اعتبرت صحيفة "جارديان" البريطانية أن الأحداث الحالية في لبنان وتشيلي أثبتت عجز النخبة الحاكمة عن الاستجابة لشعوبها أو حتى فهم الاحتياجات الأساسية لهم في الوقت الذي ينشغلون فيه بجمع الثروات لأنفسهم.
جاء هذا في افتتاحية نشرته الصحيفة على موقعها الإليكتروني تحت عنوان: "وجهة نظر جارديان في احتجاجات لبنان وتشيلي: ما يقدم للمحتجين قليل جدا ومتأخر جدا".
واندلعت أكبر أزمة سياسية في تشيلي منذ العودة للديمقراطية قبل نحو 30 عاما بسبب زيادة أجرة المترو 3%، بينما ابتلعت التظاهرات لبنان وأصابته بالشلل بسبب الدعوة لفرض ضريبة مقترحة على تطبيق "واتس آب".
ولكن الأسباب الكامنة وراء هذه الاحتجاجات أعمق بكثير، وقد تراكمت على مدار فترة طويلة، وفقا للصحيفة التي ترى أن هناك غضب شديد من الأنظمة السياسية والاقتصادية التي تجاهلت غالبية السكان.
وأشارت إلى أن لبنان ظل مترنحا لسنوات بسبب الخلل السياسي الفساد المستشري، وقد حذر حاكم البنك المركزي من أن الاقتصاد الذي ظل مدعوما من التحويلات المالية الخارجية تفصله عن الانهيار حاليا عدة أيام.
ومؤخرا، تم الكشف عن أن سعد الحريري منح عارضة أزياء من جنوب أفريقيا 16 مليون دولار قبل أن يصبح رئيسا للوزراء، المبلغ الذي يلخص الهوة بين هؤلاء الذين يعيشون في القمة وباقي الشعب.
وفي تشيلي التي كان ينظر إليها على انها قصة نجاح اقتصادي، وكان حاكمها الملياردير سيباستيان بينيرا قد صور الدولة كواحة في نضال المنطقة.
وانطلاقا من هذه الأوضاع رأت الصحيفة أنه في الوقت الذي تطرح فيه الحكومات اقتراحاتها المتواضعة، تكون الحركات الاحتجاجية قد تجاوزات أسبابها الأولية.
فقد أعلن رئيس الوزراء اللبناني استقالته الثلاثاء، ومع ذلك يرى البعض أنه يبحث عن مصلحة سياسية.
كما أقال الرئيس التشيلي وزراء ولكن المحتجين في المدن أضرموا النيران واشتبكوا مع الشرطة في أعقاب الإعلان.
واعتبرت جارديان أن تطور حركات الاحتجاج حول العالم بسرعة كبيرة يرجع جزئيا إلى التطورات التكنولوجية وإلى أن المتظاهرين يشاهدون حملات مماثلة في الخارج.
وفي المقابل تظهر الحكومات غير قادرة على أخذ زمام المبادرة أو حتى الاستجابة السريعة لأسباب ليس أقلها أنه من الصعب على الأقوياء تقديم تنازلات أساسية تضعف سلطاتهم.
ومنذ نحو أسبوعين، انتشرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة اللبنانية ، التي تغذيها الظروف الاقتصادية الصعبة والغضب من الفساد الحكومي المتصور، في جميع أنحاء البلاد.
وردد المتظاهرون من جميع الأعمار والأديان وهم يشعرون بالبهجة والسعادة ويتطلعون إلى التغيير الأغاني الوطنية ورقصوا في الشوارع وشكل بعضهم سلاسل بشرية ورددوا هتافات تنادي بالإطاحة بقادة البلاد.
وسيطرت مشاهد تشبه المهرجانات على البلاد من العاصمة بيروت إلى البلدات النائية حيث صدحت مكبرات الصوت بالموسيقى بينما تدفقت الجماهير على الشوارع.
ويعد هذا أخطر نزاع في شوارع بيروت منذ عام 2008 عندما سيطر مقاتلو حزب الله على العاصمة في نزاع مسلح قصير الامد مع أنصار الحريري.
وأصيب لبنان بالشلل بسبب موجة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد فساد الطبقة السياسية المتفشي في الطبقة السياسية.
النص الأصلي