"هذه الشجرة ليست لنا.. هذه الشجرة ورّثها أجدادُنا لآبائنا ومن الآباء للأبناء.. تلك الشجرة ليست بأي ثمن، إنها مقدسة، تلك الشجرة حياتي وأنتم تريدون أخذ حياتي بعيدًا".. هذه الرسالة فيلم "شجرة الزيتون" The Olive Tree".
الفيلم الأسباني "شجرة الزيتون" للكاتب الأسكتلندي المعروف بول لفيرتي، والذي يشكل ثنائي مع زوجته المخرجة الإسبانية إيسار بولاين.
عرض فيلم "The Olive Tree" بمؤسسة عبد الحميد شومان، ويدور حول فتاة تدعى "ألما" في مقتبل العمر تعمل في مزرعة العائلة، وتجمعها علاقة خاصة بجدها لأبيها "رامون"، الذي حزن عميقاً عندما باع إبنه (والد ألما) رغماً عنه شجرة زيتون رومانية عريقة يزيد عمرها عن ألفي سنة من مزرعة الأسرة.
وبيع الشجرة، جاء من أجل تسديد الابن لديونه ويفتح مطعماً، الأمر الذي لم يحتمله رامون، ومنذ ذلك الحين امتنع عن الكلام، وراح كل يوم يقف على أطلال المكان الذي كانت الشجرة مزروعة فيه.
مع مرور الأيام راح الحزنُ والألمُ يتعمقان في قلب الجد لفراق تلك الشجرة، وأخذت حالته بالازدياد سوءا بعد أن امتنع عن تناول الطعام، مما دفع حفيدته "ألما" لتبدأ رحلة البحث لاستعادة تلك الشجرة -بعد كل هذه السنوات- علّها تعيد الحياة إلى روح جدها، وتحول دون موته من الحزن، وسافرت من إسبانيا الى ألمانيا - حيث تستقر الشجرة في ردهة احدى الشركات-بعد أن أقنعت كل من خالها وصديقها ليرافقاها في رحلتها.
يعكس عنوان الفيلم "شجرة الزيتون" العنصر الرئيسي الذي تتمحور حوله أحداث الفيلم، وإذا كان ارتباط الجد رامون العاطفي بالشجرة كبيراً، إلا أنّ مَا يَجمَعهُ بالشجرة أكبر من العاطفة، والشجرة تشكل بالنسبة للجد قيمة عالية، ورمز مقدس، وتاريخ، وهوية، وذاكرة، وإرث لا يمكن التفريط به وإقتلاعه من جذوره.
الفيلم غني بالأفكار التي يطرحها بهدوء، والتي يمكن للمشاهد أن يقرأ مستويات الدلالة المختلفة لها، وعلاوة على كون الشجرة هي الجذور والذاكرة بالنسبة للجد، فإن الأبناء والأحفاد هم الأغصان والفروع، هم الامتداد لهذه الشجرة، وكيف كانت العلاقة بين الأصل والفروع؟.
نلمس العلاقة الوثيقة والمحبة العميقة التي تربط الحفيدة بجدها، في الوقت الذي نجد أن هذا التماسك يصبح هشاً، وتلك الروابط الأسرية بين رامون وأبنائه تصبح مقلقة على محك الضائقة المادية، يذوي رامون بصمت شيئاً فشيئاً لعل ذلك يوقظ الإحساس بداخل أبنائه، ولعلهم يدركون قيمة ما يدافع عنه، الفكرة الجوهرية هذه التقطتها الحفيدة "ألما" وعزمت على استرداد ما قد تمت التضحية والتفريط به، فهل تنجح في رحلتها تلك؟.
يذكر أن، "شومان"؛ ذراع البنك العربي للمسؤولية الاجتماعية والثقافية، وهي مؤسسة ثقافية لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.