صور| «الأسطى فاطمة» تروى لـ«مصر العربية» قصة دخولها عالم ميكانيكا السيارات في الثمانينيات

الأسطى فاطمة.. امرأة تعمل ميكانيكي سيارات

فتاةٌ صغيرة اشتهرت في منطقة وسط البلد فترة الثمانينيات كونها دخلت إلى عالم ميكانيكا السيارات على غير العادة، بمهارتها وشطارتها بالدرجة التي دفعت سيدة تعرض عليها العمل بإيطاليا إلا أن الأب رفض خوفًا على نجلته، وامتد سيل العروض إلى أن طلبت منها أخرى تحمل الجنسية الفرنسية  أن تصبح الأسطى الصغيرة سائقتها الخاصة.

 

 

مرت الأعوام، وتجاوز عمر الفتاة الصغيرة الآن الخمسين، تواصلت (مصر العربية) مع "فاطمة سيد" تلك السيدة التي تقطن الآن بحي فيصل وكانت محط أنظار الجميع في الثمانينيات، سواء من قاطني المحروسة أو كاميرات كبرى الصحف المصرية والعالمية التي كانت تقصدها كي توثق قصتها في تلك الفترة الزمنية، بعد دخولها عالم تصليح السيارات.

 

 

كانت "فاطمة" تنزل برفقة والدها وهي في الابتدائية ابنة الـ 13 عامًا تقف معه بمحل "رفي الملابس" في منطقة وسط البلد، فترة الثمانينات، جذب انتباه الصغيرة حينها ما يقوم به صاحب المحل المجاور بفك وتركيب أجزاء السيارات واصلاح التالف منها.

 

 كانت ترمقه في صمت واحيانًا يقودها فضولها لسؤاله فيبادلها الاجابة دون أن يبخل عليها بمعلومة -حسبما أخبرتنا- ومع الوقت صارت ماهرة وكلما كان يحتاج جارهم الميكانيكي لشئ ينادي : "فاطمة"،  وبات يعتمد  عليها حتى أصبحت بمثابة ساعده الأيمن فيترك لها الورشة تديرها وتنهي أي أعمال بها حينما كان يغيب لبعض الساعات كونه يعمل بالمطار، فتحل هي محله.

تقول "فاطمة" التي تبلغ من العمر الآن ال 52 عامًا:  لم يمانع أبي للعمل مع الباشمهندس الله يرحمه نظرًا لأن الورشة مجاوره للمحال الخاصة بنا فكنت دائمًا تحت نظره.

"شربت الصنعة وكرهت الدراسة ومكملتش وفضلت معاه في الورشة فترة كبيرة جدًا إلى أن أصبح عمرى 17 سنة"؛ بتلك العبارة استكملت فاطمة قصتها وهي توضح كم أنها باتت تعشق ما تعمله.

وعن المقابل الذي كانت تتقاضاه الصغيرة نظير عملها تقول: " في الأول خالص أول ما بدأت 75 قرش وبعدين خدت جنيه لحد ما وصلت وبقيت اخد منه في اليومية 10 جنيه".

 

كانت "فاطمة" تعمل من الثانية عشرة ظهرًا حيث تذهب إلى منطقة وسط البلد مع والدها تفتح له المحل وتراعيه -حسب تعبيرها- حيث تقول: "بشوفه لو عايز اي حاجة اعملها له وبعدين بفتح الورشة وافضل فيها لحد الساعة 8 واروح مع والدي".

 

تنهمك  "فاطمة"  في عملها بالورشة الكائنة أمام جريدة الجمهورية، بعد ارتداء أفرولًا وطاقية  يكسوهما الشخم هما وبعضًا من تفاصيل وجهها، ما جعل البعض لا يصدق أن تحت هذه الثياب  فتاة جميلة..

 

 ونظرًا لأن فكرة عمل فتاة في هذا المجال لم يكن مألوفًا على الإطلاق آنذاك، فكان البعض يتجرأ ويسألها "انت ولد ولا بنت".. مع الوقت باتت  "فاطمة"  تستاء حينما يظن البعض  أنها صبي وليست فتاة، وهو ما جعل  زملائها في المجال ينصحوها قائلين: "متضايقيش هاتي حلق ونلبسهولك ومحدش هيفتكر انك ولد تاني".

 

 

انهالت عروض مغرية على الصغيرة التي باتت مقصد صحفيين مصريين وأجانب ايضًا، حيث عرضت عليها سيدة ايطالية السفر للعمل في مجال تصليح السيارات بإيطاليا إلا أن والدها رفض  كونها لا تريد أن تكون بعيدة عن نظره، ولهذا السبب ايضًا اعتذر الأب عن العرض الذي جاء لها بالعمل في مصر للسيارات. 

 

وذات يوم جائها عرضت عليها سيدة فرنسية أن تعمل سائقة لديها، وبالفعل ذهبت "فاطمة" وبدأت العمل معها حيث تقول  بفخر : "أنا اللي علمت  نفسي السواقة أنا فاكرة كل ما كانت يجي لي زبون الورشة كنت أنا اللي بحرك العربية بتاعته". 

عملت "فاطمة" ايضًا سائقة لدي شخص سعودي، وتابعت قائلة: حينما كبرت عملت ببنزينة أمام الجامعة، وانتقلت في الفترة  التي كان عمري بها من 16 عام وحتى 18 عامًا  للعمل بورشة سيارات بفيصل، مع اناس كانت تعمل معهم في وسط البلد. 

 

وانتهى عهد "فاطمة" بعالم ميكانيكا السيارات مع زيجتها حيث تزوجت من موظف وصارت أم تفرغت لتربية ابنائها، الذين يفتخرون بها اليوم  وبقصة كفاحها وتحديها حينما كانت فتاة صغيرة. 

 

مقالات متعلقة