما قد يعرضهن لضغوط نفسية، لكنها أوضحت أن الضغوط النفسية على الفتيان بسبب تصفح هذه المواقع تحتاج إلى مزيد البحث.
ويستخدم تسعة من كل عشرة مراهقين شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما ساعد على ظهور مخاوف تزايدت في الفترة الأخيرة حيال أثرها على الصحة والسلامة العقلية للشباب.
وحتى الآن، تتضارب الأدلة التي يوفرها العلماء على أضرار مواقع التواصل نظرا لعدم توافر بيانات تغطي فترات طويلة.
السلامة العقليلة والسعادة
وتحدثت الفتيات اللاتي شاركن في استطلاعات الرأي المتضمنة في هذه الدراسة عن تراجع إحساسهم بالسعادة، علاوة على تزايد شعورهم بالقلق في السنوات اللاحقة. لكن لم يذكر الأولاد ذلك.
وقال الباحثون القائمون على الدراسة إن هناك أدلة علمية على وجود علاقة قوية بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ومستوى الصحة والسلامة العقلية.
لكن بالنسبة إلى الفتيات، فكانت الآثار السلبية لاستخدام المواقع مرتبطة باضطرابات في النوم والمضايقات الإلكترونية. ويأتي في ذيل قائمة هذه الأسباب عدم ممارستهن للرياضة، وفي المقابل، كانت هذه العوامل أقل تأثيرا مع الفتيان.
وأشار الفريق البحثي المعد لهذه الدراسة إلى وجود اختلافات بين استخدام الفتيات والفتيان لمواقع التواصل الاجتماعي، لكن الأمر يحتاج إلى بحث أوسع، وأوضح أن هناك حاجة للمزيد من العمل لاكتشاف العوامل التي تتحكم في تعرض الأولاد لضغوط نفسية بسبب مواقع التواصل الاجتماعي.
انتشار الجهل
وكانت دراسة أمريكية حديثة أجريت في عام 2018، توصلت إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي؛ تعزز انتشار الجهل وتقضي على القراءة خاصة بين المراهقين.
ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست"، فإن عدد المراهقين الذين يقرأون الكتب والمجلات في الولايات المتحدة، بات أقل من 20%، رغم استخدام 80% من هذه الفئة العمرية لمواقع التواصل الاجتماعي الحديثة يوميا.
وأوضحت الدراسة أن الجيل الحالي، يستخدم شبكة الإنترنت بكثرة، مقارنة مع السابق عليه، الذي كان يطلع على وسائل الإعلام التقليدية ويقرأ المجلات والكتب.
وأكدت أن هناك إحصائية شملت مليون مراهق، أظهرت أن نسبة استخدام الميديا الرقمية، بين عامي 2006 – 2016، كانت مرتفعة جدا حيث تضاعف استخدام مواقع التواصل والإنترنت، خلال وقت الفراغ، كما تراجع الإقبال على القراءة من 60% في سبعينيات القرن الماضي إلى 33%، في تسعينيات القرن الماضي.