لسنوات طويلة غابت المسلسلات الدينية عن المشاركة في الدراما التلفزيونية، وبعيدا عن الأسباب وراء ذلك، إلا أنها ستعود في شهر رمضان القادم، من خلال مسلسل يتناول سيرة القائد العسكري "خالد بن الوليد"، والذي أصبح محل جدل لاسيما بعد دعوة الإعلامي إبراهيم عيسى لوقفه بدعوى أنه هذا ليس وقت لاستعراض الغزوات والفتوحات.
يتناول مسلسل "سيف الله " سيرة الصحابي الجليل القائد خالد بن الوليد، وهو تأليف الكاتب الشاب إسلام حافظ، ومأخوذ من كتاب "عبقرية خالد"، للكاتب الكبير عباس محمود العقاد.
سُيعرض المسلسل خلال شهر رمضان 2020 بعد مناقشة دامت 4 سنوات بين المخرج رؤوف عبد العزيز والمنتج تامر مرسي، لكونه يحتاج إلى تحضيرات خاصة تتناسب مع طبيعة العمل.
دعوة لوقفه "ليس وقت غزوات"
ورغم الغياب الطويل للمسلسلات الدينية من الدراما المصرية، إلا أن الإعلامي إبراهيم عيسى دعا إلى وقف إنتاج مسلسل "سيف الله المسلول" الذي يتناول قصة خالد بن الوليد، وهو أحد القادة العسكريين البارزين في التاريخ الإسلامي.
ويرى عيسى أن هذا الوقت ليست وقت الغزوات والفتوحات واستعادة الخلافة، بل وقت أن يعرف الناس تاريخ مصر في مواجهة المتاجرين بالدين والخلافة.
وقال عيسي، في تغريدة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر:"بعد النجاح الرائع لمسلسل ممالك النار أرجو أن تتراجع شركة الانتاج المصرية فورا عن انتاج مسلسل خالد بن الوليد. هذا ليس وقت الغزوات والفتوحات واستعادة الخلافة بل وقت أن يعرف الناس تاريخ مصر في مواجهة المتاجرين بالدين وبالخلافة".
يتناول مسلسل ممالك النار قصة السلطان المملوكي طومان باي في مصر في مواجهة السلطان العثماني سليم الأول، ويعرض على قناة MBC والذي أثار تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي.
برلماني يؤيد الدعوة
وتضامن البرلماني محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب، مع دعوة الكاتب والإعلامي إبراهيم عيسى، لوقف إنتاج مسلسل خالد بن الوليد.
وقال أبو حامد، في تغريدة له عبر تويتر :" أتفق تماما مع هذا الكلام كفانا تغييب للعقول وتزييف للوعي بوهم الخلافة وأكاذيبها".
أزهري: نستلهم "العزة والكرامة"
تعليقا على دعوة إبراهيم عيسى لوقف إنتاج مسلسل خالد بن الوليد، قال الدكتور محمد عبد العاطى، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر فرع القليوبية، إنه ليست في سيرة صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم أو السلف الصالح ما يعكر صفو الجيل الحاضر، أو صفو المجتمع، إنما في سيرتهم النور والضياء والخير والبهاء.
وأضاف عبد العاطي، لـ"مصر العربية" نحن نستلهم من سيرة خالد بن الوليد العزة والكرامة ووسيطة الدين والفهم الصحيح والعميق لكلام الله عز وجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصحابة نشروا الإسلام بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، وأضاءوا الأرض من خلال منع الناس بأن يكفروا بالله، ودعوتهم لعبادة الله واللجوء إليه.
وتابع :"ليتنا نقتدي بصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد قال عنهم إن أصحابي كالنجوم بإيهم اقتديتم اهتديتم، وخالد بن الوليد كان صحابي جليل وسيف الله المسلول، وله قيمة وقامة في الأمة الإسلامية ونصرة الإسلام".
أما عن لفظ الغزوة التي يرى البعض أنها ترويج للعنف، فيقول عبد العاطي إن ما يدعو للعنف ليست الغزوة في حد ذاتها، وإنما العرض السيء لها، موضحا أن الغزوات بمعنى مطاردة الناس في معايشهم وسلبهم كل ذلك هو ذلك، ولكن ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته لم يكن كذلك، بل انهم كانوا ينشرون النور والضياء والتوحيد ويخدمون الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها.
واستطرد :"وإذا كان مصطلح الغزوة صعب ويراه البعض يدعو للعنف، فلنغيره، وليختار إبراهيم عيسى وغيره المصطلح الذي يروق لهم، اتركوا كلمة غزوة وابحثوا عن أخرى، فإن العبرة بالمضامين وليست بالألفاظ".
الشناوي: المهم التناول الصحيح
ويقول طارق الشناوي، الناقد الفني، إن خالد بن الوليد لم يكن عدواني أو يُقاتل في الشر، وإنما كان يُقاتل في الخير، ولابد في العمل الفني أن نظهر الجانب الإنساني في حياته، والجوانب الإنسانية تخرج عمل فني عظيم.
وأضاف الشناوي لـ"مصر العربية" أن المهم في عمل "سيف الله" هو المعالجة نفسها، وكيف نقيم خالد بن الوليد، وهل سيكون مسلسل قوي أم لا، مشددا أن الإسلام لم يدع للعدوان، والمسلم لم يكن باغي ولا سفاح ولا قاتل ولا ظالم وإنما يدافع عن نفسه.
وأشار إلى أنه سيرة خالد بن الوليد سبق أن تم عرضها في أكثر من عمل فني، منها للمخرج الأردني "محمد عزيزة"، كان جيد جدا، وفيلم كان بطولته حسين صدقي ولكنه متواضع، موضحا :"الفكرة كلها في كيف يُقدم العمل، فأنا لست ضد المسلسل على الإطلاق، الفكرة هل سيكون مسلسل قوي أم لا".
وأردف :"في هذا الزمن لا يمكن قبول مسلسل ضعيف، فلابد أن يكون الإنتاج حريص على الإنتفاق لأن المعارك مكلفة للغاية، وأن يعرض الزمن والعصر وفقا للأحداث، وأن يعرض التفاصيل التاريخية بشكل دقيق وصحيح".
وتابع :"ربما أن إبراهيم عيسى دفعه لكتابة البوست التجارب السابقة السيئة، ولكن نحن لا يمكن أن نصادر على المستقبل، فيمكن أن تكون تجربة جيدة واتعملت صح".
وأرجع الشناوي سبب غياب المسلسلات التاريخية والدينية الفترة الماضية إلى تكلفتها العالية، وفشل بعضها مثل المسلسل "الظاهر بيبرس" بسبب ضعف الإنتاج مقارنة بالمسلسل السوري عن نفس الشخصية.
جمال بخيت يهاجم "سيف الله"
وسبق أن هاجم الشاعر الكبير جمال بخيت مسلسل "سيف الله" الذي سيعرض خلال شهر رمضان، قائلا:"هو ليه المسلسل التاريخي المصري يبقى خالد بن الوليد أو هارون الرشيد؟ هو ما ينفعش يبقى أحمس أو رمسيس التاني أو حتشبسوت أو تحتمس التالت أو حور محب؟".
وأضاف بخيت، عبر حسابه على فيس بوك بتاريخ 6 نوفمبر الجاري :"بلاش التاريخ المصري القديم، خلينا في التاريخ المصري الحديث، ما ينفعش نعمل مسلسل عن الجبرتي؟ طيب الطهطاوي؟ طيب أحمد عرابي؟ طيب سعد زغلول؟ طيب طلعت حرب؟
واستطرد :"بلاش يا سيدي.. حضرتك بتحب التاريخ الإسلامي وبتموت في الإسلام والمسلمين، إيه رأيك في ابن سينا أبو الطب؟ طيب الحسن ابن الهيثم عالم البصريات؟ طيب الخوارزمي "الجبر"؟ طيب ابن خلدون "الاجتماع"؟ طيب أبوبكر الرازي؟ طيب جابر بن حيان؟ طيب ابن رشد؟ ولا العلماء والفلاسفة مالهمش تأثير في التاريخ وما ينفعوش قدوة للأجيال الجديدة؟".
وأنهى حديثه قائلا: "الغرب بيخطف عقول الشباب بحروب الكواكب، وإحنا لما قررنا نعمل مسلسل تاريخي، هنطلّع السيف والحربة والحصان من المخازن".
مؤلف المسلسل يرد: مصدوم
ومن جانبه رد السيناريست إسلام حافظ، مؤلف مسلسل "سيف الله"، على هجوم الشاعر الكبير جمال بخيت، الذي طالب بالاهتمام بالتاريخ الفرعوني، أو الاهتمام بالشخصيات الإسلامية مثل "ابن سينا".
وكتب حافظ، عبر حسابه على فيسبوك: "حضرتك معترض وشايف إن فيه شخصيات تاريخية أهم من خالد بن الوليد زي أحمس ورمسيس الثاني وأحمد عرابي وابن سينا وابن خلدون، وكل من ذكرتهم شخصيات تستحق أعمال تخلدهم، لأنهم بالفعل أثروا في التاريخ، لكن حضرتك معترض وبتسأل لماذا خالد بن الوليد؟".
واستطرد :"حضرتك بتتريق وبتقول بتحب التاريخ الإسلامي وبتموت في الإسلام والمسلمين، أنا مع إعلاني عن المشروع قُلت إنه أحد أحلامي أعمل السيرة الذاتية لخالد بن الوليد والسيرة الذاتية لأحمس وضيف عليهم كليوباترا".
وتابع :"قلت إني في قمة سعادتي إن فيه منتج مصري متحمس وبيجازف بمشروع زي ده، أنا بجد نفسي أفهم إيه اللي يمنع حضرتك مثلا يعني تتمنى يطلع عمل مشرف خصوصا إنه إنتاج مصري أو أبسط شيء تقولنا بالتوفيق، ولا هو لازم تنظير وخلاص؟".
وأردف :"عموما، آه يا أستاذ أنا بحب التاريخ الإسلامي، وهذا ليس إدعاء للفضيلة أو بسبب نزعة دينية، يا أستاذنا مصر جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية بمعناها الثقافي والاجتماعي وليس الديني فقط، والأمة الإسلامية والإسلام جزء لا يتجزأ من تاريخ الإنسانية، فقد أثر فيها بشكل كبير، وما زال، وسيظل سواء اختلفت أو اتفقت معه، وخالد بن الوليد أحد الرموز المهمة، ومن أهم القادة العسكرين في التاريخ، سواء أنت مع أو ضد ما صنعه، فهو في النهاية شخصية درامية من الطراز الأول لهذا نصنع مسلسلا عن خالد بن الوليد".
واستطرد: "أنا اتعلمت من حضرتك حاجات كتير جدا، أنا دخلت كلية الإعلام بسببك، أنا مصدوم لأني كنت منتظر منك دعم وللأسف لم أجده".