بالصور| «الجزيرة العارية».. قصيدة سينمائية تُصور صراع الطبيعة

الفيلم الياباني "الحقيقة العارية"

"الجزيرة العارية" فيلم مميز لأفلام الموجة الجديدة في السينما اليابانية التي ظهرت في عام 1960، ورغم أنه يدور في جزيرة معزولة ولا يقطنها سوى عائلة صغيرة، وينتمي لنوعية الأفلام الصامتة وبدون أي حوار إلا أنه خرج للنور وكأنه قصيدة سينمائية. 

 

تدور أحداث الفيلم الياباني "الجزيرة العارية The Naked Island" الذي عرضته لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، قبل قليل، في جزيرة غير مأهولة من "ارخبيل" اليابان، وصور المخرج معاناة عائلة من أربعة أفراد هم وحدهم فقط سكان تلك الجزيرة ذات الطبيعة القاسية.

 

والفيلم صامت يخلو من الحوار ولكن هناك شريط صوت لمؤثرات صوتية وموسيقى والصورة بالأبيض والاسود عبارة عن قصيدة سينمائية كتبت بكاميرا مخرج ومصور يتميزان بإحساس فني عال بقيمة الإنسان وصراعه في الحياة، إلى جانب جماليات المكان.  ومع اقتراب الكاميرا وابتعادها من شخصيات الفيلم وباختيار زوايا التصوير وزمنه إنما تكتب كلمات تلك القصيدة، زيادة على هذا تلعب قدرات الممثلين وإدارتهم دورًا هامًا جدًا في هذا العمل.

 

لا يخلق المخرج عالمًا مثاليًا رومانسيًا على تلك الجزيرة بل هو يصور ما تكابده تلك العائلة المؤلفة من أب وأم وولدين في تلك العزلة التي علينا ان نفكر ما ورائها.

 

تخلو الجزيرة من كل مقومات الحياة، وأبسطها الماء، سواء للشرب او لري زراعتهم البدائية في ارض رملية، فهم يحصلون عليه بنقله بقارب صغير ذهابا وإيابا عدة مرات في اليوم من جزيرة مجاورة هي نفس الجزيرة التي بها مدرسة أكبر ابنيهما.

 

في الفيلم العديد من المشاهد التي تستحق التوقف عندها وتأملها، ومنها: المشاهد المتكررة على امتداد الفيلم لرحلة الزوجين اليومية ذهابا وعودة في قارب خشبي بسيط يتناوبان على إدارته بالمجداف من الجزيرة إلى الجزيرة المقابلة لجلب كمية صغيرة من الماء، حيث لا تنتهي معاناة الابوين عند وصولهم بالماء للجزيرة فقط.  وبعدها لابد من حمله في دلاء تنقل على الكتفين في طريق جبلي وعر وضيق ومتعرج صعودا الى حيث يقيمون، وكذلك مشاهد ري المزروعات نبتة فنبتة بكميات قليلة من الماء، وهي مشاهد تتكرر في الفيلم فيما يشبه اللازمة الموسيقية.  

ومن أكثر المشاهد تأثيرا في الفيلم مشهد صفع الزوج لزوجته التعبة عندما اسقطت دلو الماء وهي تصعد الطريق الجبلي، ومشهد معاناة الأب وهو يبحث عن طبيب في الجزيرة المقابلة لإنقاذ طفله، كذلك مشهد قدوم زملاء الابن في المدرسة للمشاركة في جنازته.   

 

رغم قسوة تلك الحياة فان المخرج لا يقدم لنا مرثاة لحياة تلك العائلة بل أن الاهم هو ما يصوره من إصرارها على الحياة في مواجهة تلك القسوة التي زادها موت الابن الاكبر قسوة في جزيرة لا يوجد فيها طبيب، فبعد كل هذا تعاود حياة هذه الاسرة دورته!

 

يعتبر فيلم "الجزيرة العارية" واحدا من روائع السينما العالمية، فهو فيلم متكامل من النواحي الفنية: السيناريو والإخراج والتصوير والاستعمال المبدع للمؤثرات الصوتية والموسيقى والبناء المونتاجي المعبّر، إضافة الى جرأته في تصوير فيلم روائي لا يوجد فيه حوار أبدًا ولا يسمع فيه صوت بشري باستثناء شهقة ألم في أحد مشاهد الفيلم، وعناوين الفصول.

 

 

مقالات متعلقة