«خلع الحجاب» يثير الجدل.. وأزهريون: فريضة لا تقبل الاجتهاد

الفنانة صابرين

في كل مرة تقرر فيها فنانة خلع الحجاب، وما يصاحبها من فتاوى غير رسمية بأن الحجاب ليس فريضة، وظهور دعوات لخلع الحجاب، وهو ما يثير ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحالة واسعة من الجدال بين مؤيد ومعارض، حتى أن تدخل مركز الأزهر للفتوى ليحسم ذلك الجدال. 

 

ما جدد تلك الضجة حول الحجاب، حين نشرت الفنانة صابرين صورة لها، عبر انستجرام، لأول مرة بدون حجاب، إذ انتقد الكثير من متابعيها خلعها الحجاب، كما تعرضت غيرها من الفنانات اللاتي اتخذن هذه الخطوة، ولكن ما كان مثيرا للجدال، ما تردد من البعض بأن الحجاب ليس فريضة، وظهور دعوات لخلعه.

 

"صابرين" ليست الأولى 

 

لم تكن الفنانة صابرين الأولى أولى الفنانات اللاتي خلعن الحجاب، فسبقها بعض الفنانات بعد سنوات من ارتدائهن الحجاب، ومنهن الفنانة حلا شيحة، التي تعرضت لهجوم كبير بعد خلع الحجاب بعد 12 عام من ارتدائه، بينما أيدها في ذلك آخرون. 

 

ومن قبلهن كانت الفنانة سهير رمزي، ذات الـ 69 عاما، كانت قد قررت خلع الحجاب بعد سنوات طويلة من ارتدائها له، إذ اعتزلت التمثيل في عام 1993 وارتدت الحجاب، ولكن في عام 2006 أعلنت عودتها للفن وظلت مرتدية الحجاب، قبل أن تخلعه مؤخرا.

 

على نفس المنوال قررت الفنانة عبير صبري خلع الحجاب في عام 2007 بعد نحو 5 أعوام من ارتدائه، مبررة ذلك بأن الحجاب أضاع عليها فرص كثيرة في التمثيل ويقيدها عن العمل، وأنها تسعى للحصول على فرص كبيرة في مجال الفن.

 

وفى عام 2002 ارتدت الفنانة الراحلة ميرنا المهندس الحجاب بعد إصابتها بمرض السرطان، لكنها خلعت الحجاب وعادت للساحة الفنية، حينما استقرت حالتها الصحية.

 

انتقدات للحجاب 

 

وقبل أيام ظهر رجل الأعمال نجيب ساويرس، منتقدا للحجاب، حتى تصدر التريند على جوجل بسبب تصريحاته عن الحجاب.

 

فقد كتب ساويرس، عبر حسابه على توتير :"إذا أراد الله أن تكون المرأة محجبة لخلقها بالحجاب".

 

في السياق نفسه كانت الكاتبة فريدة الشوباشي قد هاجمت الحجاب، إذ قالت إن ارتداء الحجاب انتشر مع انتشار أفكار جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، وهم من روجوا إلى ارتدائه، ولكنه ليس من فرائض الإسلام. وقالت الشوباشي،  فى تصريحات إعلامية سابقة: ''إن الحجاب أتفرض على المصريين فى الـ30 سنة اللى فاتوا''.

 

فريضة لا تقبل الاجتهاد  

 

وتعليقا على حالة الجدل التي انتشرت مؤخرا حول الحجاب، قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر السابق :"لا أدري سببا لهذا اللغط المشتعل على المواقع وصفحات التواصل، وشغل الناس بفلانة ارتدت الحجاب وكأنها دخلت الإسلام، وفلانة خلعت الحجاب وكأن الإسلام قد أصيب في مقتل بفعلها هذا، وفلان صرح، وعلان رد عليه، وفلان تراجع عن تصريحاته، والأزهر يحسم الجدل في مسألة الحجاب، وكأنها كانت مسألة عالقة غير محسومة ....الخ".

 

وأضاف شومان، عبر حسابه على فيس بوك :"ياسادة الحجاب حكمه معروف وليس محل خلاف ولا اجتهاد حتى يخوض فيه من يعرف ومن لايعرف، ولن يزيد الإسلام قوة ارتداء واحدة أو أكثر له، ولن ينتكس الإسلام بخلعهن له، فمن ارتدته فقد التزمت فريضة من فرائض دينها، ومن خلعته فقد ضيعت فريضة، وأمرها إلى الله وليس للعباد".

 

وتابع :"ولا أعتقد أن الناس يتابعون أخبار من يصلون ويزكون ويصومون ومن يحجون ومن يتركون، فهل يرون الالتزام بالحجاب من عدمه قضية أهم من ترك أركان الإسلام أو الالتزام بها؟!!!".

 

واستطرد :"أعتقد أن العالم بأسره لن يعجب بنا ونحن نشعل مواقع التواصل وغيرها بقضية حسمت قبل مايقارب خمسة عشر قرنا من الزمان، بينما هم ينشغلون باستشراف آفاق المستقبل وكيفية التعاطي مع ماقد يتوصل إليه العلماء من مخترعات، ويبحثون عن كيفية استعمار الفضاء للعيش فيه بعد أن وصلوه باحثين ووقفوا على كثير من أسراره، وحتى لايحرف كلامي عن سياقه ويحوله البعض إلى مسار تهميش قضية الحجاب".

 

وشدد شومان أن الحجاب فريضة محكمة لاتقبل الاجتهاد، ولكن لاتحتاج لهذا اللغط الذي لن يضيف أي جديد، مضيفا :"فلنشغل الناس بإعلامهم وتعليمهم ماجهلوه، فقد سألتني إحداهن عن حكم زواجها سرا لتحتفظ بمعاشها الكبير، وأثناء مناقشتها تبين أنها متزوجة من شخصين عرفيا، والأدهى أن هذا لايقلها، لأن الأول تركها من دون طلاق وهو سيء الخلق بينما الثاني رجل طيب، وإنما يقلقها حكم المعاش الذي تتقاضاه".

 

 

الباب الموارب

 

فيما قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن المرأة عليها أن تقبل فرضية الله للحجاب، وأن تتعامل معه بسياسة الباب الموارب ولا ترفضه بشكل قطعي، مشددًا على أن كل امرأة ثبت يقيننا أنها سترتدي الحجاب عند الدفن.

 

وأضاف الجندي، خلال حلقة برنامجه «لعلهم يفقهون» المذاع عبر فضائية «dmc»، أمس الخميس: «بيزعلوا مننا لما بندعو للحجاب ويسمحوا لنفسهم بالدعوة لخلع الحجاب».

 

 

خلع الحجاب "معصية"

 

في السياق نفسه قال الشيخ أشرف الفيل، الداعية الإسلامي، إن المرأة التي تُقدم على خلع الحجاب هي حرة في قرارها، على الرغم من إنها عاصية، معتبرا أن الكارثة هي دعوتها لأخريات للتخلي عن الحجاب.

 

وأضاف الفيل، خلال حديثه ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "دي إم سي"، إن القرآن الكريم لم يُصدر الحكم على العاصي وخاطبهم بأنهم مؤمنين، وهذه لفتة من القرآن بعدم جواز إطلاق الأحكام على العصاة، إذ يدعي البعض إفكًا أن العاصي يخرج من الملة وهذا أمر غير صحيح.

وشدد الفيل أن التزام المرأة بالحجاب يساعدها على أن يُعاملها المجتمع باعتبارها عقلا ناجحا، وفكرا مثمرا، وعامل بناء في تحقيق التقدم والرقي، وليس باعتبارها جسدا وشهوة.

الأزهر يرد

 

فيما نشر مركز الأزهر للفتاوى الإلكترونية، فتوى تؤكد أن الحجاب فرض بنصوص قرآنية قطعية الثبوت والدلالة، وذلك ردا على ما انتشر في الأونة الأخيرة من أفكار وفتاوى تدَّعي عد فرضية الحجاب.

 

وقال مركز الفتوى، في بيانه، إنه لا شك أن مثل هذه الأفكار إنّما هي ادعاءاتٌ لا تمت للإسلام بصلة، مؤكدا أن الحجاب فرضٌ ثبت وجوبُه بنصوص قرآنيةٍ قطعيةِ الثبوتِ والدلالة، وليس لأحدٍ أن يخالف الأحكام الثابتة، كما أنه لا يُقبل من العامة أو غير المتخصصين - مهما كانت ثقافتهم- الخوض فيها.

 

واستشهدت الفتوى ببعض من آيات القرآن الكريم قطعية الثبوت والدلالة التي نصت على أن الحجاب فرض على كل النساء المسلمات، ومنها قول الله ﷻ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ...} [النور: 31]، وقوله ﷻ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59].

 

واستطرد البيان :"إن المتأمل بإنصاف لقضية فرض الحجاب يجد أنه فرض لصالح المرأة؛ فالزي الإسلامي الذي ينبغي للمرأة أن ترتديه، هو دعوة تتماشى مع الفطرة البشرية قبل أن يكون أمرا من أوامر الدين؛ فالإسلام حين أباح للمرأة كشف الوجه والكفين، وأمرها بستر ما عداهما، فقد أراد أن يحفظ عليها فطرتها، ويُبقي على أنوثتها، ومكانِها في قلب الرجل".

 

وتابع :"وكذلك التزام المرأة بالحجاب يساعدها على أن يُعاملها المجتمع باعتبارها عقلا ناجحا، وفكرا مثمرا، وعامل بناء في تحقيق التقدم والرقي، وليس باعتبارها جسدا وشهوة، خاصة أن الله ﷻ قد أودع في المرأة جاذبية دافعة وكافية لِلَفت نظر الرجال إليها؛ لذلك فالأليق بتكوينها الجذاب هذا أن تستر مفاتنها؛ كي لا تُعامل على اعتبار أنها جسد أو شهوة".

 

واستطرد :"الطبيعة تدعو الأنثى أن تتمنع على الذكر، وأن تقيم بينه وبينها أكثر من حجاب ساتر، حتى تظل دائمًا مطلوبة عنده، ويظل هو يبحث عنها، ويسلك السبل المشروعة للوصول إليها؛ فإذا وصل إليها بعد شوق ومعاناة عن طريق الزواج، كانت عزيزة عليه، كريمة عنده".

 

وأكد أن الذي فرضه الإسلام على المرأة من ارتداء هذا الزي الذى تستر به مفاتنها عن الرجال لم يكن إلا ليحافظ به على فطرتها.

 

وأهاب الأزهر بمن يروِّجون مثل هذه الأحكام والفتاوى أن يكفُّوا ألسنتهم عن إطلاق الأحكام الشرعية دون سند أو دليل، وأن يتركوا أمر الفتوى للمتخصصين من العلماء، وألا يزجّوا بأنفسهم في أمور ليسوا لها بأهل، وأن ينتبهوا لقول الله ﷻ: {وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَـٰذَا حَلَـٰلࣱ وَهَـٰذَا حَرَامࣱ لِّتَفۡتَرُوا۟ عَلَى اللهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَفۡتَرُونَ عَلَى اللهِ ٱلۡكَذِبَ لَا یُفۡلِحُونَ} النحل: 116.

مقالات متعلقة